فتحية البلوشي:
'لزوم الكشخة'···!
هي العبارة التي يجيب بها أغلب الشباب الإماراتيين حين تسألهم عن سر الصوت القوي الذي يصدر مع حركتهم وهم يرتدون الكندورة···!
فبالرغم من التطوّر الذي شمل جميع جوانب الحياة بما فيها الزي واللباس إلا أن الكثير من شباب وبنات الإمارات والخليج ككل لا يزالون متمسكين بالهوية التراثية سواء إن كان ذلك في لباسهم (الذي طرأت عليه تغيرات طفيفة) أو في سلوكهم وعاداتهم وتقاليدهم وهذا معروف··· لكن ما لا يعرفه الكثيرون أن هوس الموضة وجنونها وصل أيضا إلى الملابس الرجالية التراثية، وارتفع بأسعارها إلى مبالغ خيالية قد لا تنفقها فتاة على ثوب واحد!
كيف ولماذا؟ وما هي الأسعار؟
التفاصيل في التحقيق التالي:
يتميز مواطن دولة الإمارات العربية المتحدة بحرصه على ارتداء أزيائه الشعبية الوطنية وعدم التأثر بالأزياء الوافدة فهو يتمسك بزيه الوطني التقليدي في ميادين العمل والمناسبات الاجتماعية وغيرها·
ويتميز الزي الرجالي في الإمارات بالبساطة والوقار ويكاد يكون موحدا إلا من فوارق بسيطة في خياطة الثوب (الكندورة) الذي يعتبر الزي الشعبي الرئيسي للرجال، ويسمى أيضا الدشداشة أو الثوب في بعض مجتمعات الخليج·
يقول جهاد الحكيم من محلات أبوحليقة: الشاب الكاشخ 'الله يكون بعونه'، لأنه يحتاج في موسم الشتاء إلى حوالي 3000 درهم كي يكون 'على سنجة عشرة!' وهذا المبلغ للملابس فقط ولا يشمل الساعات والعطور والنعال التي صارت قصة لوحدها···!
فالشتاء الذي نستعد لاستقباله في الإمارات هذه الأيام هو الموسم الذي ينتظره الكثيرون كي يبدأوا في ارتداء الكنادير الملونة والصديريات والشالات الفاخرة، ففي الشتاء ترتفع أسعار الثوب الصوفي إلى أكثر من ألفي درهم، وهناك أنواع من الصوف الفاخر الكشميري يتعدى سعرها 3000 درهم لكن الطلب عليها ضئيل، وأغلب الشباب يرتدون الصوف المخلوط الذي لا يتعدى سعره 1500 درهم·
ألوان شتوية
ويقلب الحكيم بعض الأقمشة الصوفية في يده ليرينا إياها وهو يقول: 'هذا القماش بألفي درهم، ويعتبر من أجود أنواع الصوف الإنجليزي الناعم الملمس الذي يقبل الشباب على ارتدائه في فصل الشتاء، ويتوفر بألوان عدة أهمها درجات البيج والبني والأسود أيضا، ففي الشتاء يكثر طلب الشباب على الألوان الداكنة وتروج الكندورة السوداء بينهم، وعادة يهوى محبو ارتدائها إكمال الكشخة بشال فيه خط أسود متوسط الحجم'·
ويضيف الحكيم وهو يخرج قماشا بلون أقرب إلى اللون الرملي: 'هذا القماش صوفي أيضا، ويقبل عليه الشباب والرجال الكبار لأنه يقترب من درجات الأبيض الفاتحة، والملاحظ أن الشباب يقتربون في اختياراتهم اللونية إلى الألوان القاتمة، بينما يبحث الرجال ممن تخطوا الثلاثين عن الألوان الفاتحة أكثر، ويكون الشباب أيضا أكثر جرأة في اختيار الألوان فهناك من يرتدي الأحمر الخمري 'العنابي' أو الأصفر القاتم 'الكركمي' أو حتى الكحلي والأزرق الداكن·
الشالات للشتاء
وبينما يخرج الحكيم شالا صوفيا من غلافه الرقيق يتابع حديثه وهو يفرد الشال على الطاولة بحرص: سعر هذا الشال 6000 درهم، وهو خليط من صوف (الشاتوش) الغالي وصوف (الترمة) المعروفين عالميا بالجودة والنعومة، والشال غطاء للرأس يستعمله الرجال يتميز بالألوان الفاتحة الهادئة وبالتطريز الخفيف على الأطراف، يهوى الشباب ارتداءه شتاء لدفئه وتناسب ألوانه مع ألوان الملابس الملونة التي يرتدونها في نفس الفترة·
وصوف الشاتوش هو أرقى أنواع الصوف المستعمل في صناعة الشالات الرجالية وأغلاها سعرا، فقد يصل سعره إلى 12 ألف درهم ويزيد، لكنه نادر·
