«حرب الأسعار» تشتعل بين شركات الأدوية والحكومات الأوروبية
حين خفضت الحكومة اليونانية أسعار الأدوية الشهر قبل الماضي اشتكت شركات الأدوية من تأثير ذلك على أسعار الأدوية في سائر دول الاتحاد الأوروبي.
ولا تخشى شركات الأدوية من إيراداتها اليونانية فقط ولكن ما حدث مؤخراً من زيادة كبيرة فيما يسمى “الصادرات الموازية” المقرر أن تشكل عُشر تجارة الأدوية في أوروبا. حيث أن أسلوب ازدواجية التجارة الحرة المتبع في دول الاتحاد الأوروبي يترك دول لتدير نظم رعايتها الصحية وأسعارها بلا قيود ترتب عليه ما يسمى بالتجارة الموازية لأدوية تساوي مليارات اليورو كل عام.
وتكررت الأحكام القانونية في بروكسل على نحو جعل شركات الأدوية عاجزة إلى حد كبير عن مكافحة التجارة الموازية من خلال تأييد حقوق الوسطاء (من الصيادلة وموزعي الأدوية وغيرهم من التجار على السواء) في المشاركة. ويمارس هؤلاء عملية الإتجار الموازي من خلال شراء أدوية في دول تباع فيها بأسعار مخفضة ثم إعادة بيعها بأسعار أعلى في دول أخرى ولكن أقل من الأسعار الرسمية في الدول المستوردة.
ويقول لارس سورينسن رئيس تنفيذي “نوفو نورديسك”، التي سعت إلى فرض سعر موحد لآخر دفعة من منتجات انسولين لمرضى السكري، “إن الأسعار اليونانية ستلحق بنا خسائر وستتوجه أدويتنا إلى أسواق أخرى على نحو يخلو من المراقبة تماماً”. غير أن هناك تقريراً جديداً أصدرته مؤسسة “آي إم إس” لاستشارات الرعاية الطبية يشير إلى احتمال تباطؤ تجارة السوق الرمادية عبر الحدود خلال الأشهر القليلة المقبلة حتى مع قيام مزيد من السلطات المتأزمة مالياً بفرض تخفيضات جديدة على الأسعار.
وتظهر البيانات التي جمعتها “آي إم إس” أن معظم أسواق الاستيراد الموازي هي الدول الأوروبية الشمالية الأكثر ثراء والتي تباع فيها الأدوية المحلية بأسعار أعلى. فألمانيا وحدها تشكل 61% من اجمالي التجارة في شهر مارس هذا العام، وفي الاثني عشر شهرا السابقة بلغت الواردات 3 مليارات يورو بزيادة 25 في المئة عن عام مضى. وتشكل كل من المملكة المتحدة وهولندا 12% من إجمالي التجارة.
وفي المملكة المتحدة فرضت الحكومة خفض أسعار كذلك فإن ضعف الجنيه الاسترليني التدريجي بالنسبة لليورو خلال عام 2009 كان يعني أنه لم تعد هناك سوق مربحة لممارسي الإتجار الموازي من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى لمعظم الأدوية.
كما يتوقع أن يقلل إقبال ألمانيا المحلي على أدوية رخيصة من اليونان ودول أخرى خلال الأشهر المقبلة عقب فرض حسومات جديدة تقلل الأسعار الرسمية المتفق عليها مع شركات الأدوية الموردة لألمانيا. ومن المقرر إلغاء متطلب كانت صناديق ألمانيا للرعاية الصحية فرضته على الصيدليات باستيراد نحو 7 في المئة من مخزونها من أجل خفض الميزانية المخصصة للأدوية وهو الأمر الذي سيقلل أيضاً من الطلب. وبعض شركات الأدوية ترى أن ما حدث مؤخراً من خفض أسعار في اليونان وكذلك في اسبانيا وإيطاليا وغيرها من الأسواق المنخفضة الأسعار قد يعزز أحوالها. وتقول هذه الشركات إنه رغم أن التخفيضات قد تشجع الإتجار الموازي إلا أنها في ذات الوقت تبرز التفاوت البيت حيث تستفيد الدول الأغنى من جهة ويحتفظ التجار بأرباح من جهة أخرى.
وقد بذلت صناعة الأدوية قصارى جهدها للقضاء على الإتجار الموازي من خلال فرض حصص توريد وطنية أو ممارسة رقابة أشد على موزعي الأدوية الذين تبيع لهم منتجاتها عادة. ولكن في النهاية لم يحقق التدخل المباشر سوى القليل جداً من المطلوب وتأمل شركات الأدوية أن أحوالاً خارجة عن سيطرتها تقلص السوق الرمادية الموازية.
عن «فايننشيال تايمز»
المصدر: أبوظبي