الشاعر والإعلامي خالد الظنحاني علامة فارقة في الساحة الثقافية والمعارفية لدولة الإمارات، بما له من نشاط غزير على الصعيدين الأدبي والإعلامي، وإن كان جل هذا الجهد الدؤوب منصباً على الساحة الشعرية، إيماناً منه بقوة الشعر، وقدرة الشعراء على التعبير عن قضايا الأمة وهمومها، في سياق فني فريد، تعجز عنه سائر ألوان الأدب الأخرى. في حديثه الشامل إلى “الاتحاد” تحدث الظنحاني بداية عن أنواع الشعر التي يميل إليها، قائلاً إن “كل إبداع خلاق سواء نثراً كان أم شعراً، قوياً عندي إلى أن يثبت العكس، فإن ثبت العكس ،أعتبره لوثة أو جرثومة شعرية كالتي أصابت كثيراً من المثقفين، ونحن في يومنا هذا، نعاني من تلوث شعري خطير، ينذر بكارثة تشويه الذائقة العربية الشعرية، وهذا يدعونا والمهتمين بالشعر والنثر الجميلين، إلى الوقوف جنباً إلى جنب للتخلص من هذه الآفة المزعجة”. باب العالمية تناول الظنحاني الأمسيات الشعرية التي كانت له في دول وبلدان عديدة، موضحاً أن أكثر الأمسيات التي تركت في نفسه أثراً مميزاً، تلك التي كانت في برلين، ونظمها المعهد الثقافي العربي بالتعاون مع المركز العربي الألماني، كونها حملت طابعاً أدبياً خاصاً، تمثل من ناحية في جوها الشعري العام ،الذي تغلب عليه الرومانسية الشعرية الأخاذة، ومن ناحية أخرى بالحضور الجماهيري الكبير المتذوق والتواق لمعرفة ثقافة الآخر. وأضاف “أبهرتني كثيراً أسئلة بعض الحاضرين العميقة المتبحرة في عمق الفكرة والمضمون في القصائد التي قرأتها في الأمسية(والمترجمة للألمانية في الوقت ذاته)، وهذا يفسر مدى استعدادهم لفهم الآخر وما يحمله من إبداع وثقافة”. وعن ترجمة بعض قصائده للغات عالمية، ومدى إيمانه أن مثل هذه الترجمات، نقطة انطلاق إلى العالمية، أم أن هناك عوامل أخرى، ذكر أن العالمية مسألة اختلف الجميع عليها. وخاصة في تفسيرها وكيفية الوصول لها. وقال “عندما أقدم أمسية في باريس أو برلين يمكن أن أقول ،إنني أطرق باب العالمية لنقل ثقافتي وملامح بيئتي إلى ثقافة أخرى تهتم بالثقافات الأخرى، وهنا يجب علي أن أترجمها أو تترجم إلى لغات عالمية، ويهمني شخصياً، تمثيل وطني الذي أنتمي إليه في هذه المحافل العالمية، ويكون سلاحي فيها علمي الذي أوصلني إلى هذا المحفل، وقلمي، وكلمتي التي تنتمي أيضاً لألوان هذا العالم، وهي مسألة تهمني وتحفزني للإبداع ودائماً ما تخرج كل ما في جعبتي من موهبة”. وبالحديث عن القصيدة الأقرب لنفسه والمناسبة التي خرجت فيها، قال الظنحاني :”أنا أملك بستاناً كبيراً فيه ثمار قصائد من شتى الألوان، فكل قصيدة لدي لها طعم خاص، أستمتع بترديدها كلما مر علي ظرف شبيه بالظرف الذي كتبت فيه، مع ذلك فأنا لا أستطيع أن أخفي مدى تعلقي بقصيدة “النحلة” التي لامست قدراً أثيراً من تجربتي في الحياة”. جارة الجبل وعن بداياته الشعرية، عاد الظنحاني بذاكرته إلى الوراء قائلاً: “أنا من أبناء الفجيرة، من مدينة دبا جارة الجبل، ذات الجبال الشُّم، والوديان الساحرة الأخّاذة، والبحار الزرقاء، وعلى صفحات الماء وقرب الأفق، وعند المساء كل شيء ينطق شعراً من فوقي ومن تحتي حيث تحوم القوافي. لقد تعلقت بالشعر منذ الصغر، فصار مني وصرت منه كبيراً”. ويضيف “أنا شاعرٌ تصالحت مع الشعر، فتصالح الشعر معي، فوهبني الإبداع. كما أنني أعشق كل القصائد البديعة المكتوبة على الورق والمرسومة على