أجرى الحوار: حسين الحمادي - حاتم فاروق

تعكف شركة الإنشاءات البترولية الوطنية حالياً على دراسة عدد من الفرص الاستثمارية والاستحواذ على شركات عالمية عاملة بقطاع الطاقة المتجددة، خصوصاً منصات طاقة الرياح البحرية، سواء في بحر الشمال أو في مناطق جنوب شرق آسيا، بحسب المهندس أحمد سالم الظاهري، الرئيس التنفيذي للشركة.
وقال الظاهري في حواره مع «الاتحاد»، إن الشركة في سبيل تنفيذ خطتها الاستراتيجية تهدف أيضاً إلى توسيع نطاق أعمالها بقطاع النفط، ليشمل قطاع البتروكيماويات والمشتقات النفطية والتكرير، مؤكداً أن جهود الشركة للتوسع والدخول في قطاعات جديدة، لا يعني تغييراً جوهرياً في نشاطها.
وأوضح أن هذا التوجه يشير بوضوح إلى قدرة الشركة على التكيف مع متطلبات السوق المتجددة والمتسارعة.
وأكد الرئيس التنفيذي أن نجاح مشاريع الشركة في السوقين المحلي والعالمي، ووصولها إلى قائمة الشركات الخمس الكبرى عالمياً في مجال تنفيذ مشاريع النفط والغاز، كان حافزاً قوياً لدراسة الدخول في قطاعات جديدة، بدعم مباشر من النتائج والعوائد المالية المتعاظمة، فضلاً عن الكوادر المواطنة المؤهلة العاملة بالشركة، إلى جانب السمعة الطيبة التي تتمتع بها «الإنشاءات البترولية» على المستويين الإقليمي والعالمي، بدعم من شركائها الاستراتيجيين بالسوق المحلي، وفي مقدمتها شركة «أدنوك» الوطنية.
وأضاف الظاهري أن «الإنشاءات البترولية» تعكف ضمن استراتيجيتها المستقبلية على تعزيز وجود خدماتها عبر الفرق الهندسية والفنية التابعة لها في الحقول النفطية البرية، سواء بالسوق المحلي أو الأسواق العالمية، لافتاً في هذا الصدد إلى أن الشركة تسعى نحو زيادة خدماتها الموجهة إلى الحقول البرية إلى 20% بدلاً من 10% حالياً، في حين تستحوذ خدمات الحقول النفطية البحرية على 80% من نشاطها بدلاً من 90% في الوقت الحالي.

الذراع التنموية
وحول مسيرة الشركة منذ نشأتها، أكد المهندس أحمد سالم الظاهري، الرئيس التنفيذي، أن «الإنشاءات البترولية الوطنية» تعتبر أحد أذرع إمارة أبوظبي الاستثمارية والتنموية منذ عام 1973 حين وجّه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، بتأسيس الشركة لخدمة قطاع النفط الناشئ في الإمارة.
وقال: «في تلك الفترة كانت دولة الإمارات تعيش الطفرة النفطية بكل تفاصيلها، ما دفع القيادة الرشيدة للتفكير في المحافظة على موارد الدولة وتنميتها، وخلق حالة مستدامة للإنتاج النفطي عبر تأسيس شركات وكيانات وطنية تتولى تطوير هذا القطاع الحيوي وإدارته، بما يخدم أهداف التنمية الشاملة ومصالح الدولة الاقتصادية».
وأضاف: «منذ أول يوم لتأسيس الشركة كان هناك حرص وتوجيه وسعي لتمكينها ودعمها وتطوير الكفاءات المواطنة فيها لتصبح قادرة على تنفيذ توجيهات القيادة وتحقيق تطلعاتها، لذلك تم وضع الاستراتيجيات والخطط، وتم العمل بجد واجتهاد لنصل إلى ما نحن عليه اليوم من كفاءات وطنية عالية وقدرات بمقاييس عالمية».
وأشار الرئيس التنفيذي إلى أن بداية «الإنشاءات البترولية» لم تكن أبداً متواضعة قبل أن تصل إلى ما وصلت إليه الآن، مضيفاً أن الشركة بدأت قوية بعزم المؤسسين وإخلاص وجهد الكوادر الإماراتية المواطنة، حتى أصبحت تمتلك عدداً من المراكز الهندسية حول العالم، وتمتاز بأكبر ساحة تصنيع وأكبر أسطول من البوارج والقطع البحرية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأوضح أن الشركة نجحت في القيام بقفزات نوعية وعززت مكانتها لتصبح اليوم شريكاً استراتيجياً مرموقاً لكبريات الشركات النفطية الوطنية والإقليمية مثل شركتي «أدنوك» و«أرامكو» وللعديد من شركات النفط العالمية الأخرى، مؤكداً أن الحقيقة التي يمكن أن نرويها للأحفاد أنه وبعد مرور 46 عاماً على تأسيس الشركة يمكننا أن نحكي ونتفخر بنجاحنا في تنفيذ كافة منصاتنا البحرية ومشاريعنا النفطية في أبوظبي، وتصديرها إلى عدد من الدول العربية ودول شرق وجنوب آسيا.
قائلاً: «استطعنا أن نقلب المعادلة ونتحول من مستوردين إلى مصدّرين متميزين ننافس كبريات الشركات العالمية في مجال تصميم وتنفيذ بل وتركيب المنصات البحرية العملاقة».

