تؤثر الضغوط المالية على ارتباط شركات بعضها البعض، وتعيد صياغة علاقات العمل بينها، وهو ما يظهر جلياً فيما حدث مؤخراً بين شركات تصنيع السيارات اليابانية وشركات غربية. فمنذ انهيار بنك ليمان براذرز في شهر سبتمبر 2008 بدلت سوزوكي شراكتها مع جنرال موتورز بشراكة جديدة مع فولكسفاجن، وتكاد فورد تتخلى عن التزامها تجاه مازدا الذي دام 31 عاماً. كذلك ارتبطت ميتسوبيشي موتورز (التي كانت ارتبطت بشركة دايملر ارتباطاً غير موفق) بشركة بيجو ستروين. وعلى عكس كبرى شركات تصنيع السيارات مثل تويوتا وهوندا درجت الشركات متوسطة الحجم على الاعتماد على حلفاء أجانب لتعظيم إنتاجها والوصول إلى أسواق خارجية. وغيرت تلك الشركات علاقاتها العالمية على نحو يعبر عن تغير استراتيجياتها وخططها. فقد حدث أكبر تغير في منتصف أكتوبر 2010، حين تسربت أنباء عن أن فورد خططت لتقليص حصتها البالغة 11 في المئة في مازدا إلى أقل من 3 في المئة. وكانت فورد قد عقدت شراكة مع مازدا عام 1979 وسيطرت على ثلث الشركة اليابانية لغاية عام 2008، غير أنها منذ ذاك التاريخ توجهت نحو تكثيف جهودها داخلياً من أجل تعزيز اسم فورد ذاته. وبدأت المشاكل تتنامى بين فورد ومازدا منذ فترة، وكان مصنعهما المشترك في فلات روك ميشيجان قد أنشئ عام 1988 لإنتاج سيارات صالون مازدا 6 وفورد بروب، غير أن خطط اشتراكهما في إنتاج قطع غيار وغيرها من الاتفاقيات تقلصت عام 2005، حين قامت فورد بتحويل حصتها في المصنع الى إنتاج سيارات موستانج الرياضية. وقد استعانت مازدا مؤخراً بتويوتا لتقوم بتطوير سيارات هجين (تعمل بالبنزين والكهرباء) متخلية عن نظام هجين منافس طورته فورد. في ذلك يقول كوجي اندو المحلل في اندفانسد ريسيرش جابان: “كانت الشركتان منفصلتين فعلاً، أما الآن فهما يجريان ما يشبه الطلاق الرسمي”. والمسألة بالنسبة لمازدا هي ما إن كان في وسعها الازدهار بشكل مستقل. وتؤكد الشركة أن في وسعها من خلال الابتكار والتجديد تعويض حجم الإنتاج الكبير الذي خسرته. فالعام الماضي تمكنت الشركة من تجميع 1,2 مليار دولار على هيئة أسهم جديدة مخصصة في المقام الأول لأغراض البحث والتطوير. وأحد النتائج التي حققتها مازدا يتمثل في تقنية مبتكرة لتوفير الوقود المسماة سكاي أكتيف (محركات بنزين عالية الكفاءة مجهزة بأطر فولاذية خفيفة الوزن). وتقول مازدا إن أول موديل سكاي أكتيف عبارة عن سيارة مازدا 2 صغيرة معدلة ستعرض للبيع العام المقبل وأنها ستستهلك بنزين بمعدل اقتصادي يبلغ لتر لكل 30 كم متساوية مع سيارة هوندا “إنسايت” الهجين الأكثر كفاءة من مازدا (2) الحالية بنسبة 30 في المئة. ولكي تستفيد مازدا من تلك التطويرات فإن الأمر يتطلب منها التخلي عن اعتمادها الزائد على صادراتها خارج اليابان الذي يضرها نتيجة ارتفاع الين. يذكر أن مازدا صدرت 61348 سيارة من اليابان في شهر سبتمبر الماضي، أكثر من ضعف صادرات هوندا التي يبلغ حجمها ثلاثة أضعاف حجم مازدا. في ذلك يقول تاكاشي ياما نوشي رئيس مازدا إن أرباح التشغيل المتوقع أن تحققها الشركة في هذه السنة المالية لغاية مارس بما يساوي نحو 30 مليار ين قد تتقلص تقلصاً شديداً بسبب ارتفاع قيمة العملة اليابانية. وهناك تكهنات بأن مازدا ستنشئ مصنعاً لها في أميركا الشمالية، ربما في المكسيك، غير أن ذلك قد يستغرق بضع سنوات. وعلى الرغم من المصاعب التي تواجه مازدا إلا أنها على ما يبدو عازمة على حماية استقلاليتها الجديدة على عكس شركتين منفصلتين أخريين هما سوزوكي وميتسوبيشي اللتان وجدتا مؤخراً شركاء جدد. ففي شهر ديسمبر 2010 عقدت سوزوكي اتفاقية مع فولكسفاجن التي اشترت بموجبها الأخيرة 19,9 في المئة من سوزوكي مقابل 222 مليار ين، وأتت هذه الاتفاقية بعد سنة من قيام جنرال موتورز شريك سوزوكي من عام 1981 ببيع حصتها المتبقية البالغة 3 في المئة ضمن مساعيها لتجنب الإفلاس. ومن النظرة الأولى تبدو سوزوكي أقل احتياجاً لحليف من شركات تصنيع يابانية أخرى متوسطة الحجم. فقد ازدهرت ونما رأسمالها وأرباحها بفضل رهانها المدروس على السوق الهندية التي تشكل فيها السيارات الصغيرة المصنعة من قبل فرعها ماروتي سوزوكي (صاحبة أغلبية أسهمه) نصف السوق الهندية المتسارعة النمو. غير أن اوسامو سوزوكي رئيسها التنفيذي يقول إن الشركة تحتاج الى شريك كبير ليساعدها على إنتاج واسع النطاق والحصول على تقنيات جديدة باهظة الثمن مثل تقنيات السيارات الهجين والكهربية. أما ميتسوبيشي - وعلى عكس سوزوكي - فقد ساعدتها شركات أخرى من مجموعة ميتسوبيشي منذ أنهت دايملر شراكتهما عام 2005، وسعت العام الماضي إلى عقد تحالف جديد مع بيجو، غير أن الشركة الفرنسية رفضت، ربما نظراً لقلقها من عبء دفع أرباح على أسهم ميتسوبيشي المميزة البالغ قيمتها 490 مليار ين. وبدلاً من ذلك لجأت الشركتان الى اتفاقية أكثر بساطة لتطوير سيارات كهربائية. وفي أكتوبر بدأت ميتسوبيشي تصنيع بيجو أيون وستروين سي - زيرو الكهربائية البالغة الصغر لبيعها في الأسواق الأوروبية. ترجمة - عماد الدين زكي نقلاً عن - فاينانشيال تايمز