ناصر الجابري (أبوظبي)

أكدت سلامة عجلان العميمي، مدير عام هيئة «معاً» للمساهمات المجتمعية في أبوظبي، أن الهيئة ستنجز بنهاية العام الجاري 4 أهداف، تتضمن: (الإعلان عن 10 مشاريع ضمن برنامج الحاضنة الاجتماعية وتفعيل عدد منها، والانتهاء من أول نموذج للتعاقد الاجتماعي، والبدء في برنامج المشاركة المجتمعية بهدف تقديم الخدمة التطوعية وقياسها، وكذلك طموح الهيئة لإطلاق صندوق للاستثمار الاجتماعي وتلقي الدعم عبره).
وأوضحت في حوار مع «الاتحاد»، أن الهيئة ستعلن قريباً مجموعة من الاتفاقيات مع عدد من الجهات، وذلك للتأكد من تكاملية العمل وتقديم الخدمات، بهدف تفعيل منظومة القطاع الاجتماعي والمساهمات المجتمعية ضمن محاور عملها، وهو الأمر الذي سيكون له بالغ الأثر على مجتمع إمارة أبوظبي، والذي يحقق رؤية إمارة أبوظبي 2030 وبرنامج «غداً 21» الهادف إلى الاستثمار الأمثل في التحديات الاجتماعية وإيجاد الحلول المبتكرة لها.
قالت سلامة عجلان العميمي، مدير عام هيئة «معاً» للمساهمات المجتمعية في أبوظبي، إن مفهوم المشاريع الاجتماعية لا يقتصر حصراً على تقديم الدعم المالي، بل يشمل أيضاً المساهمة بالخبرات الشخصية والعلمية في الميادين التخصصية وتقديم الوقت للتطوع، بهدف أداء مهمة معينة وبذل كل الجهود لتحقيق مختلف أهداف هذه النوعية من المشاريع. وأكدت أن وجود الهيئة يمنح القدرة على قياس كمية ونسبة الدعم من المجتمع، سواء من القطاع الحكومي أو القطاع الخاص أو القطاع الثالث، والذي يتم توظيفه لتجاوز التحديات المجتمعية.
وأوضحت العميمي: وجود الهيئة كمؤسسة تعنى بالمساهمات المجتمعية يعد سابقة تميزت بها أبوظبي إقليمياً، حيث إن رغبة البعض في تقديم خدمة مجتمعية لمعالجة التحديات القائمة، تسهم في تحقيق إنجازات حقيقية مثل بناء المستشفيات والطرق وإيفاد البعثات الدراسية.
وتابعت: تضمنت استراتيجية هيئة «معاً» الإشارة إلى أن دولة الإمارات تعد من أبرز الدول في مجال العطاء الإنساني، حيث وصلت الدولة إلى المركز الـ 12 عالمياً في مؤشر العطاء الإنساني، وهو ما يعكس مستوى الوعي الكبير لدى مجتمعنا بأهمية التطوع وعمل الخير والعطاء تجاه مختلف القضايا، وهو ما سيتم توظيفه من خلال الانتقال من مفهوم التبرع لمرة واحدة أو لأجل قضية محددة إلى صندوق اجتماعي يحافظ على استدامة رأس المال، يتم استخدامه لأجل المجتمع وما يواجهه من أمور تحتاج إلى الدعم، إضافة إلى أنه سيتيح المجال لقياس نسب الأموال التي تأتي من المجتمع والتأكد من صرفها في التحديات الحقيقية. وأوضحت أن التحديات الاجتماعية تعد قضايا مركبة ولا يمكن تجاوزها بمجرد التوصل إلى حل واحد فقط، فالسمنة تعد نتيجة لعوامل تشمل التغذية غير السليمة، أو قلة الحركة، أو عدم توافر البنية التحتية المناسبة لممارسة الأنشطة البدنية، وللتغلب على هذه المشكلة يتطلب الأمر حلولاً مبتكرة، يحتاج تطبيقها إلى فترة من الوقت، بما يؤكد أهمية العمل المشترك لإيجاد الحلول المبتكرة المجتمعية.