معدلات ربحية جيدة
وفيما يتعلق بالنواحي المالية، قال المهندس أحمد سالم الظاهري، إن الشركة سجلت خلال عام 2018 نتائج إيجابية مرضية، حيث ارتفع صافي الأرباح بمقدار 27% قياساً بالعام الأسبق، متوقعاً أن تحقق الشركة بنهاية العام الجاري أعلى معدلات في الربحية خلال تاريخها لتصل قيمة العائد إلى 7.1 مليار درهم، بمعدل نمو 34% عن عوائد العام الماضي البالغة نحو 5.4 مليار درهم.
وأضاف أن الشركة حققت على مدار السنوات الماضية معدلات ربحية جيدة ومستقرة كما كانت نتائجها المالية تؤشر بشكل إيجابي وواضح على النمو المستدام الذي تنعم به الشركة، التي حازت ثقة عملاء رئيسيين في صناعة النفط والغاز في الخليج والهند، مؤكداً أن القفزات النوعية التي شهدتها العمليات التشغيلية أسهمت بشكل كبير في تجاوز إيرادات الشركة 20 مليار درهم خلال السنوات الخمس الماضية.
ونوه الظاهري بأن إيرادات الشركة في نهاية العام الماضي بلغت نحو 5.3 مليار درهم بزيادة وصلت إلى 7% مقارنة مع 4.9 مليار درهم في العام الأسبق، فيما حققت الشركة قفزات نوعية خلال السنوات العشر الماضية في جميع المجالات التشغيلية والمالية، حيث قامت باستثمار نحو 4 مليارات درهم في أصول مختلفة لتعزيز عملياتها التشغيلية بالسوقين المحلي والعالمي، مؤكداً أن 48% من دخل الشركة يتأتى من عقود خارج الدولة.

