البنوك المحلية بمنأى عن أزمة ليمان والمخاوف تحدق بالصناديق الاستثمارية
استبعد خبراء ومراقبون تأثر البنوك المحلية بإعلان بنك ''ليمان براذرز'' إفلاسه أمس الأول، بسبب محدودية التعاملات والعلاقات التجارية بينها وبين رابع أكبر المصارف الاستثمارية الأميركية، وسط تطمينات نقلت عن محافظ البنك المركزي معالي سلطان بن ناصر السويدي بأن الجهاز المصرفي لا يتحمل مخاطر·
ولكن ماليين أبدوا تخوفهم من تأثر الصناديق الاستثمارية وشركات إدارة الأصول بالأزمة المالية الأميركية التي وصفت بأنها الأخطر منذ انهيار وول ستريت والإثنين الأسود عام ،1929 وألقت بظلال سلبية على أسواق العالم·
وجاءت ردود الفعل الأسرع على إفلاس البنك الأميركي في أسواق المال المحلية والإقليمية التي هوت إلى مستويات متدنية خلال اليومين الماضيين، الأمر الذي يدفع أرباح الصناديق والمحافظ الاستثمارية التي تستثمر في الأسهم المحلية أو في المنطقة إلى التراجع، بحسب رضا جمعة مدير الاستثمارات في مجموعة إدارة أصول بنك المشرق· ولا يختلف رأي المدير التنفيذي ومؤسس الجبرا كابيتال زياد مكاوي عن رأي جمعة·
أما البنوك المحلية فتعاملاتها عادة مع البنوك المراسلة الكبيرة، وبالنسبة لتعاملاتها مع بنوك الاستثمار في السوق الأميركية فهي ''محدودة جداً''، وفقا لسيف الشحي المدير العام للقطاع المصرفي المحلي في بنك أبوظبي الوطني·
وتوقع سليمان المزروعي مدير عام الاتصال المؤسسي وخدمة المجتمع في بنك الإمارات دبي الوطني تأثر بعض الاستثمارات الإماراتية والخليجية في بنك ''ليمان براذرز'' خصوصا من قبل الصناديق والمحافظ، مشيرا إلى أن تبعات الأزمة على بنوك المنطقة ستظهر تدريجيا في المرحلة المقبلة·
وقال إن كثيرا من البنوك، ومن بينها بنك الإمارات دبي الوطني، ليس لديها استثمارات مباشرة مع ليمان براذرز، وهو الأمر الذي قد يرجح عدم حدوث تأثير قوي لها على القطاع المصرفي·
وكان البنك الاستثماري الأميركي ليمان براذرز أعلن إفلاسه بعد تكبده خسائر من تداعيات أزمة الرهن العقارية في الولايات المتحدة ما انعكس سلبا على جميع أسواق المال العالمية، فيما قام بنك أوف أميركا بشراء بنك الاستثمار الآخر ميريل لينش الذي شارف على الانهيار·
وليمان هو أكبر بنك استثمار يتعرض للانهيار منذ عام 1990 عندما طلب بنك دريكسل بيرنهام إشهار الافلاس وسط انهيار سوق السندات عالية المخاطر·
وتمثل دعوى الافلاس نهاية لشركة عمرها 158 عاماً نجحت في تجاوز حربين عالميتين والأزمة المالية الآسيوية وانهيار صندوق التحوط طويل الاجل كابيتال مانجمنت، لكنها لم تفلح في تجاوز أزمة الائتمان العالمية·
وقال الشحي: ''أستطيع التأكيد أن إفلاس بنك مثل ''ليمان براذرز'' ليس له أية تأثير على البنوك المحلية''، التي تعتمد سياسة توزيع المخاطر·
وأضاف: ''لا نرتبط بأية استثمارات أو تعاملات مع بنك ''ليمان براذرز'' المنهار''·
وقال الرئيس التنفيذي لمصرف أبوظبي الاسلامي طراد محمود إن ''أزمة البنوك الاميركية لم تؤثر على المصرف ولا المصارف الإماراتية''، مؤكدا أن تعاملات البنك الخارجية ''لم تتأثر''·
وفي سياق متصل، قال محافظو بنوك مركزية رئيسية في منطقة الخليج أمس إن بلادهم لا تواجه تداعيات مباشرة خطيرة من جراء الاضطرابات التي اجتاحت أسواق المال في الولايات المتحدة·
وقال الشيخ عبدالله بن سعود ال ثاني محافظ مصرف قطر المركزي إن البنوك في قطر ليست لها أموال لدى بنك الاستثمار الاميركي المنهار ليمان براذرز أو بنك ميريل لينش·