ولفتت إلى أن الهيئة لاحظت وجود رغبة كبيرة لدى المجتمع بالتطوع، حيث بلغ عدد المسجلين نحو 400 ألف شخص في المنصة الوطنية للتطوع، إلا أنه عندما نقيس التطوع الفعلي، فإن نسبة المتطوعين تبلغ حوالي 18%، وهو الأمر الذي يؤكد أهمية تحويل قابلية العمل التطوعي إلى برامج متكاملة تضمن توفير العوامل اللوجستية من خلال هذه البرامج، بهدف تحقيق العائد الأكبر من التطوع، سواء للجهات أو للأفراد، عبر استغلال وقتهم بالشكل الأمثل. وخلصت العميمي إلى أن أسباب إطلاق هيئة معاً، تتمثل في إيجاد الصندوق الاجتماعي وآثاره الإيجابية على المشاريع، والوصول للحلول المبتكرة في نماذج التعاقدات، إضافة إلى تحقيق البرامج الخدمية المستدامة التي تقدم للمجتمع من خلال المجتمع نفسه.

اتفاقيات
وأشارت إلى أن الهيئة التمست خلال الفترة الماضية وجود الرغبة الكبيرة من القطاع الخاص للمشاركة، حيث أعربوا عن تقديرهم البالغ لآلية عمل الهيئة التي تسهم في إيجاد الرصد الحقيقي لنتائج استثماراتهم المجتمعية ووجود النموذج الواضح لمعرفة التحديات الاجتماعية ذات الحاجة للدعم، حيث نعمل بالتعاون معهم ومختلف الأطراف على الوصول للحلول المبتكرة التي تتناول مختلف أبعاد القضية الاجتماعية.
ولفتت إلى أنه سيتم قريباً توقيع اتفاقيات مع مختلف الجهات، بهدف توجيه القطاع الخاص نحو المساهمة في القطاع الاجتماعي، بحيث تتضمن أهداف القطاع بجانب تحقيق العائد الربحي، هدفاً آخر يشمل المساهمة المجتمعية الفاعلة، وفقاً للقوانين الحديثة للأعمال، كما يتم إجراء جولات تعريفية في مختلف الجهات الحكومية حول التحديات التي يواجهونها ونطاق عمل الهيئة ودورها المساهم، إضافة إلى أنه سيتم تعريف الطلبة على أهمية التفكير بطريقة مختلفة نحو بناء أعمال ريادة اجتماعية حيث سيتم التواصل معهم باستمرار.

محاور
وحول محاور الهيئة، أوضحت العميمي أنه سيتم الإعلان عن تفاصيل المساهمة في صندوق الاستثمار الاجتماعي خلال الفترة القريبة المقبلة، حيث تلقى الصندوق الدعم الأول من الدكتور علي بن حرمل الظاهري بقيمة 5 ملايين درهم، كما سيشارك عدد من الجهات المعنية بالصندوق، متوقعة أن يتم إطلاق نافذة تواصل مباشرة لتمكين الراغبين في تقديم العطاء للمساهمة في الصندوق حول تحديات مجتمعية سيتم تحديدها لاحقاً.
وأشارت العميمي إلى أن الهيئة مستمرة في استقبال طلبات الراغبين بالمشاركة في برنامج الحاضنة الاجتماعية حتى الـ 13 من يوليو المقبل، حيث تم تمديد فترة تلقي المشاركات نظراً للطلب الكبير على المشاركة من مختلف دول العالم، والتمسنا حضوراً فاعلاً من المواطنين، حيث جاءت أغلبية المشاركة من المواطنين الذين قدموا أفكارهم حول تمكين أصحاب الهمم وتفعيل دورهم، بما يسهم في تجاوزهم للتحديات التي يواجهونها، ويحقق لهم تطلعاتهم وآمالهم.