هدف استراتيجي
وفيما يتعلق بأهم الأهداف الاستراتيجية التي تسعي «الإنشاءات البترولية» لتحقيقها خلال السنوات المقبلة، قال الرئيس التنفيذي إن الهدف الأسمى يتمثل في مسعى الشركة لتكون الشركة الرائدة عالمياً في مجال هندسة ومشتريات وبناء وتجهيز المنشآت والمرافق المتعلقة بصناعة النفط والغاز، منوهاً في هذا الصدد إلى الجهود التي تبذلها الشركة حالياً لدخول أسواق عالمية جديدة في جنوب وشرق آسيا، فضلاً عن الأسواق الأفريقية وبشمال أفريقيا.
وأكد الظاهري أن الشركة موجودة بالسوق الهندي منذ أكثر من 35 عاماً نفذت خلالها عقوداً تفوق قيمتها 10 مليارات درهم، منوهاً بأن الإنشاءات البترولية حريصة على تعزيز وجودها في الأسواق الهندية التي تعتبر إحدى الأسواق الواعدة الزاخرة بالفرص الاستثمارية، خاصة في القطاع النفطي والقطاعات التابعة له.
وكشف أنه يوجد لدى الإنشاءات البترولية شركات تابعة ومكتب تمثيلي دائم في السوق الهندية، علماً بأن السوق الهندية مدت الشركة بنحو 16% من إيراداتها خلال العام الماضي.
وقال إن الشركة تتملك حالياً أكبر ساحة لتصنيع المنصات وأكبر أسطول بحري في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، وكذلك تتملك 4 مراكز هندسية، اثنان منها في الهند، ومركز رئيس في أبوظبي والمركز الرابع في فرنسا، منوهاً بأن الشركة لديها أسواق مهمة منها السعودية والكويت والهند، فضلاً عن السوق المصري، حيث فازت الشركة مؤخراً بتنفيذ مشروع في منطقة البحر الأحمر من خلال التوقيع على عقود مع كبريات الشركات النفطية المصرية.

مشروع «أم اللولو»
وفيما يتعلق بمشروع «أم اللولو» الذي تنفذه الشركة لصالح شركة «أدنوك»، قال الظاهري إن المشروع تم تنفيذه على مرحلتين، بإجمالي تكلفة بلغت 2.5 مليار دولار، المرحلة الأولى تتكون من 8 منصات ضخمة تم إنجازها بالكامل بتكلفة بلغت 800 مليون دولار، والمرحلة الثانية تتكون من 5 منصات ضخمة، بتكلفة بلغت 1.7 مليار دولار. وأضاف أن منصة «أم اللولو» العملاقة من المنتظر أن تصل إلى الحقل النفطي خلال الأيام المقبلة، معرباً عن فخره واعتزازه بتدشين هذه المنصة التي تعد إحدى أكبر منصات النفط البحرية في العالم لصالح شركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك»، والتي تم إنشاؤها بالكامل داخل الدولة بسواعد وكوادر الشركة.
وقال إن المنصة العملاقة تتمتع بإمكانيات هائلة يندر وجودها في منصات النفط العالمية، ومنها على سبيل المثال أنها تعمل على معالجة الغاز المستخرج من حقل «أم اللولو» لاستخدامه في توليد الطاقة الكهربائية، فضلاً عن وجود محطة لتحلية مياه البحر، منوهاً بأن المنصة بدأت في شق طريقها باتجاه حقل «أم اللولو»، حيث تتولى شركة الإنشاءات البترولية الوطنية، بعد ذلك أعمال التشغيل، بما في ذلك تركيب المنصة الثابتة باستخدام أسلوب التعويم. وأوضح أن المنصة تم تصنيعها بأيدي فريق عالمي من الخبراء، بينهم مهندسون ومهنيون إماراتيون، فيما استُخدم في تصنيع المنصة مواد خام محلية تم توريدها من قبل عدد من الشركات منها شركة «حديد الإمارات»، وجرى تنفيذ المشروع بدعم أكثر من 35 مكتباً هندسياً متخصصاً وأكثر من 500 مورد، منوهاً في هذا الصدد بأن «الإنشاءات البترولية» نجحت بالوصول إلى المكون المحلي في عمليات تصنيع المنصة إلى معدل قياسي بلغ 78%.

