أحيانا القصص الإخبارية التي لا تحظى باهتمام البرامج الحوارية في القنوات التلفزيونية أو المدونات الإلكترونية هي التي تكشف الكثير عما حدث حقا في سنة من السنوات. والواقع أن 2009 عرفت الكثير من هذه القصص الإخبارية، من تحالف بحري يمكن أن يغير توازن القوى على قارتين إلى خطر انفجار بؤرة توتر جديدة في العراق. هذه القصص الإخبارية استأثرت هذا العام بقدر أقل من الاهتمام ولكنها يمكن أن تطغى على أحاديث الناس خلال 2010. من هذه القصص التالي: في سبتمبر 2009، سجلت سفينتان ألمانيتان اسمهما في سجل التاريخ حين أصبحتا أول سفينتين تجاريتين تسافران من آسيا الشرقية إلى أوروبا الغربية عبر الممر الشمال الشرقي الذي يربط بين روسيا والمحيط المتجمد الشمالي. في الماضي، كان الجليد يجعل سلك هذا الطريق مستحيلاً، ولكن بسبب ارتفاع درجات الحرارة بات العبور ممكناً. وفي هذا السياق، قال القبطان "فاليري دوروف" لـ"بي بي سي": قبل عشرين عاماً، عندما كنت أعمل في الجزء الشرقي من المحيط المتجمد الشمالي، لم يكن يمكنني حتى أن أتخيل شيئاً من هذا القبيل". أهمية هذا الإنجاز تتوقف على الزاوية التي ينظر منها المرء إليه. فالممر يمكن أن يتيح فرصة ذهبية بالنسبة لقطاع الملاحة التجارية باعتباره طريقا أقصر وأرخص من آسيا إلى أوروبا. ولكن الخبر يشير أيضاً إلى أن تغير المناخ ربما يكون قد بلغ مستوى خطيراً. وإضافة إلى ذلك، فإن الذوبان يفسح المجال أمام تنافس جيوسياسي. فقد قامت روسيا فعليا برفع علمها تحت المحيط المتجمد الشمالي، حيث تقول بأحقيتها في الموارد الطبيعية التي بات الوصول إليها ممكنا، الأمر الذي يثير حفيظة دول شمالية أخرى. كما سيفيد الطريق روسيا حيث سيجلب رواجا تجاريا جديدا لموانئها الشرقية. ولكن مع احتدام التنافس على ثروات المحيط المتجمد الشمالي، فإن حتى كندا المسالمة أجرت مؤخرا مناورات تدريبية في المنطقة. بؤرة ساخنة جديدة في العراق: مع تركز الاهتمام على مراجعة أوباما للاستراتيجية الأميركية في أفغانستان، فإن كل الأخبار القادمة من بغداد تقريباً استأثرت باهتمام محدود. والحال أن حرب العراق لم تضع أوزارها بعد؛ ومع استمرار التمرد والغياب المقلق للمصالحة السياسية في بغداد، يمكن القول إن العراق حافل ببؤر التوتر الممكنة. ولكن أكثر بؤر التوتر هذه إثارة للقلق ربما هي المخاوف المتزايدة من نزاع جديد بين العرب والأكراد في العراق. الاهتمام الذي استأثر به هذا الموضوع ركز على المطالب الكردية بمدينة كركوك الغنية بالنفط، ولكن بعض المحللين يقولون إن التطورات في نينوى المجاورة قد تكون أكثر خطورة. فالمنطقة تقع جنوب الحدود الكردية، ولكنها تحتوي على عدد كبير من السكان الأكراد الذين يتوقون إلى إدماج المنطقة في كردستان. ويذكر أنه بعد الغزو الأميركي، أصبح الأكراد يهيمنون على المحافظة سياسياً، وقاموا بنشر مليشيا البيشمرجا هناك. ولكن ذلك تغير في يناير حين التف السنة حول حزب الحدباء العربي القومي المتشدد - الذي رفع خلال الحملة الانتخابية برنامجا يتصدى للنفوذ الكردي – ومنحوه أغلبية صغيرة في انتخابات مجلس محافظة نينوى. هذا في حين انسحبت القائمة الأخوية