محمد حامد ( دبي)

لم يتجاوز البرتغالي جوزيه مورينيو الحقيقة، حينما انتقد المدربين الكبار الذين يهرعون لتلبية نداء المال بقبولهم عروضاً لتدريب منتخبات، أو أندية مجهولة كروياً، ولا تربطها علاقة قوية بثقافة وتاريخ كرة القدم، وتحديداً تلك الكيانات الكروية خارج القارة العجوز، فقد أشار إلى أن هؤلاء لا يخدمون كرة القدم، بل يحصلون على المال فقط، وفي تفسيره لكيفية قيامهم بخدمة البلدان المجهولة كروياً التي يعملون بها قال مورينيو: «إنهم يأتون للحصول على المال فقط، لم يسبق لي أن شاهدت أحدهم يقوم بتطوير اللعبة، تغيير المفاهيم، والعمل على وضع خطط تخدم مستقبل كرة القدم، إنهم يأتون لتدريب المنتخب الأول فقط، ويحصلون على المال، ويرحلون حينما يشعر الجميع بأن التغيير مستحيل، وتحقيق طفرة كبيرة يبدو أمراً صعب المنال».
المدرب السويدي الشهير سفين جوران إريكسون، يملك خبرات تدريبية تمتد إلى أكثر من 40 عاماً، خاض خلالها 17 تجربة جعلته يعيش في قلب عاصفة الشهرة التي بدأت بفوزه بعدة ألقاب مع بنفيكا البرتغالي، وتعززت بقوة حينما قاد لاتسيو للقب الدوري الإيطالي عام 2000، وهو الإنجاز الأهم في مسيرته التدريبية بكاملها، وتحققت شهرته الأكبر بتوليه تدريب المنتخب الإنجليزي بين عامي 2001 و 2006، ومن المعروف أن الصحافة الإنجليزية هي بوابة الشهرة الأكبر في العالم، سواء في عالم كرة القدم أو غيرها، وعلى الرغم من ذلك فقد ذهب لتدريب الفلبين دون أن يعطي تفسيراً منطقياً لهذه الخطوة في مسيرته.
المدرب السويدي، لم يتمكن من ترك بصمة حقيقية على الأداء الفلبيني، ولم ينجح في تحقيق نتيجة إيجابية في بطولة كأس آسيا «الإمارات 2019» فتلقى 3 هزائم أمام كوريا الجنوبية، والصين، وقيرغيزستان، وودع مبكراً، بعد تسجيل هدف واحد، وتلقي المرمى الفلبيني 7 أهداف، وهي نتائج متوقعة، إلا أن سقف الطموح مع إريسكون كان كبيراً، وعلى الرغم من اعترافه أنه يتولى قيادة الفلبين لمدة 3 أشهر فقط، لازال التفسير حول قبوله خوض هذه التجربة يثير علامات التعجب والدهشة في كل مكان.
الصحافة الأسترالية كشفت عن أن المدرب السويدي، يريد التعافي سريعاً من تجربته القاسية مع الفلبين، ما جعله يقدم سيرته الذاتية لتدريب نادي بريزبان رور الأسترالي، وهي خطوة أخرى مثيرة للدهشة، حيث يملك المدرب السويدي اسماً يبدو في ظاهره أكبر من أن يدفعه لطلب تدريب فريق، والمفارقة أنه ليس فريقاً عالمياً كبيراً، ويبدو أن شهية إريكسون للبقاء على الخط الجانبي لأطول فترة ممكنة، تدفعه للدخول في تجارب تدريبية تثير الجدل حوله وحول تاريخه، وربما يكون للمال دور كبير في ذلك، وهو التفسير الذي ذهب إليه مورينيو دون أن يتحدث عن أسماء بعينها. وكشفت صحيفة «سيدني مورننج» هيرالد الأسترالية عن أن إريكسون هو الذي طلب الحصول على منصب المدير الفني لفريق بريزيان رور أحد أندية الدوري الأسترالي، ولكنه على الرغم من تقدمه بطلب رسمي لإدارة النادي رفض التعليق على اهتمامه بالمقعد الخالي، كما أن ستيفين قسطنطين المدير الفني للمنتخب الهندي الذي رحل عن منصبه عقب الخروج من الدور الأول للبطولة الآسيوية، تقدم هو الآخر بطلب للحصول على مقعد المدير الفني للفريق الأسترالي، والمفارقة أن مهمة المدرب القبرصي الإنجليزي، وكذلك المدرب السويدي الشهير لن تكون سهلة، فالأقرب لتولي المهمة هو نجم ليفربول الشهير روبي فاولر.
وتحدث إريكسون سابقاً عن «إدمان العمل» الذي يسيطر عليه طوال الوقت، ويدفعه لخوض تجارب تدريبية قد لا تتناسب مع تاريخه، وعلى الرغم من ذلك لازالت التفسيرات لا تتفق كثيراً مع ما يقوله وما يدافع به عن نفسه، فقد تحدث المدرب السويدي لهئية الإذاعة البريطانية «بي بي سي» قائلاً:«لا أريد الجلوس في المنزل، المتقاعدون كلياً لا يشعرون بمتعة الحياة، أنا أبحث دائماً عن العمل من أجل الحصول على النشاط الذهني والراحة النفسية، لا أفكر كثيراً في المال، بل في الهروب من حياة التقاعد، كما أنني مدمن كرة قدم بالمعنى الحرفي لكرة القدم». يذكر أن عدد المباريات التي قاد إريكسون خلالها أندية ومنتخبات حول العالم، وفي مختلف القارات يبلغ أكثر من 1000 مباراة على مدار 41 عاماً، ما يجعله يملك خبرات تدريبية لا حدود لها، فضلاً عن تنوع تجاربه، سواء بين الأندية أو المنتخبات، وكذلك في مختلف بطولات الدوري، وعلى رأس المنتخبات التي تولى تدريبها المكسيك وكوت ديفوار، فضلاً عن تجربته الأشهر والأهم مع المنتخب الإنجليزي، إلا أنه بدافع عشقه للعمل على حد قوله، أصبحت محطات تبدو متناقضة في سيرته الذاتية التدريبية، فقد تولى تدريب الإنجليز، وقاد منتخب الفلبين.