«مهرجان جامعة زايد السينمائي» يتوج الأعمال الفائزة ويشجع المبادرات الشبابية
في العام 2010 قررت الطالبتان في جامعة زايد اليازية الفلاسي وريما ماجد أن يكون مشروع تخرجهما الجامعي على شكل مهرجان سينمائي طلابي، أطلقا عليه «مهرجان جامعة زايد السينمائي»، ويوم الخميس الفائت كان جمهور واسع من المهتمين بالسينما على موعد مع حفل ختامي لمهرجان جامعة زايد السينمائي للشرق الأوسط، إذ تحول المشروع إلى واقع، وغدا حلم طالبتين عاشقتين للسينما تقليداً إبداعياً راسخاً، حيث أصبح لجامعات الشرق الأوسط مهرجانها السنوي.
جاء حفل اختتام مهرجان «جامعة زايد السينمائي» أمس الأول ليسلط الضوء على نتاجات سينمائية واعدة، صنعتها خبرات وإمكانات متواضعة لطلبة قرروا اختراق حواجز الوقت، وعدم الركون إلى سلبية الانتظار في ظلال الزمن، وكان لطموحاتهم المتخطية لقدراتهم أن جعلتهم يحولون مقاعدهم الدراسية الضيقة إلى منصات انطلاق نحو آفاق رحبة، اخترقوا بعضاً منها، وثمة كثير في الانتظار.
فئات المهرجان
شهد حفل الاختتام، الذي قدمه سعود الكعبي، الممثل التلفزيوني والسينمائي الإماراتي، إلى جانب مياسة اليماحي، تكريم الفائزين في كل من الفئات التالية: أفضل فيلم وثائقي، وأفضل فيلم روائي، وأفضل قصة إخبارية، وأفضل فيلم للرسوم المتحركة.
واختارت لجنة التحكيم المكونة من نخبة من الخبراء في هذا المجال وهم مايكل جارين، المدير التنفيذي لشركة «إيماجنيشن»، وكيلين كوين، المدير المساعد لمهرجان أبوظبي السينمائي، والمخرجة السينمائية نادية فارس، الفائزين من بين 16 فيلماً مرشحاً للفوز. وشارك في المهرجان أكثر من 65 فيلما من 8 دول في منطقة الشرق الأوسط، وتم عرض نحو 40 فيلماً خلال فعاليات المهرجان على مدار 3 أيام.
وتضمنت قائمة الجامعات المشاركة في المهرجان 15 جامعة من منطقة الشرق الأوسط بما فيها الجامعة الأميركية في دبي، وجامعة السيدة اللويزة في لبنان، والجامعة الأميركية في مصر، والجامعة الفرنسية في مصر، ومعهد البحر الأحمر للفنون السينمائية في الأردن، وكلية دار الكلمة في فلسطين. وقامت مارلين روبرتس، عميد كلية الاتصال الإعلامي والعلوم، بتوزيع الجوائز على الفائزين ضمن حفل حضره عدد من كبار المسؤولين، وعمداء الكليات في الجامعة، والطلاب.
الأفلام الفائزة
فاز شريف وهبة من الجامعة الفرنسية في القاهرة بالجائزة الكبرى عن فيلم «عزيز»، بينما فاز إبراهيم حدرج من جامعة 6 أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب بجائزة أفضل فيلم روائي عن فيلم «4 حيطان»، وتقاسم جائزة أفضل فيلم وثائقي كل من منتمي شرحه من كلية دار الحكمة في فلسطين عن فيلم «أم الخير»، وأسامة نمروقة، من معهد البحر الأحمر للفنون السينمائية بالأردن عن فيلم «سواليف»، وقد شاءت الأقدار أن توافي المنية أسامة قبل عرض فيلمه في المهرجان، فقضى في حادث سير مؤسف، وتسلمت الجائزة عنه المنتجة ديما عمرو. وكانت جائزة أفضل فيلم للرسوم المتحركة من نصيب جابي ميلكي من جامعة السيدة اللويزة في لبنان عن فيلم «كانت هناك ريشة»، في حين فازت الطالبتان يسرا حسن ودعاء فهمي من جامعة زايد بأبوظبي بجائزة أفضل قصة إخبارية عن فيلم «مواقف».
كوميديا سوداء
يدور فيلم «عزيز» حول رجل يحمل الاسم نفسه، وهو يمضي الوقت في انتظار مساعدة من أصدقائه ليخرج من حالة الضيق والفقر التي تهيمن على واقعه الحياتي، انتظاره المضني هذا لا يحول بينه وبين التقاط بعض اللحظات الممتعة من الحياة التي يعيشها، بالرغم من ندرتها.
إلى ذلك، قال مخرج الفيلم شريف وهبة لـ»الاتحاد»: «أردت تصوير الكوميديا السوداء التي تغلف حياة الكثيرين من أبناء الشعب المصري، كما رغبت في تمرير رسالة مفادها أن بإمكان المرء أن يحول حالة الانتظار التي يعيشها إلى عامل إيجابي بدلاً من الركون إلى الركن السلبي فيها، طبعاً لا مناص لنا في حالات كثيرة من أن ننتظر تغيراً ما في الظروف المحيطة بنا والتي ترسم ملامح حياتنا، لكن بوسعنا في هذه الفترات الثقيلة أن نكون إيجابيين فنقوم بما يمكننا فعله خلالها».
