الليث حجو يغامر في «تقاطع خطر» بخمس حلقات عن قرية منسية
ضل رجل الأعمال «أيمن زيدان» طريقه، وبدل أن يصل إلى المكان الذي ينوي بناء مشروعه الاستثماري فيه، دخل خطأ إلى قرية أخرى منسية، وعندما اكتشف أهلها زيارته، تمسكوا به، وعرضوا عليه أن يقيم مشروعه في قريتهم، وأن يبني فندقه فيها. وعلى الرغم من عدم اقتناعه بما طرحه أهل القرية، إلا أنه وجدها فرصة مناسبة لاستغلالهم ولفرض شروطه عليهم، حتى وصل به الأمر أن يطلب من شاب أن يتخلى له عن خطيبته؟!
وما بين رغبة المستثمر وأحلام أهل القرية المعزولة، تتكشف حقائق النفوس والأطماع والرغبات، وتتداخل حسابات الربح والخسارة بالأخلاقيات والعادات والتقاليد.
جديد حجو
هذه هي الفكرة التي يدور حولها مسلسل «تقاطع خطر» الذي كتبه الفنان رافي وهبي وأخرجه الليث حجو، وجديد هذا المسلسل أن أحداثه تدور في قرية سورية، لتكشف عن المشكلات التي يعيشها الريف السوري، جراء التحول الاقتصادي والتوجه نحو الاقتصاد الحر القائم على الاستثمارات والشركات المساهمة، حيث أهمل المزارعون اقتصادهم الزراعي، وبدأت أبصارهم وآمالهم تتجه إلى السوق الجديد، ومعادلات الاقتصاد الحر التي تؤمن بالربح السريع، وربما الثراء السريع أيضاً. أما جديده الفني فهو أن الليث حجو اختار أن يتألف مسلسله الجديد من خمس حلقات فقط وأن يصوره بكاميرتين، وأن يعرضه خارج سباق الموسم الدرامي الرمضاني.
وبحسب المخرج، فإن الأفكار كلما اختصرت، كلما وصلت إلى المتلقي بشكل أفضل وأسرع، وبعيداً عن الإطالة والإسفاف. وهو بذلك يكسر قاعدة الثلاثين حلقة، ويقدم مسلسلاً رشيقاً للمشاهد، في محاولة لاعتماد التكثيف والاختصار في صناعة الدراما التلفزيونية السورية، ما قد يؤثر بشكل ما على الإنتاج السوري في ضوء ما ستحدثه هذه التجربة لدى المشاهد السوري والعربي عموماً.
ويشير حجو إلى أن هدفه من تقديم مسلسل من خمس حلقات هو التمرد على شروط العرض الرمضاني والخروج عليه، لأن هذا الموسم حدد الأعمال بثلاثين حلقة، مما دفع الكثيرين إلى الحشو والتطويل من دون مبرر، على الرغم من أن فكرة المسلسلات الثلاثية والخماسية والسباعية موجودة منذ بدايات التلفزيون، فضلاً عن السهرة التلفزيونية. ويعتبر الليث عمله «تقاطع خطر» مغامرة للخوض في أنواع مختلفة.
زيدان يؤيد
الفنان أيمن زيدان يلعب الدور الرئيسي في «تقاطع خطر»، حيث يجسد شخصية المستثمر النافذ، وهو الرجل الذي فجر علاقات ساكنة، وأخرج إلى السطح كل مشكلات القرية الداخلية، لتنكشف حقائق مرعبة، على حد تعبيره.
ويؤيد زيدان بقوة فكرة التخلص من هيمنة الحلقات الثلاثين في المسلسلات التلفزيونية، لأنها غير مبررة، وتفسح المجال للثرثرة والإطالة، وتؤثر على سوية الدراما السورية والعربية، لذا فهو يدعم خيار الليث حجو، ويدعو إلى عروض رمضانية خارج شروط الحلقات الثلاثين.
وتلعب الفنانة شكران مرتجى شخصية «جميلة» المجنونة والعاقلة معاً، فهي ليست مجنونة بالمعنى المألوف، لأنها تتصرف بطريقة عادية، لكن مشكلتها أنها ترى وتعرف كل شيء، وبالتالي فإنها تتحدث بشكل مختلف، حتى بدت في أعين الغارقين في الصراع وكأنها مجنونة.
وتعتبر شكران شخصيتها جريئة في هذا العمل، وتشير إلى أن «كركتر» الشخصية كان اقتراحاً مشتركاً بينها وبين المخرج، كي تتبلور الجرأة من خلال التفاصيل.
