محمد إبراهيم (الجزائر)
أعلن الرئيس الجزائري المؤقت عبد القادر بن صالح مساء أمس عن مبادرة سياسية جديدة للخروج من الأزمة السياسية الحالية، تتضمن الدعوة لحوار شامل لكل القوى السياسية دون تدخل من الدولة، يفضي إلى تشكيل هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات وتعديل قانون الانتخابات.
ووجه بن صالح في خطاب متلفز للشعب الجزائري بمناسبة الذكرى الـ57 لاستقلال الجزائر عن فرنسا، الدعوة لجميع الفاعلين السياسيين والشباب والنساء للعمل من أجل إنجاح الحوار المزمع إقامته وطالبهم بمناقشة كل الانشغالات المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي المقبل، وتقديم إسهامهم في تنظيم هذا الاقتراع.
واعتبر بن صالح أن هذا الحوار يعد أكثر من ضروري كونه يعتبر الطريقة المثلى للتوصل إلى الصيغ التوافقية الضرورية حول الانتخابات الرئاسية، كما يعد أمرا عاجلا يتعين اللجوء إليه وفي أسرع وقت ممكن، لمواجهة التقلبات الاقتصادية والاجتماعية والتهديدات الأمنية.
وأعرب عن رفضه لأي حلول غير دستورية، قائلا «أصبح من الضروري الآن وضع جميع الحسابات الثانوية والمطالب غير الواقعية التي من شأنها إطالة أمد الوضع الراهن ومحاولة الزج بالبلاد نحو الفراغ الدستوري، الذي هو مصدر الريبة وعدم الاستقرار».
وتعهد الرئيس الجزائري المؤقت بأن مسار الحوار الوطني ستتم قيادته وإدارته بحرية وشفافية كاملة من قبل شخصيات وطنية مستقلة ذات مصداقية، وبلا انتماء حزبي أو طموح انتخابي شخصي وتتمتع هذه الشخصيات بسلطة معنوية مؤكدة وتحظى بشرعية تاريخية أو سياسية أو مهنية تؤهلها لتحمل هذه الـمسؤولية النبيلة وتساعدها على حسن قيادة هذا الحوار.
وأكد أن الدولة بجميع مكوناتها، بما فيها الـمؤسسة العسكرية، لن تكون طرفا في هذا الحوار وستلتزم بأقصى درجات الحياد طوال مراحل هذا الـمسار، وستكتفي فقط بوضع الوسائل الـمادية واللوجستية تحت تصرف هذا الفريق.
وقال «سيكون للـمشاركين في هذا الحوار حرية مناقشة كافة الشروط الواجب توفيرها لضمان مصداقية الاستحقاق الرئاسي الـمقبل، والتطرق إلى كل النواحي التشريعية والقانونية والتنظيمية الـمتعلقة به، بما فيها مجريات العملية الانتخابية، وكذا الآليات الخاصة بمراقبته والإشراف عليه».
وأوضح أنه سيكون بوسع فريق الحوار دعوة أي طرف يراه مفيدا لإنجاز مهمته وتحقيق الغرض من إنشائه، خاصة الأحزاب السياسية وفعاليات المجتمع المدني والتنظيمات الاجتماعية المهنية والشخصيات الوطنية، بما فيها الشخصيات المنبثقة عن الحركة الشعبية، بهدف تسجيل مواقفهم وآرائهم ومقترحاتهم.
وأشار إلى أن هذا الحوار سيركز على هدفه الاستراتيجي الأوحد ألا وهو تنظيم الانتخابات، التي يتعين أن تجُرى في أقرب وقت وذلك في إطار الدستور الذي يفرض الحفاظ على الدولة واحترام مؤسساتها وإعلاء المصلحة العليا للأمة.
وقال: «السلطة أو الهيئة التي ستعهد إليها مهمة تنظيم العملية الانتخابية ومراقبتها في جميع مراحلها ستكون في صلب هذه النقاشات، كما سيدور الحوار أيضا حول كيفية تسيير هذه السلطة أو الهيئة وتحديد مهامها وصلاحياتها وطريقة تنظيمها وسيرها وتركيبتها، وفي اختيار الشخصيات التوافقية التي ستُسـيرها».
وأكد أن هذه الهيئة ستكون مستقلة تماما وسيكون لها ممثلون بالولايات والبلديات والـمقاطعات الانتخابية للجاليات بالخارج، كما سيكون لها أن تدير بنفسها ميزانيتها الخاصة، إضافة إلى الاعتمادات الأخرى التي قد تخصصها لها الدولة.
وأشار إلى أن هذه الهيئة ستقدم اقتراح مشروع قانون خاص بالـموضوع، وكنتيجة لذلك، سيتم أيضا تكييف النظام التشريعي والتنظيمي القائم، خاصة قانون الانتخابات، الذي يحتاج بالتأكيد إلى مراجعة لتوفير الضمانات الكفيلة بتأمين شروط الحياد والشفافية والنزاهة الـمطلوبة.
وأكد أن الانتخابات الرئاسية التي ستتوفر لها كل الشروط المطلوبة، تبقى الحل الديمقراطي الوحيد والواقعي والـمعقول، وقال «تظل قناعتي العميقة أيضا، أن رئيس الجمهورية الـمنتخب بشكل ديمقراطي لا جدال فيه، هو وحده الذي سيتمتع بالثقة والشرعية اللازمتين وكذا بالصلاحيات الكاملة التي تمكنه من تولي تحقيق هذه الرغبة العميقة في التغيير، وتلبية الـمطالب الشعبية الـمشروعة والقيام بالإصلاحات الجذرية الـمنشودة التي بلدنا هي في أمس الحاجة إليها».
وتعتزم أحزاب وقوى المعارضة الجزائرية عقد مؤتمر موسع لها يوم الاثنين المقبل في «مدرسة الفندقة» بالجزائر العاصمة، لبحث سبل الحل من الأزمة السياسية الحالية والاتفاق على حلول موحدة فيما بينها.