وقال حمد بن سعود السياري محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) إنه لا يرى في الوقت الحالي أية مخاطر لكنه أشار إلى أن الأزمة بدأت في الايام الاخيرة·
وردد السويدي محافظ بنك الامارات المركزي وحمود بن سنجور الزدجالي محافظ البنك المركزي العماني تصريحات مماثلة عندما سئلا عما إذا كانت المؤسسات المصرفية في بلديهما تواجه مخاطر·
أزمة الرهن
وأوضح الشحي أن البنوك المحلية التي تعرضت لبعض الخسائر بسبب استثماراتها في القطاع العقاري الأميركي خصصت احتياطيات كافية في ميزانياتها العام الماضي تحوطا للمخاطر، وتجاوزت الأزمة·
واتفق معه خالد المهيري الرئيس التنفيذي لشركة ايفولفانس كابيتال في أن بنوك الامارات والمنطقة برهنت منذ بداية الرهن العقاري في أميركا على قدرتها للتصدي لهذه الأزمات· لكن مع انهيار ''ليمان براذرز'' يمكن ان تصل التأثيرات إلى المنطقة، وهذا ما انعكس فورا على أسواق الأسهم، بحسب المهيري·
من جهته، قال مدير عام سوق دبي المالي عيسى كاظم لـ''الاتحاد'' إنه ''إذا كان هناك أية تأثير للأزمة على البنوك والمؤسسات المالية المدرجة في أسواق المال المحلية فإنها ستظهر من خلال نتائج أعمالها في بياناتها المالية الفصلية''·
ويبرر جمعة رأيه بالتراجع الحاصل في أسواق المال المحلية والعالمية، والذي سينعكس بوضوح على نسب النمو وأداء مؤشرات الصناديق الاستثمارية·
وقال جمعة: ''انهيار أسماء عالمية مثل ''ميريل لينش'' و''ليمان براذرز'' يعتبر صدمة''، ولكن تأثيرها النفسي يرتكز على المتعاملين في سوق الأسهم·
كلف التمويل
ولكن التأثيرات متوسطة الأجل لأزمة انهيار الشركات الأميركية ستنعكس على أسعار الفائدة على القروض والودائع، حيث سترتفع كلف الاقتراض، وتزيد الفوائد الممنوحة للودائع، ما يعني الدخول في ''أزمة ثقة'' بين المودعين والبنوك، بحسب مدير الاستثمار في بنك أبوظبي الوطني شريف سالم·
وأشار سالم إلى أن ارتفاع كلف الاقتراض يزيد كلف تمويل المشاريع المحلية المطروحة في السوق المحلية·
وفضل مكاوي ''التريث'' لتحديد الانعكاسات على المناطق الأخرى من العالم وخاصة في أوروبا وآسيا''·
من جهته، قال طارق قاقيش مدير صناديق الاستثمار في شركة المال كابيتال إن ''التراجع المتوقع في أداء الصناديق والمحافظ الاستثمارية لا يعني بالضرورة أن اقتصادات دول الخليج ستتأثر من عملية الافلاس''·
واعتبر قاقيش، الذي تدير شركته صندوقين أحدهما يستهدف السوق المحلي والآخر يستكشف الفرص في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أنه ''ما يزال من المبكر الحكم على الأمور بهذه السرعة''·
وذلك على عكس ما ذهب اليه الرئيس التنفيذي لشركة المشرق كابيتال، عبد القادر حسين، الذي رجح ان تشهد الفترة المقبلة إعلان بعض المؤسسات المالية عن تعرضها لخسائر مالية نتيجة تعاملاتها من ليمان براذرز، إلا انه أشار إلى امكانية إدارة الأزمة بشكل جيد من قبل المؤسسات المالية الخليجية·
وتحاول الولايات المتحدة إنقاذ الموقف بكل طاقتها حيث قال مساعد ديمقراطي كبير بمجلس النواب الأميركي إن المجلس بصدد مناقشة تشريع خلال الشهر الحالي لضخ 50 مليار دولار أخرى كحافز للاقتصاد الأميركي بهدف إيجاد فرص عمل جديدة· والذي سيستخدم في مشروعات لأزمة الطرق والجسور وإنشاءات أخرى للمساعدة في خلق وظائف·
ووافقت عشرة من أكبر بنوك العالم أيضاً على تكوين صندوق للطوارئ بقيمة 70 مليار دولار يكون من حق أي من هذه البنوك الحصول على ثلث قيمته·
المصدر: أبوظبي-دبي