تعويم أسعار مواد البناء في العقود بين المقاولين والمطورين
بدأت شركات المقاولات بتحرير (تعويم) أسعار العقود مع المطورين العقاريين، تجنبا للتقلبات السريعة في أسعار مواد الإنشاء الأساسية التي تضر بالمقاول والمطور في ظل عقود ثابتة، بحيث يتسم العقد بالمرونة بما يتفق مع سعر السوق·
وطبقت الكثير من الشركات مفهوم ''العقود المحررة'' مؤخرا، لاسيما ما يتعلق بأسعار مواد البناء الرئيسية مثل الحديد والاسمنت والخرسانة، بحيث تخضع لأسعار السوق ووقت إبرام الصفقات بالتوافق بين المقاول والاستشاري والمطور نفسه، لاختيار السعر الأفضل عند كل صفقة·
ويتفق مقاولون على ضرورة وضع العقود المحررة سعريا في إطار رسمي و''تقنينها'' لتوفير الغطاء القانوني لها، ما يغلق الباب أمام أي محاولات للطعن فيها مستقبلا، ويؤدي إلى تعميمها على مختلف العقود الصغيرة والكبيرة، مؤكدين على أن تقنين مثل هذه العقود سيواكب مرحلة التنظيم الجديدة للقطاع العقاري عامة·
وشهدت الأشهر الماضية جدلا بين مطورين ومقاولين حول أسعار عقود الإنشاءات التي تبقى ثابتة رغم تراجع أسعار الحديد بنحو 35% خلال شهر واستقرار أسعار المواد الإنشائية الأخرى، إذ ترتفع الكلف على المطور مقارنة بسعر السوق، بينما تحمل المقاول الصيف الحالي على سبيل المثال خسائر من جراء ارتفاع أسعار المواد الإنشائية إلى مستويات غير مسبوقة، في مقدمتها الحديد·
وقال سشيران دميت مدير العمليات في اليرموك للمقاولات إن ''التغير السريع في أسعار مواد البناء، وضع شركات المقاولات والمطورين في مأزق''·
وأضاف : ''قبل فترة تحملت شركات المقولات خسائر كبيرة نتيجة ارتفاع أسعار المواد الخام عن الأسعار المتعاقد على أساسها مع المطورين وملاك المشروعات العقارية، ووصلت خسائر بعض الشركات إلى مرحلة امتصاص كل تقديرات الأرباح، والبعض الآخر تجاوز ذلك''·
وأكد دميت أن ''فكرة تحرير أو تعويم أسعار العقود كانت المخرج للخلاف حول تغيير العقود''·
وتعد العقود المحررة سعريا أحدث الأساليب في عمل المقاولات نظرا لصعوبة تغيير الأسعار وفقا لتكاليف مواد البناء، وهو ما يحقق مصلحة لطرفي العقد، بحسب عاملين في القطاع أشاروا إلى أن تعويم أسعار العقود وخاصة المواد الخام الرئيسية تم بالتوافق بين المطورين العقاريين وشركات المقاولات·
وأشار وليد عباس مدير عام شركة الحباي للمقاولات إلى أن تعويم أسعار العقود يعد حلا للأزمات التي واجهت الشركات طيلة الشهور الماضية فيما يتعلق بالأسعار، موضحا أن تعويم الأسعار اقتصر على الحديد والاسمنت والخرسانة والتي تشكل في مجملها أكثر من 30% من إجمالي تكاليف العقار·
وقال إن حصة الحديد من إجمالي الكلف تتراوح بين 8% إلى 12%، والخرسانة تمثل حوالي 8%، بينما الاسمنت يتجاوز هذه النسبة بقليل·
وأوضح دميت: ''المقاولون رفضوا الاقتراح في البداية، ولكن اتفقنا أن يكون الاستشاري طرف في التفاوض عند شراء صفقات المواد الخام، على أن يقتصر تحرير العقود وتعويم الأسعار على الحديد والأسمنت والخرسانة، واختيار أفضل سعر في السوق''·
وتتضمن العقود نصا يتيح تحريك سعر المواد الخام ''الحديد والاسمنت والخرسانة'' حسب سعر يوم الشراء أو التعاقد، على أساس خصم أو إضافة الفرق لأي من الطرفين (المقاول أو المطور)، بحسب عباس·
وقال عباس إن أسعار الحديد انخفضت خلال الـ 48 ساعة الأخيرة إلى ما دون 3800 درهم، مقابل 4 آلاف و3950 درهما في مطلع الأسبوع الحالي، أي بنسبة تصل إلى 5%، بينما أسعار الأسمنت والخرسانة تكاد تكون مستقرة، وانخفضت الأسعار بالنسبة للمستورد ليصل سعر بعض الأنواع إلى ما بين 19 و20 درهما، وبالتالي انخفضت أسعار الخرسانة·
وكانت أسعار مواد الإنشاء شهدت زيادات متباينة خلال النصف الأول العام الحالي، إذ ارتفع الحديد 90%، فيما ارتفع الاسمنت عن السعر المحدد عند 18 درهما بنحو 30% في مرحلة من المراحل، قبل أن تعود الأسعار للاستقرار·
وقال عباس إن المطورين تفهموا أهمية تعويم السعر في الفترة الأخيرة، خاصة مع انخفاض أسعار بعض المواد الخام مثل الحديد، والذي وصل إلى مستوى أسعار يناير الماضي، وان كان ما يزال أعلى من أسعار أكتوبر ،2007 والتي سجلت وقتها 2350 درهما للطن·
وفي ضوء انخفاض بعض تكاليف المواد الخام في الفترة الأخيرة، انخفضت بعض عروض التسعير في المجمل العام بنسبة تصل إلى 5%، وبعض العروض وصلت إلى أعلى من ذلك وفي حدود 7% إلى 8% وذلك حسب كميات الحديد المستخدم فيها·
ولكن تعويم جميع المواد الخام الأساسية ''أمر صعب'' بحسب المهندس وجيه سلوان مدير المواقع في الضياء للمقاولات العامة، الأمر الذي ذهب إليه عباس، وذلك رغم أن الارتفاع والانخفاض لا يستثنيان أي منتج، بما في ذلك الكهرباء والصرف الصحي والتكييف، والتي تمثل في مجملها نحو 30% من تكاليف العقار الكلية·
فعلى سبيل المثال، لم تشهد أسعار بعض مستلزمات الإنشاء أية انخفاض مثل أعمال الديكور التي تضاعف سعرها، ولم تشهد أي انخفاض مواز لانخفاض الحديد· وذكر سلوان أن المطور العقاري أكثر المستفيدين من تعويم أسعار عقود الإنشاء حتى الآن، خاصة أن بدء تنفيذ العقود المحررة سعريا تزامن مع موجة تراجع الحديد·
وقال إياد طوقان مدير المشتريات في مصانع جمعة الماجد للمنتجات الأسمنتية إن تحرير أسعار مواد البناء سيحد من الجدل الدائم حول ارتفاع التكاليف
المصدر: دبي