إن معنى كلمة “خسوف” يتعدى مصاص الدماء والمستذئب في الجزء الثالث من سلسلة الشفق الذي بدأ عرضه في بعض القاعات السينمائية العالمية الأربعاء الماضي. إلا أن عرض هذا الفيلم يتزامن مع فترة حدوث نوعين من الخسوف الحقيقي، ألا وهما خسوف القمر الجزئي الذي حصل مؤخراً، وخسوف الشمس المتوقع يوم الأحد القادم 11 يوليو. كانت دراسة الخسوف جزءًا لا يتجزأ من علم الفلك منذ ظهوره، وظلت ظاهرة الخسوف مُذَّاك من أروع العروض السماوية وأكثرها أسراً للألباب. فأول خسوف للقمر لعام 2010 حدث آخر سبت من الشهر المنصرم (26 يونيو) وكان مرئياً في الأمريكيتين والمحيط الهادى وشرق آسيا. بيد أنه كان خسوفاً جزئياً للقمر، بحيث لم يشمل إلا جزءًا بسيطا من الأرض. موعد العرض ينتظر العالم الخسوف الثاني لهذا العام في 11 يوليو الجاري والذي سيكون هذه المرة شمسياً وليس قمرياً، إذ سيخلق خسوفاً كلياً يمتد عبر ممر ضيق من النصف الجنوبي من الكرة الأرضية. ويحدث خسوف الشمس عندما تكون الأرض والقمر والشمس على خط واحد في نفس المستوى، وبحيث يتموضع القمر ما بين الأرض والشمس. أما خسوف القمر، فيحدث عندما يكون القمر خلف الأرض، وهو ما يحجب أشعة الشمس ويمنعها من الوصول إلى سطح القمر. ولدى خسوف القمر، تقع الأرض والشمس والقمر على خط واحد أو توشك، مع تموضع الأرض في الوسط. أكثر سخاءً توضح ميتزي آدمز، عالمة الفلك الشمسي في وكالة الناسا (الإدارة الوطنية للملاحة الفضائية والفضاء) الأميركية، المسألة بالقول “إن نوع الخسوف وطوله يتوقفان على موقع القمر بالنسبة لنقاط التقائه المدارية، وهي النقاط التي يمر منها القمر من مدار الشمس الظاهري في السماء”. وتضيف “يدوم خسوف القمر بضع ساعات، بينما لا يدوم خسوف الشمس الكلي إلا دقائق معدودات”. وقالت آدمز، خلال محادثة لوكالة الناسا عبر الإنترنت مؤخراً “إن أطول خسوف شمسي كلي دام حوالي سبع دقائق”. إلا أن أول خسوف شمسي لهذا العام، والذي كان من النوع الحلقي، وحدث يوم 15 يناير، دام فترة أطول، لكنه لم يكن كلياً. فهذا الخسوف الشمسي الحلقي الذي يغطي خلاله القمر جزءاً كبيراً من الشمس دام أكثر من ثماني دقائق فوق بعض الأجزاء من قارة آسيا. الأنسب شمسياً تقول آدمز “إن رؤية خسوف شمسي عبر التلسكوب قد يمثل خطراً على الرائي”. وتضيف “يجب أن تكون لديك المصفاة المناسبة. وأسلم طريقة لرؤية خسوف الشمس هي الطريقة التي يُصطلح عليها الإسقاط، بحيث تُنْزَع عدسة المجهر خارجاً، وتُسْقَطُ الصورة على صفحة ورقة خلف التلسكوب، دون النظر إلى الشمس مباشرةً. وتُحَرَّكُ هذه الصفحة إلى الأمام والخلف بغاية الحصول على بؤرة الصورة المرغوب في رؤيتها بوضوح”. وبينما يتوقع نُظَّار السماء حدوث الخسوف الشمسي القادم يوم 11 يوليو الجاري، فإن الخسوف القمري المقبل لن يحدث إلا يوم 21 ديسمبر. ولا تنطوي رؤيته بالعين المجردة على أية مخاطر صحية، تقول آدمز، على الرغم من أن البعض يفضل رؤيته باستخدام التلسكوب. دون تلسكوب تفيد آدمز “يُعَدُّ النظر إلى الخسوف القمري باستخدام التلسكوب آمناً، إلا أن الناظر لا يحتاج إليه في الحقيقة، فَعَيْنَا الإنسان تفيان بالغرض في هذه الحالة. إذ يكفي أن يتمشى الإنسان في الفناء الخلفي لبيته لرؤيته في حال لم تكن السماء ملبدة بالغيوم. وعلى العموم، يُفضَّل رؤية الخسوف بالعين المجردة، غير أنه يمكن للراغبين في إتمام مشاهدته الاستعانة بالتلسكوب لرؤية الجبال ومختلف التشكلات الصخرية التي تظهر على سطح القمر”. أجمل لحظاتك معه تختم آدمز بالقول “رغم أن خسوف القمر يمكن مشاهدته بالليل في أي مكان، فإن الأماكن المثالية لرؤيته هي تلك المظلمة والبعيدة عن أضواء المدن”، ويمكنك مشاهدة كل ذلك دون الحاجة إلى أخذ طابور للحصول على تذكرة مشاهدة، أو شراء فُشار بأضعاف ثمنه الحقيقي، ودون الاضطرار لدفع أي ثمن لدخول قاعة العرض، حيث إن قاعة عرض الخسوف القمري هو سماء الكون المزدانة بالنجوم والمحتفية بأحد كواكبها: القمر. عن “كريستيان ساينس مونيتور”