ويكمل جهاد وهو يعرض أنواعا أخرى من الشالات: 'ليست كل الشالات الرجالية باهظة لهذه الدرجة، فسعر الشال عادة يبدأ من 200 درهم، وبعض الأنواع الجيدة يبدأ سعرها من 1000 درهم حسب جودة الصناعة وبلد الصنع'·
الطريف - كما يقول جهاد - إن هذه الشالات تصنع خصيصا لشباب الإمارات وسلطنة عمان، لأن هاتين الدولتين العربيتين هما الوحيدتان اللتان يرتدى فيهما الشال، وسلطنة عمان بشكل أكبر لأنه يرتدى هناك صيفا وشتاء وتوجد أنواع لا حصر لها منه، لكنه يسمى هناك 'المصّر' لأنهم (يصرّون الرأس به)·
الغترة الحمراء
الغترة الحمراء أيضا تعتبر ملكة في الشتاء، فالشاب الإماراتي لا يعتمد كثيرا على ارتداء الشال في الشتاء لأنه يحتاج الى عناية خاصة وأسلوب خاص في الغسيل والكي، هذا بخلاف ارتفاع سعره، لهذا يعتمد في الأغلب على ارتداء الغترة الحمراء وهي رخيصة جدا قياسا للشال فأغلى غترة في السوق لا يتعدى سعرها 250 درهما، والغترة خليط من القطن والبوليستر، يبحث الشباب عن أهم نوع منها وهو (الغترة المنشاية) التي تكون مخاطة بنوع خاص من خيوط النايلون التي تظل متماسكة حتى بعد الغسيل، وأهم أنواعها السويسرية والإنجليزية التي تعتبر أفخر أنواع الغتر وتحتاج عناية خاصة لأنها تبهت إذا غسلت بطريقة خاطئة·
وتصنع هذه الغترة من قطن مخلوط بالبوليستر ومنها أيضا الغترة البيضاء، لكن نسبة القطن في البيضاء تكون أكثر كما أنها ترتدى في الصيف بشكل أكبر·
الصديري
وآخر لوازم الكشخة الشبابية 'الصديري' وهو قميص بلا أكمام كان يستعمل في الثمانينيات واختفى ليعود العام الماضي بقوة بين الملابس الرجالية، أسعاره تبدأ من 250 درهما، وبعضه مبطن بالفرو الصناعي وبصوف الغنم والوبر، وألوانه الأسود والبيج والرملي والكريمي·
الكندورة بطلة المواسم
ويستعرض الحكيم مجموعة من الكنادير المعلقة في المحل ويتابع حديثه حولها هذه المرة: الكندورة في الموسم العادي ليست غالية جدا، فأسعارها تبدأ من 120 وتصل في أعلى سعر لها إلى 340 درهما، والمعروف في السوق 250 درهما للثوب الواحد، وأبرز أنواع الأقمشة المستخدمة في خياطتها قماش الختم، وهو خليط من القطن والنايلون والبوليستر بنسب متفاوتة، كان محتكرا من قبل أحد محلات الأقمشة، لكنه الآن صار متواجدا وبأنواع كثيرة مختلفة وبمسميات تدل على أن هذا القماش صنع خصيصا للإماراتيين مثل 'الختم، الوثبة، الخزنة' وغيرها من المسميات، ويقبل الشباب عليه لأنه لا 'يتكسر' أو يتكرمش بسهولة، بخلاف أنه يظهر منتفخا ومتساوي الطول على الجسم، ومثلما يحدث في ألوان ملابس الشتاء يحدث في نوعية قماش كنادير الصيف فالشباب يقبلون على الختم والأقمشة المتجهة للصلابة، بينما ينفر من تعدوا الثلاثين عنها ويبحثون عن أقمشة عادية مثل درجات الساتان المخلوط بالقطن لأنها تبدو طبيعية أكثر ولا تمنحهم ما يسمونه: انتفاخ مصطنع···!
و··· الوزار كاروهات!
أما بالنسبة للملابس الرجالية الداخلية في الإمارات، فهي الفانيلة (تي شيرت أبيض قطني بنصف كم أو بدون كم) والوزار وهي ليست غالية بل تعتبر زهيدة السعر قياسا إلى باقي الملابس الرجالية، وبينما يستطيع الشباب إيجاد الفانيلة في كل مكان، إلا أنهم يقصدون أماكن معينة لشراء الوزار، وهو من القطن الأبيض يلف على القسم السفلي من الجسد، ويعقد بعقدة صعبة جدا لا تنفك بسهولة·
ويصنع الوزار من القطن المخلوط وتعتبر الهند أكبر مصدر له، لكن الوزار الخليجي يتميز باللون الأبيض السادة في الغالب، أو الأبيض المخطط بكاروهات بسيطة بخيط بني خفيف أو كحلي خفيف، ولا يمكن أن تتغير هذه الألوان أبدا، وبالرغم من أن عقدة الوزار لا تفك بسهولة إلا أن الطلب ازداد مؤخرا كما يقول الحكيم على الوزار ذي الشريط المطاطي الذي يتميز بأنه 'عملي' أكثر من الوزار العادي·