مشروعان لـ«أدنوك» بـ200 مليون دولار
قال المهندس أحمد الظاهري الرئيس التنفيذي، إن شركة أبوظبي الوطنية للبترول «أدنوك» تعد شريكاً استراتيجياً أساسياً لشركة «الإنشاءات البترولية»، منوهاً بأن الشركة تقوم حالياً بتنفيذ مشروعين لصالح «أدنوك» تصل القيمة الإجمالية لهما إلى 200 مليون دولار. وأكد الظاهري، أن المشروع الأول يتمثل في تنفيذ منصة نفطية جديدة بقيمة 140 مليون دولار، لمشروع «أبو حصير»، حيث يصل وزن المنصة الجديدة نحو 2500 طن، ومن المنتظر إنجاز أعمال التصميم والتنفيذ بحلول نوفمبر المقبل.
أما المشروع الثاني الذي يتم تنفيذه في الوقت الراهن لصالح «أدنوك»، فهو عبارة عن تنفيذ قواعد لمنصات بترولية في حقل «دلما» بقيمة تصل إلى 60 مليون دولار. وأضاف أن 16% من إيرادات الشركة تأتي من خلال عقود محلية أي عن طريق «أدنوك» وشركاتها، معرباً عن أمله أن ترتفع هذه النسبة خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، مؤكداً أن استراتيجية «أدنوك» الشاملة للغاز وزيادة الطاقة الإنتاجية للنفط لتصل إلى 4 ملايين برميل نفط يومياً بحلول نهاية عام 2020 وإلى 5 ملايين برميل نفط يومياً بحلول عام 2030 سيكون لها أثر مهم وإيجابي على أداء قطاع النفط عموماً وعلى أداء شركة «الإنشاءات البترولية الوطنية» بشكل خاص.
وقال: تعتبر منصة «أم اللولو» لمعالجة الغاز المشروع الأكبر الذي نفذته الشركة حتى الآن بسواعد فريق من المواطنين الإماراتيين الملتزمين بتحقيق رؤية دولة الإمارات، لتكون من أبرز الرواد العالميين في تصدير حلول الطاقة. وتضطلع الشركة بمسؤوليات الهندسة والتوريد والتصنيع والتركيب البحري والتكليف والتشغيل لمجمع منشآت بحري ضخم يتضمن منصة للسكن ومنصة مرافق ومنصة صرف مياه ومنصة فصل، ومنصة أنابيب صاعدة.

10 مليارات درهم قيمة العقود مع «أرامكو»
قال المهندس أحمد سالم الظاهري الرئيس التنفيذي لشركة «الإنشاءات البترولية الوطنية»، إن الشركة ترتبط بعلاقات استراتيجية مع شركة «أرامكو» السعودية التي تعد من كبريات الشركات العالمية العاملة في قطاع النفط، مؤكداً أن عقود الشركة مع «أرامكو» بلغت 10 مليارات درهم.
وكشف الظاهري عن أن: شركة «أرامكو» وقعت في 2016 اتفاقية شراكة استراتيجية لمدة 6 سنوات مع شركة الإنشاءات البترولية الوطنية و4 شركات عالمية أخرى تعمل بالمجال نفسه، نعمل على تجديدها إلى عام 2025. وأكد أنه بموجب الاتفاقيات طويلة الأجل يضطلع المقاولون بمسؤولية تسليم عدد كبير من منصات إنتاج النفط والغاز في المناطق المغمورة ومنصات التجميع والكابلات وجميع المرافق والتجهيزات التي تتطلبها خطط الإنتاج الحالية للحقول المغمورة لـ «أرامكو» السعودية.
وأوضح الرئيس التنفيذي أن عدد العقود المبرمة بين الشركتين ارتفع إلى 10 عقود في مختلف المجالات تندرج في إطار اتفاقية الشراكة طويلة الأمد، فيما تعتزم «الإنشاءات البترولية» تأسيس ساحة تصنيع في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية على مساحة 500 ألف متر مربع بقيمة 160 مليون درهم، متوقعاً الانتهاء من المشروع خلال عام من استلام الأراضي المخصصة. وفي ما يتعلق بالسوق الكويتي، قال الظاهري، إنه من الأسواق الواعدة التي تسعى إليها الشركة، حيث تقوم حالياً بتنفيذ مشروع بري بقيمة 850 مليون درهم، يهدف إلى إزالة الأملاح النفطية، منوهاً بأن السوق الكويتية من الأسواق المهمة بالنسبة لـ«الإنشاءات البترولية» خاصة أن الكويت بدأت تفكر في تطوير حقولها البحرية، وهذا هو صلب اختصاصها.