شارف المخرج خالد المحمود على الانتهاء من عمليات المونتاج النهائية لفيلمه “سبيل”، وهو عمل روائي قصير من تأليف الشاعر وكاتب السيناريو محمد حسن أحمد وبإشراف شقيقه عبدالله حسن أحمد، وبمشاركة نواف الجناحي كمساعد للمخرج، مع مشاركة أدائية لعدد من الممثلين الشبان ترافقهم الفنانة الإماراتية القديرة رزيقة الطارش في أول تعاون سينمائي لها مع المحمود الذي درس الإخراج السينمائي في الولايات المتحدة ويعتبر من المخرجين الذين يملكون رؤية خاصة تجاه السينما كشكل تعبيري يزاوج بين الواقع والفانتازيا من خلال لعبة بصرية تملك عدتها الكافية من الإدهاش واللمح والتأويل. وسبق للمحمود تقديم مجموعة من الأفلام القصيرة المميزة التي حازت جوائز وانتباهات نقدية في الوسط السينمائي المحلي ونذكر من هذه الأفلام: “ بنت النوخذة” و”أحلام في صندوق” و “قصة خيالية”، حيث قدم في هذه الأفلام المناخات السوريالية التي تتعامل مع هشاشة الواقع المحيط من خلال معالجات تخترق السرد الاعتيادي والمألوف، كما اتسمت تجارب المحمود الأخيرة بتعاملها مع هذا الواقع من بعده التراثي الذي يخاطب غموض الماضي، ويدخل في تفاصيله المغيبة بشيء من العناية والاهتمام بالفضاءات الثرية واللامعة لهذا الزمن المندفع نحو مجهوله الشاهق والشائق في ذات الوقت. وحول حيثيات وظروف إنتاج الفيلم التقت “الاتحاد” بالمحمود الذي أشار إلى أن قصة الفيلم تتمحور في زمن خاص وبيئة مغلقة تعبر عن جماليات الأماكن الجبلية والمعاناة الخفية لسكان هذه المناطق الذين يتخطون تعبهم وظروفهم القاسية بقدرة وقابلية كبيرة على التكيف مع هذه الأمكنة المعزولة، وتحويلها إلى أماكن يضج فيها الأمل رغم كل الظروف الموحشة المحيطة بهم. وأضاف المحمود “يروي الفيلم حكاية ولدين تتوقف طفولتهما عند الاعتناء بجدتهما المريضة التي تعيش في بيتها الجبلي الصغير، ويقومان بزراعة الخضراوات وحملها على دراجة هوائية من أجل بيعها على حافة الطريق، ولن يبقى لهم سوى هذا الطريق كسبيل مفتوح على الفرح واليأس معاً، وكدرب تمضي على جسده الذكريات الحلوة والمرة التي تكبر مع الطفلين ويكبران معها”. وعن تعاونه مع الشاعر محمد حسن أحمد قال المحمود إن نصوص محمد حسن السينمائية تتمتع بقدر كافية من الرؤية البصرية التي تهيئ مناخات سينوغرافية متناغمة مع البيئة التي تدور فيها أحداث القصص التي يكتبها، وقال إن سيناريو “سبيل” سبق له الفوز بالجائزة الثانية في مسابقة السيناريو التي أعلن عنها في مهرجان الخليج السينمائي الثالث الذي أقيم في دبي مؤخراً. وحول المشاركين في الشق التمثيلي من العمل قال المحمود “هناك ثلاث شخصيات رئيسية في العمل متمثلة في الشابين اللذين يعتنيان بجدتهما المريضة ويؤدي دورهما الممثل حسين محمود الذي سبق له المشاركة في أفلام روائية شاهدناها في مناسبات سينمائية مختلفة، وبالتالي فهو يملك بعض الخبرة التي تعينه للوقوف أمام الكاميرا، أما شقيقه في الفيلم فيقوم بدوره الممثل الشاب حسن المرزوقي الذي قدم أدواراً سابقة للمسرح، وبالتالي فإنني لم أغامر في اختياراتي للممثلين ولم أستعن بوجوه جديدة تقف أمام الكاميرا للمرة الأولى”. وعن اختياره للفنانة رزيقة الطارش في دور الجدة قال المحمود”رغم أن مساحة دورها كان قصيراً إلا أن رزيقة الطارش كونها فنانة قديرة لم تلتفت لمساحة الدور ولا لقصر زمن الفيلم نفسه، وترجمت دورها المكتوب بشكل محكم ومن خلال أداء احترافي أضاف كثيراً للقيمة الأدائية في الفيلم، فكانت قدوة للممثلين الشبان وعنصراً مهماً لتحفيزهم وإثارة حماستهم ورغبتهم في تقديم ما هو أفضل”. وبمناسبة الحديث عن فيلمه أثنى المحمود على مؤسسة الإمارات للنفع الاجتماعي التي قامت بإنتاج الفيلم وقال “إن هذه المؤسسة تعتبر رائدة في مسيرة السينما الإماراتية لأنها تدعم المشاريع السينمائية الرصينة وغير الربحية، وتسهم بقوة في دفع عجلة الإنتاج السينمائي المحلي”، وأضاف المحمود بأن هذا الدعم سوف يشجع الكتاب والمخرجين الشبان وعلى المدى الطويل في التواصل المثمر والفاعل مع فن خاص ونوعي مثل السينما ومن دون خضوع لشروط وتنازلات تجارية. وعن أماكن تصوير الفيلم أشار المحمود إلى أهمية وضرورة الحفاظ على البيئات القديمة وعدم إقحامها في خطط التوسع العمراني لأن هذه المناطق العذراء والبكر هي ما تبقى للفنانين والمخرجين السينمائيين كي يحاوروا الزمن الماضي دون تكلف وعناء، وأكد المحمود أنه يدين بالكثير لمناطق غير مطروقة في جبال “خت” و”الطويين” في إمارة رأس الخيمة لأنها عبرت بدقة وأمانة عن أجواء وجماليات الفيلم.