الكردية، التي تعد الحزب الكردي الرئيسي في المنطقة، من مجلس المحافظة، معلنة أنها لن تعود إلا إذا مُنحت عددا من المناصب القيادية الرفيعة. وفي ظل تلويح كل طرف بالعنف لحل النزاع واستمرار هجمات المتمردين، فإن السلطات العراقية والأميركية تنظر بشكل متزايد إلى نزاع نينوى كتهديد رئيسي لاستقرار العراق. خط ساخن للصين والهند:تهدف "الخطوط الساخنة" بين زعماء العالم، مثل "الخط الساخن" الشهير بين موسكو وواشنطن، إلى تلافي تطور حالات سوء الفهم إلى مواجهات نووية. وهذا العام، اتفق زعيما الهند والصين على إنشاء خط ساخن كذلك، مما يبرز المخاوف من إمكانية تدهور نزاع حدودي بين الجانبين إلى مواجهة كبيرة. القوتان الآسيويتان الصاعدتان بينهما نزاع حول منطقة توانج الواقعة في الهيمالايا، وهي منطقة من ولاية أروناشال براديش الهندية، ولكن الصين تقول إنها تعد تاريخياً جزءا من التبت، وبالتالي تقع ضمن حدود الصين. وكان البلدان قد خاضا حرباً حول المنطقة في 1962 قُتل فيها أزيد من ألفي جندي. وحالياً، تعرف المنطقة عملية تجييش متواصلة؛ وقد سجل الجيش الهندي 270 حالة انتهاك للحدود ونحو 2300 حالة "دورية حدودية عدوانية" صينية في 2008. وبالمقابل، زار رئيس الوزراء الهندي مانموهان سنج المنطقة في أكتوبر الماضي، مما أثار احتجاجا رسمياً من بكين. ولكن في يونيو الماضي، أفادت صحيفة "ذا تايمز أوف إينديا" الهندية بأن الرئيس الصيني هو جينتاو اقترح على سينج إقامة خط هاتفي ساخن حتى لا يؤدي النزاع الحدودي إلى مواجهة عسكرية – أو حتى نووية. المحور البحري (بكين- البرازيل):منذ أن اشترت الصين عدداً من حاملات الطائرات السوفييتية العتيقة في التسعينيات، ظلت مخططات بكين البحرية الطموحة موضوع تكهنات عديدة من قبل المحللين العسكريين، حيث تتوقع "البنتاجون" أن يصبح بمقدور الصين امتلاك عدد من حاملات الطائرات بحلول 2020، مع احتمال ارتفاع كلفة البناء إلى مليارات الدولارات. ولكن نظرا لخبرتها الضئيلة في مجال الطيران البحري، سيتعين على الصين أن تُعد بحاريها وطياريها بسرعة - وهذا يعني إيجاد حاملة طائرات قيد الخدمة للتدرب عليها. ولكن المشكلة هي أن عددا قليلا جداً من البلدان فقط مازالت تشغِّل حاملات طائرات قادرة على إطلاق طائرات تقليدية.فالولايات المتحدة لا مصلحة لديها في مساعدة الجيش الصيني؛ وفرنسا ممنوع عليها القيام بذلك بموجب حظر للاتحاد الأوروبي؛ وروسيا أصبحت مؤخرا حذرة أكثر بشأن التعاون العسكري مع جارها الجنوبي. وهو ما يترك البرازيل، التي كانت سعيدة جدا بالسماح للضباط الصينيين بالتدرب على متن حاملة الطائرات "ساوباولو". والواقع أن الولايات المتحدة تعتبر منذ وقت طويل القوة البحرية المهيمنة في شرق آسيا، ولكن السفن الصينية بدأت مؤخرا تزداد جرأة وثقة، فباتت ترافق السفن الأميركية وتطلق تحديات قانونية ضد ما تعتبره بكين تدخلات في المياه الصينية. ومع قيام الصين والهند بعمليات حشد عسكري كبيرة، فربما يكون التفوق الأميركي قد بات قريبا من نهايته. نائب رئيس تحرير النسخة الإلكترونية لمجلة «فورين بوليسي» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»