أزمة وجودية
فيلم «أربعة حيطان» للمخرج اللبناني المقيم في مصر إبراهيم حدرج يتحدث عن معاناة وجودية لشاب في مقتبل العمر، يرى نفسه بعد وفاة والده مطوقاً بأسئلة عن معنى الحياة ما دام الموت متربصاً بالأحياء في كل لحظة، هو يقارع تلك الأحجية مطولاً، وعندما يعييه البحث عن حلول لها، ينتهي به الأمر مدمناً على المخدرات، ثم لا يلبث أن يستعيد توازنه النفسي بعد أن يمد يد العون لوالدته المريضة، وبعد أن يتلقى مساعدة من أحد أصدقائه.
وفي هذا السياق، يقول حدرج لـ»الاتحاد» إن فقدان الحس بالحياة أمر مربك، ولا بد للإنسان من أن يحدث فرقاً ما عبر إنجازاته، وإن تكن متواضعة، حتى يكون على وفاق مع إيقاع العيش الذي يغدو رتيباً ومملاً إذا فقد المرء وسيلة التفاعل مع الزمن.
معاناة إنسانية
الطالب الفلسطيني منتمي شرحة اختار العمل التوثيقي لشرح معاناة الفلسطينيين مع الاحتلال والاستيطان، لهذا سلط الضوء على تجربة عائلة «أبو مجد» التي تعيش في خيمة على أرض تملكها وسط مستعمرة «إيتامار» جنوب مدينة الخليل، بالرغم من المضايقات الكثيرة التي تتعرض لها العائلة، والتي وصلت حد تهديم خيمتها بالجرافات الإسرائيلية، هي ترفض الانصياع لرغبة المستعمرين في بيع الأرض لقاء مبالغ طائلة تتيح لها امتلاك منزل فاخر في أماكن أخرى، العائلة الفلسطينية تدفع في حياتها اليومية ثمناً باهظاً لتمسكها بأرضها، أي بحقوقها الإنسانية، لكنها تعتبر ذلك أمراً طبيعياً. يقول شرحة إنه سعى لتضمين الفيلم جرعة إنسانية تميزه عن المقاربات السياسية التي خضعت لها قضية الشعب الفلسطيني، وبشكل خاص جزئية الاستيطان، حيث كان بوسع الأطفال الصغار أن يشرحوا معاناتهم جراء الحرمان من بديهيات العيش، وتحولهم مع كل البراءة التي يملكونها إلى عناصر مستهدفة من قبل المستوطنين.
صفات البداوة
لم يقيض للطالب الأردني أسامة نمروقة أن يفرح بإنجازه السينمائي الأول، فقد غيبه الموت في حادث سير مؤسف، وتسلمت جائزة الفيلم منتجته ديما عمرو التي تقول إنه عمل يصور حياة البداوة التي بدأت تميل نحو الانقراض، مع كل القيم والعادات المحببة التي تميزها. وتضيف عمرو «ثمة الكثير من السمات التي تجعل البدو موضع غبطة الآخرين، فهم يتمتعون بمساحة حرية لا تتاح لسواهم، كذلك هم يمتلكون خصالاً إنسانية محببة تأتت لهم من نمط عيشهم المتحرك، منها الصبر والكرم والشجاعة، والتعاون، وإكرام الضيف، وسواها». أما الدافع وراء اختيار الفيلم أسلوب عيش البدو لتسجيله، فيعود إلى تراجع هذه الظاهرة، مما يطرح ضرورة توثيقها قبل زوالها الكلي.
مواقف
الطالبتان الإماراتيتان يسرا حسن عبد القادر ودعاء فهمي اختارتا عملية تنظيم مواقف السيارات في أبوظبي ليوثقاها، فكان فيلهما «مواقف» الذي يشرح التجربة، ويضعها تحت مجهر النقاش المجتمعي، حيث جرى استفتاء الناس في التدابير المتخذة، وكانت المحصلة آراء متناقضة جديرة بالنقاش.
في السياق ذاته، تقول يسرا عبد القادر إن الهدف من الفيلم هو مساعدة الناس على استيعاب الإجراءات المتخذة، وتوعيتهم بأهمية التنظيم المديني، وضرورة الالتزام بالقواعد الناظمة للتفاعل الجماعي.
جهات داعمة
يحظى مهرجان جامعة زايد السينمائي للشرق الأوسط 2011 بدعم من مهرجان أبوظبي السينمائي، الذي لا يقدّم العون والدعم الماديين فحسب، بل يزود الطلاب بمحاضرات ودروس تدريبية داخل القاعة التعليمية. وتضم قائمة الرعاة الآخرين كلاً من أكاديمية نيويورك للأفلام أبوظبي، ومطبعة «جلوبال» التجارية، ومجلس طلاب جامعة زايد بأبوظبي.
المصدر: أبوظبي