شركات نفط تعيد النظر في علاقاتها مع «بي بي»
تعيد كبريات شركات النفط العالمية النظر في شراكاتها الراهنة مع شركة بريتش بتروليوم “بي بي” وتراجع استعدادها للموافقة على مشروعات جديدة تصمم بي بي آبارها وتدير عملياتها.
ولسنين درجت كل من اكسون موبل وشيفرون وتوتال ورويال دتش شل على مشاركة بي بي دون تردد غير أنها قررت الانصراف عنها مؤخراً عقب ما كشف عن تصميم آبار بي بي وقراراتها التشغيلية فيما يخص بئر ماكوندو الذي انفجر في 20 ابريل الماضي متسبباً في وفاة 11 من العاملين وفي أكبر تسرب نفطي بخليج المكسيك في تاريخ الولايات المتحدة.
ولم تعلن أي من هذه الشركات الكبرى عزوفها عن العمل مع بي بي وخصوصاً إن كانت مهمة بي بي صغيرة في الشراكة المنتظرة. غير أن أحد المسؤولين التنفيذيين في إحدى هذه الشركات قال إنه “صعق” حين رأى تصميم بئر ماكوندو، معقباً أن شركته ما كانت لتستخدم خصائص تصميم بي بي مثل “سلسلة الوصلات الطويلة” في بئر تنقيب أو في بئر يعتقد أنها عالية الضغط ما يجعل أعمالها أكثر صعوبة ومخاطرة.
وتعد سلسلة الوصلات الطويلة عبارة عن تقنية تستخدم لتبطين الآبار تعتبرها بعض الشركات أنها تكفل حماية من الحوادث الناجمة عن تسرب الغاز أقل مما تكفله تصاميم أخرى تستخدمها تلك الشركات.
وقال المسؤول ذاته: “نحن نعاين كافة الأماكن التي نشارك فيها بصفتنا شركة غير مشغلة”. وقال مسؤول تنفيذي من شركة أخرى: “ينبغي على بي بي تحديداً أن تفسر ما يحدث”.
وتقول بي بي إن الوقت لم يحن بعد للحكم على سبب الانفجار في ديب ووتر هورايزون وعلى ما إن كانت هي المتسببة في الحادث.
غير أن مهندسين مخضرمين في شركات أخرى يقولون إنه كشف عن تفاصيل كافية عن تصميم البئر للحكم على أنه بئر ماكان للشركة أن تحفره بنفسها وفق ما قالته اكسون موبيل وشيفرون وشل للجهات القضائية الأميركية في جلسة عقدت في وقت سابق خلال شهر يونيو.
وللشركات مصلحة في أن تنأى بنفسها عن بي بي بحيث تحد من أثر أي قوانين جديدة على عملياتها. يذكر أن شيفرون تعمل حالياً على مشروع بئر مياه عميقة في بحار جنوبي الصين. ومن المقرر أن تكلف بي بي في ذلك المشروع بدور صغير بينما تولى شيفرون المسؤولية الكبرى واتخاذ القرارات. وهو عامل مهم يتيح للمشروع أن يسير قدماً.
وراح أحد المسؤولين في الشركات الكبرى يشبه العمل مع بي بي بمخاطرات مثل مخاطرة العثور على نفط أو مواجهة عملية تأميم من قبل حكومة مضيفة. وينتظر أن تأخذ الشركات ذلك بعين الاعتبار ضمن تقييم المخاطرة العامة قبل الموافقة على شريك في أي مشروع.
يدفع صغار الشركاء في مشاريع النفط حصصهم الاستثمارية ويدفعون حصتهم من التكاليف والمصاريف المصاحبة لتسريبات وحوادث ما لم يتبين أن المشغل قد أهمل إهمالاً جسيماً.
وتتفاوت العلاقات بين صغار الشركاء ومشغليهم من مشروع لمشروع غير أنه يجب على صغار الشركاء أن ينسحبوا من القرارات الهامة مثل الميزانيات وتصاميم الآبار والتوقيتات. كما أنهم يبلغون عادة عن تقدم سير المشروع ولكن لا يكون لهم عضو منهم مقيم بالموقع بصفة يومية.
درجت كبريات شركات النفط في الماضي على أن تثق في بعضها البعض من حيث إجراءات السلامة. ولكن عقب تسريبات خليج المكسيك تغير هذا الأمر الآن بحسب مسؤولين تنفيذيين في بعض شركات النفط.
كذلك يُنتظر من كبرى الشركات أن تقيس بتأني رد فعل الدول الغنية بالنفط تجاه بي بي تفادياً لتقليص احتمال فوزها بمناقصات حقول نفط في حال اعتبار بي بي غير مرغوب فيها. والوقت لم يحن بعد للحكم على تلك الأوضاع بحسب أحد التنفيذيين.
ولا تتوقع كبريات شركات النفط استبعاد بي بي شركة النفط البريطانية العملاقة نظراً لعدم وجود سوى عدد صغير جداً من الشركات الضخمة العملاقة ونظراً أيضاً لأن هذه الشركات العملاقة يعتمد على بعضها البعض لتوزيع المخاطرات على مشروعات تبلغ قيمها عدة بلايين من الدولارات. ذلك أن لـ بي بي موارد هائلة سواء نقدية وبشرية ومن حيث المعدات والخبرة. غير أن بعض الشركات تخشى من أن الإقدام على مشروعات تكون فيها بي بي هي الشركة الرئيسية قد يزيد من مخاطرات تلك الشركات نظراً لسلسلة المشاكل التي واجهتها الشركة في السنوات القليلة الماضية التي تتراوح بين خطوط أنابيب متآكلة ومسرَّبة في ألاسكا وانفجار مصفاة قاتل في تكساس.
يذكر أن حصة بي بي تبلغ 65 في المئة في بئر ماكوندو وكانت هي المتعاقدة على تشغيله ولكن شريكيها انا داركو البالغ حصتها 25 في المئة وميتسوى البالغ حصتها 10 في المئة ستكونان مسؤولتين عن حصتيهما من عمليات تطهير المياه ما لم يتبين أن بي بي كانت متسببة في الإهمال الجسيم.
وتتوقع كبريات شركات النفط أن المساعي ستقيد دور بي بي الريادي مثل تعيين مشغل آخر وخصوصاً في حال كان لشركة بي بي الحصة الكبرى في مشروع ما وكانت بي بي تعتزم تولي مسؤولية ذلك المشروع.
عن “فايننشيال تايمز”
المصدر: أبوظبي