وجه الطبيعة الغناء وأتفاعل معها. فالقصائد جميلة كالزهور الفاتنة، حيث تجعل منك روحاً وثّابة، تنذرك إلى ملكوت الإبداع الخلاق لتبدع فيه مؤثراً ومتأثراً”. وحول نصيب الغزل في شعر الظنحاني، ذكر أن “الغزل في الشعر هو الأساس، فمنذ “هوميروس”، ومن بعده اتجه الشعراء إلى الغزل، وغالباً ما يكون هذا اللون أكثر صدقاً، ومحبباً إلى الناس، وتجربتي مليئة بهذا النوع البديع من الشعر التي كتبته عبر مسيرتي الشعرية منذ صغري، وإن كنت بدأت النشر منذ عام 1990. ومع ذلك فاهتماماتي الغزلية والعاطفية لا تقل أهمية، ولا يجب أن تقل، عن الوطنية أو الاجتماعية أو الإنسانية، لأن الشاعر دائما يقدم بيئته وثقافته التي عاشها بأنفاسه ووجدانه وتجارب أجداده ورموزه الذين يعتبرون قدوة لكل من حولهم”. وعن الذي يستفز الظنحاني، ويدفعه للشروع في قصيدة جديدة، قال إنه “عندما تدنو ساعة الشعر، كل الجوارح تقف إجلالاً وتقديراً لهذا الإلهام العظيم”. ويؤمن بأنه لا زمان ولا مكان للإلهام، ولا يؤمن بطقوس الكتابة، بمعنى عدم الجلوس في مكان معين والانتظار على ضوء شمعة حتى تأتي القصيدة، فهو بعيد عن هذه الطقوس، ويكتب متى نضجت القصيدة في خاطره، ومتى توافرت لها شروط التحول من إحساس إلى مكتوب. ليس له زمان مخصوص للكتابة ولا مكان معين. صميم القضايا حول أهمية الشعر في المنظومة الثقافية والفكرية لأي مجتمع، لفت الظنحاني إلى أن الشعر ومنذ نشأته الأولى، يدخل في صميم قضايا الإنسان العامة، إذ ارتبط ارتباطاً وثيقاً بآمال الإنسان وتطلعاته، وتصدى للقضايا الصغرى التي اهتمت بالمستوى الفردي والمجتمعي، وتصدى بامتياز للقضايا الكبرى التي ارتبطت بالأمور الإنسانية والفكرية والقومية. وأضاف “ظهر للنور شعراء الإنسانية والحرب والمقاومة والثورة الذين أبلوا بلاء حسناً في خدمة قضايا أوطانهم وشعوبهم وأممهم، ونحن كشعراء نعيش اليوم في هذا العصر الذي أعتبره مناخاً محفزاً وبيئة خصبة للكتابة المتفردة التي تتبنى قضايا الإنسان الفكرية والثقافية، وذلك لكثرة ما يضج فيه عالمنا اليوم من قضايا مصيرية، تنطق الحجر والشجر شعراً فما بال البشر ذوي القلوب والعقول”. وانتقالاً إلى أحلام وطموحات الظنحاني المستقبلية، وسبل الوصول إليها، أوضح أنه يحلم بالوحدة العربية، ويحلم بالسلام العالمي، وهذا النهج مستمد ومتأصل في سياسة دولة الإمارات العربية المتحدة على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي. وقال “نحن نشأنا وتربينا على يد رجل السلام والخير والعطاء “زايد الخير” رحمه الله تعالى، والذي شكّل هذه الفسيفساء الإماراتية الجميلة لينطلق منها الإنسان الإماراتي داعياً ومبشراً بها نحو العالم من حوله”. وبالنسبة إلى أيهما “أمير الشعراء” و”شاعر المليون” أقرب إلى الظنحاني، وأيهما أكثر أثراً في إثراء الحالة الشعرية في العالم العربي؟ قال إن “شاعر المليون” غيّر خريطة الشعر النبطي، سواء على المستوى الإبداع الشعري، أو الذائقة الجماهيرية، وأضاف الكثير والكثير للشعر والشعراء، وأنا أحيي هنا سمو الفكر والإبداع لدى الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، على دعمه الكريم وتبنّيه لمثل هذه المبادرات التي تثري الساحة الأدبية والشعرية في دولة الإمارات خاصة والعالم العربي على وجه العموم”. وأكد الظنحاني أن “أمير الشعراء” له الأثر الأكبر في تعزيز