شادي صلاح الدين (لندن)

وسط احتفالات شعبية صاخبة بانتهاء حقبة العدالة والتنمية في إسطنبول -أكبر وأهم مدن تركيا- أجمع عدد كبير من المواطنين الأتراك أن تولي عمدة البلدية الجديد أكرم إمام أوغلو المسؤولية يمثل رسالة أمل لمواطني إسطنبول، مشددين على أن عضو حزب الشعب الجمهوري المعارض قادر على تحدي أردوغان وهزيمته لمرة ثالثة في انتخابات رئاسية.
وقال إمام أوغلو أمام حشد كبير أثناء حصوله على ختم عمدة البلدية من عمدة حاكم إسطنبول علي يرليكايا «سأخدم إسطنبول بأكملها، 16 مليون شخص من جميع مناحي الحياة وأنصار جميع الأحزاب السياسية».
وذكرت شبكة «دويتش فيله» الإخبارية الألمانية في تقرير لها عبر «دوريان جونز» عن ردود الأفعال عن تولي إمام أوغلو المسؤولية في إسطنبول أن حجم انتصاره تسبب في زلزال سياسي في تركيا، لافتة إلى أن الكثيرين يعتقدون أن هذا الانتصار سيكون له عواقب بعيدة المدى على الرئيس رجب طيب أردوغان والبلاد.
ونقلت الشبكة عن أحد المواطنين الأتراك «نحن ننتظر هذا الانتصار منذ وقت طويل. والآن هو هنا ورسالته هي أنه يريدنا أن نكون معاً والجميع يثق فيه. ونأمل أن يحقق انتصاراً جديداً بعد سنوات قليلة ويصبح رئيس تركيا».
ولكن الشعب المحتفل بفوز إمام أوغلو وصل إلى مسقط رأس الرئيس نفسه ضاحية «اسكودار» على مضيق البوسفور، والتي تعتبر أحد المعاقل الرئيسية لزعيم حزب العدالة والتنمية، ولكن حتى في هذه المنطقة، صوت الناخبون لصالح إمام أوغلو. وبين أنصار حزب العدالة والتنمية في هذه المنطقة كان هناك مشاعر متباينة.
وقال أحد الناخبين كبار السن «شخصياً أشعر بالحزن. كنت أصوت لرجب طيب أردوغان منذ أن ترشح في المدينة لأول مرة في عام 1993. كان من الأفضل لمرشحه أن يفوز لأن لديهم الخبرة. إنهم يحكمون منذ سنوات». لكن وعلى الجانب الآخر رد أحد المواطنين عليه قائلاً إن خسارة إسطنبول مؤشر على أن أردوغان وحزبه ضلوا الطريق، موضحاً أن الحكومة تخدع المواطنين. وقال: يجب أولاً أن تتصالح مع الناس، وتوقف عمليات القمع وسجن المفكرين وتعيد حرية تعبير. وثانيا يجب أن تستمع إلى الشعب وكيف يمكن إصلاح الاقتصاد إذا واصلوا بنفس العقلية. وأضاف: أقول بكل صراحة في الانتخابات القادمة لن يحصلوا حتى على 50% من الأصوات.
وقال مسعود يان أستاذ علم الاجتماع في جامعة إسطنبول شهير في تصريحات للشبكة الألمانية «نتائج بلدية إسطنبول تبرز أن أردوغان معرض لخسائر جديدة وهناك دوافع لحدوث انقسامات في حزبه. الكاريزما التي يعتمد عليها تعرضت لجروح بالغة. الهزيمة الأخيرة كشفت عن أن الجذور القديمة التي يعتمد عليها حزب العدالة والتنمية لم تعد قوية. لذا أعتقد أنه في شهر سبتمبر أو نحو ذلك سنرى حزباً جديدا لأن من يديرون الحزب لا يمثلون التنوع في تركيا، وبالتالي من سيشكلون الحزب الجديد سيقولون للشعب التركي إننا بحاجة إلى مزيد من التنوع والشمولية في حزب محافظ ليبرالي جديد».
وقالت مواطنة أخرى «الرئيس جاء من هذه البلدية في وقته. أكرم إمام أوغلو يمر الآن بنفس الشيء وسيكون هناك أيام أفضل وأكبر. كل الناس يعتقدون ذلك».
ومنحت إسطنبول أردوغان أول فوز له في عام 1994 كعمدة للمدينة وساعدته على الوصول والسيطرة على الحياة السياسية في تركيا ولكن هزيمة الأحد الماضي قد تمثل تحولاً كبيراً في الحياة السياسية في البلاد. ويرى مراقبون أن سكان إسطنبول وجهوا رسالة كبيرة إلى حكومة تركيا بأن عليهم التراجع عن غرائزهم الاستبدادية، إلا أنه ليس من الواضح ما إذا كان هناك أي شخص في أنقرة سيستمع أم لا.
ومن جانبها ذكرت صحيفة «ذا ناشيونال هيرالد» الأسبوعية أن الرئيس التركى قد لا ينجح في الحفاظ على منصبه حتى الانتخابات الرئاسية القادمة في عام 2023، مشيرة إلى أنه من خلال عملية الاستقطاب التي عانى منها الأتراك، حتى الناخبون المحافظون الذين صوتوا سابقاً لحزب العدالة والتنمية، أصبح إمام أوغلو، الذي زاد من تقدمه في سباق العمدة من أقل من 14 ألف صوت إلى أكثر من 800 ألف صوت في أقل من ثلاثة أشهر، «بديلاً قوياً لأردوغان» في السياسة التركية، وفقاً للصحيفة.
وبالإضافة إلى إسطنبول، فإن خسائر حزب العدالة والتنمية في أربع من أكبر خمس مدن أخرى في البلاد في استطلاعات الرأي المحلية في 31 مارس ستضعف حزب العدالة والتنمية مالياً، وفقاً للصحيفة. وقالت «هذا يعني أن الموارد التي تمكن حزب العدالة والتنمية من الوصول إليها والتي ساعدت الحزب كثيراً ستقل في جميع الاحتمالات».