خوف عمر حجو
يشارك الفنان المخضرم عمر حجو «والد الليث» في هذا العمل بدور «أبو ثائر»، وهو أبٌ لفتاة مخطوبة لشاب من القرية، وعندما يطلب المستثمر فك هذه الخطبة، مقابل قيامه بتنفيذ المشروع، يسعى المزارعون فيما بينهم لإقناع أهل الخطيب والخطيبة معاً بفك الخطبة، لأن هناك مصلحة مالية مشتركة للجميع، وهذا الموقف يضعهم أمام امتحان حقيقي بين المادة من جهة، والأخلاق والتقاليد من جهة أخرى.
ونظراً لكون المخرج الليث ابن الفنان عمر حجو، فإن الأخير يشير مداعباً إلى أنه يأخذ «راحته» مع مخرجين كثيرين، أما أمام الليث فإنه يخاف!. ويلعب الفنان خفيف الظل جرجس جبارة شخصية «أبو شفيق» والد منذر خطيب الفتاة التي يطلب المستثمر إلغاء خطبتها كي يخطبها لنفسه، ويشير إلى هذه الشخصية في هذا الموقف الدقيق معتبراً أنه لا يقدم رسماً لها، بل هو يحاول أن يعيشها فعلاً، ويترك للأحداث أن تحدد شكلها وانفعالاتها.
ويعتبر جرجس أن تقديم مسلسل من خمس حلقات هو بداية لخلق دراما جديدة ومختلفة، تعتمد على التكثيف وعلى تناول الموضوع بجدية أعمق، ولذا فهو من أنصار تقديم مسلسلات من خمس أو سبع حلقات.
نضال الصامت
يجسد الفنان نضال سيجري شخصية شبلي الشاب المتنور، والذي يتوجس خيفة بعد دخول المستثمر الغريب إلى القرية، والتحولات التي أحدثها في نفوس أهلها، ويتوقع أن يقودهم ذلك إلى الخراب. لكن شبلي يعاني مشكلة نفسية تجعله لا يتكلم على الرغم من أنه لا يعاني الخرس، ولسان حاله يقول إن الفقير دائماً يدفع الثمن. وتلعب الفنانة رنا جمول شخصية الفتاة البسيطة التي يفوتها قطار الزواج، فتظل تحلم به، لتشكل أسرة صغيرة كبقية الفتيات، وعندما يبتسم لها الحظ وتُخطب إلى أحد شبان القرية، يحدث ما يحدث، وتفشل الخطبة، فتعيش مرارة غير مسبوقة.
أما الفنان قاسم ملحو فيؤدي شخصية شاهين الميكانيكي المنزوي على ذاته بسبب قصة من الماضي تتعلق بفرار والدته مع عشيقها، وهو يعاني إذلال أهل القرية له بسبب هذه الحادثة، لكن عندما يأتي المستثمر تنقلب أحواله، ويبدأ الصراع بين المال والأخلاق.
ويلعب الفنان أحمد الأحمد دور الشاب منذر الذي يضطر للتخلي عن خطيبته كنوع من التضحية من أجل مصلحة أهل القرية وإتمام المشروع السياحي فيها.
زمن قياسي
تم إنجاز تصوير مسلسل «تقاطع خطر» في خمسة عشر يوماً، وهو زمن قياسي بالنسبة للممثلين والمخرج، وقامت بإنتاجه شركة «سامة» للإنتاج الفني، ومن المتوقع عرضه قبل موسم رمضان المقبل، ويشارك في هذا المسلسل، إضافة إلى الشخصيات الرئيسية، نخبة من الفنانين، منهم نجلاء الخمري ونادرة عمران وحسين عباس. وقد أنهى الليث حجو اللمسات الأخيرة للعمليات الفنية على العمل، ليطرح في الأوساط الفنية وعلى المشاهدين خياره التجريبي الجديد في المسلسل التلفزيوني محدود الحلقات، وفي تسليطه الضوء على جماليات الطبيعة، ولا سيما في الريف، ليجعل منها إضافة جمالية مهمة على المستوى البصري في أعماله المتعاقبة، والتي كان آخرها «ضيعة ضايعة»، حيث تحول مكان التصوير إلى مزار سياحي يؤمه المئات من السوريين والعرب. ويظل السؤال الأعمق في مسلسل الليث حجو الجديد هو، ماذا يحدث عندما تستيقظ قرية منسية على رنين الذهب والاستثمار والسياحة؟!.
المصدر: دمشق