موقع الشعر العربي في المشهد الثقافي، والنهوض به، وبث الروح والحيوية فيه مجدداً، وإعادته إلى الواجهة الأدبية بعد أن خف توهجه لصالح الشعر العامي خاصة في دول الخليج العربي. مخطط تطوير حول نصائحه للشعراء الشباب، من خلال خبراته العميقة مع عالم القصيد. قال الظنحاني“نحن في بيت الشعر في الفجيرة، وضعنا مخططا لتطوير الشعر بمختلف جوانبه وإثرائه بمجموعة من النشاطات والفعاليات، فأسسنا “جماعة الشعر العربي والنبطي” وهي عبارة عن أكاديمية مصغرة تعلم أصحاب المواهب من الشباب أساسيات بناء القصيدة الصحيحة كالوزن والقافية والأساليب والتراكيب اللغوية والخيال الشعري”. وأضاف “دائماً ما أحاول أن أوجه الشعراء الشباب إلى الإمعان بالقراءة والإطلاع في مختلف العلوم والأجناس الأدبية، وعدم التسرع في الظهور الإعلامي إلا بعد نضج التجربة والتمكن من كتابة القصيدة البديعة، لأن الإبداع في النهاية يفرض نفسه”. وحول تعاونه مع بعض الملحنين العرب لإنجاز أعمال غنائية مميزة وحقيقة تلك المعلومات. أجاب الظنحاني “لا أنكر أنني ترددت كثيراً قبل الإقدام على هذه الخطوة، ولكن عندما يكون شريكك في هذا العمل موسيقارا كبيرا له وزنه في العالم وليس العالم العربي فقط كالأستاذ حلمي بكر، فأعتقد أنه حافز كبير للإقدام على ذلك، وعلى جميع الأحوال هي تجربة ليست بالسهلة، خاصة وأني لا أسعى من ورائها إلى الشهرة بكثر ما هو دمج أحاسيس الكلمة والفكرة مع أحاسيس اللحن الموسيقي لتصل للمتلقي بشكل يمكن أن نطلق عليه الأغنية الراقية التي باتت معدومة بعض الشيء”. وأضاف “حلمي بكر هو أنسب ما يكون لمثل هذه النوعية من القصائد، وخاصة قصيدة “النحلة”، وهو من أنجح الملحنين الذين يمكن أن يستثمروا ذلك بالشكل الصحيح، إلى جانب أنه يملك خبرة كبيرة لمعرفة من يمكن أن يتقن غناءها”. جوائز في مسيرة خالد الظنحاني ? عضوية فخرية في المنتدى الدولي للفن والأدب ـ المغرب 2010. ? كرمه الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية بشهادة تقدير لجهوده وإسهاماته المتميزة في تطوير مجلة “999” التابعة للوزارة عام 2009. ? عضوية فخرية في رابطة شعراء الأردن 2008. ? حاصل على لقب “نجم الأسبوع 2008” عبر استفتاء راديو الرابعة ـ عجمان. ? عضوية فخرية في مهرجان الفاتح للشعر الشعبي ـ ليبيا 2004. ? جائزة الشيخ سعيد بن زايد آل نهيان للشعرالرياضي2005. ? جائزة أحمد بن يوسف عبدالملك الشعرية ـ البحرين2005. ? جائزة الشيخ راشد بن سعيد للتفوق العلمي الجامعي2000. قصيدة تنشر للمرة الأولى بائعة الزهر رجفة الساعه.. وقلّ الانتظـــار والمواعيــد الجميلـــــه تنجلـي لا تبيعيـن الزهر نضْـــح النّهـار الشمـوس تْغار منْك.. وتمتـــلي بدّدي الباقات في كسْر الحصار ما بدى منّــا يشـرّف مأصلـــي الهوى يرقص على أسمى مسـار ما يفــرّق بين والــي.. أو وِلــي تسألين القشّ عن ظهْر المدار؟ المـدى والكون فيني يصطلــي أطلب التاريــخ يفتح ليْ الْستار وانتزع عـرش الأكاسر.. واعتلي لا تناديـن المطــــر يا جلّنـــار! حبّنا المبعـوث للعـالم جِلـــــي إعشقيـــني بين طيـات الغبـار وانفضي عنّي الرفـاه المخملـــي إلجميــني قلب.. واهديني فـرار أمتطي فيــك القمــر.. واتمنزلي حبّ..عشق..ونار..جنّات..وقرار في ربوعي يا الجفـول العنــــدلي تقبلين الشمس لغصونك سوار؟ صغتها.. أرض وسمـا.. واتدللي