ولفتت إلى أنه سيتم اختيار مجموعة من المشاركين للانتقال للمراحل المختلفة من الحاضنة، حيث تم الانتهاء من إعداد منهج تدريبي يستمر لمدة 6 أشهر ويتضمن فصولاً تتعلق بالإدارة والأمور التخصصية التي تعنى بالاقتصاد وتطوراته، حيث سيتم استخدام جزء من المنهج في الحاضنات الاجتماعية المقبلة، بينما توجد أجزاء معينة ضمن المنهج والتي ترتبط بمحور الحاضنة الاجتماعية بذاته، حيث من المتوقع أن تبدأ بعض المشاريع الـ 10 ضمن الحاضنة دورها خلال نهاية العام الجاري. ورداً على سؤال حول نظام التعاقد الاجتماعي، بينت العميمي أن التعاقد الاجتماعي يعنى بتحدٍ يبرز في المجتمع، حيث يتم وضع له الحلول المبتكرة لمعالجته بالتكلفة المادية الأقل، بما ينتج عنه إنجاز الآثار الإيجابية المطلوبة التي تختصر التكاليف الكبيرة والإجراءات، حيث يرتبط تحقيق مقدار الآثار الإيجابية بمقدار ما يدفع بالجهة المعنية التي تعمل على إنجاز التحدي الاجتماعي.
وأشارت إلى أن الهيئة تعد الوسيط بين الجهة الحكومية التي ترى وجود ضرورة إيجاد التحدي المجتمعي من جهة، والقطاعين الخاص والثالث، لافتة إلى أن الراغبين بالمشاركة في هذا النوع من التعاقدات هم من أصحاب الأهداف المجتمعية في المقام الأول، حيث سيتم وضع منهجية قياس لرصد الآثار الاجتماعية الإيجابية ومدى إنجازها على المستوى بعيد المدى. وبينت أن برنامج المشاركة المجتمعية سيعمل على عقد شراكات مع الجهات المنفذة للتطوع، حيث سيتم تعزيز الفائدة من البرامج التطوعية من خلال قاعدة بيانات موضحة ومفعلة مع مختلف الجهات، بهدف تحديد المتطوعين الأنسب للبرامج والأنشطة التطوعية التي تنفذها هذه الجهات، بهدف تحقيق النقلة النوعية في الخدمة التطوعية وإعلام المتطوع بمؤشرات الأداء ونتيجة تطوعه على منظومة العمل، بما يمكنه من القياس واكتساب المزيد من المهارات المطلوبة. وحول القانون المرتقب حول تنظيم القطاع الثالث والأنشطة الاجتماعية، أوضحت العميمي أن القانون الذي ستصدره دائرة تنمية المجتمع في مراحله الأخيرة، حيث يعد القانون بمثابة المظلة التشريعية التي ستعمل خلالها هيئة «معاً» على تحقيق أهدافها الاستراتيجية، باعتباره مفعلاً للهدف الذي نسعى لتحقيقه وهو تمكين القطاع الثالث وتعزيز دور مختلف القطاعات لتحقيق النتائج المرجوة.

دور الأفراد
ودعت العميمي أفراد المجتمع كافة، من مواطنين ومقيمين، للمشاركة في مختلف البرامج التي ستطرحها الهيئة خلال الفترة الزمنية المقبلة، باعتبارهم الشريك الاستراتيجي الذي يمكن الهيئة من تحقيق أهدافها، لافتة إلى إيمانها العميق بوجود الرغبة لدى الجميع للعطاء الذي يعد طريقاً رئيسياً لتحقيق السعادة، وهو ما ننفذه من خلال مختلف البرامج التي ستلامس شرائح مختلفة من المجتمع. وبينت أن الهيئة ستدشن نافذة تواصل مباشرة إلكترونياً خلال الفترة المقبلة، لرصد وتحديد التحديات الاجتماعية والأفكار الواردة من الأفراد، كما تعمل من خلال الموقع الإلكتروني الرسمي وحساباتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لتقديم صورة عامة عن نمط عمل الهيئة والأهداف التي تسعى لإنجازها خلال العام الجاري.