من يد تيم هوارد، إلى قدم دونوفان الذي ركض بالكرة على طريقة نجوم أميركا في ألعاب القوى، إلى تمريرة ألتيدور، ثم تسديدة ديمبسي، وإنقاذ الحارس الجزائري مبولحي، ثم تدخل دونوفان لإحراز أغلى هدف في تاريخ أميركا.. كل هذا حدث في 12 ثانية فقط، بهذه المقدمة تفاعلت صحيفة لوس أنجلوس تايمز مع مباراة المنتخب الأميركي التي فاز بها على المنتخب الجزائري في آخر محطات الدور الأول للمجموعة الثالثة بالمونديال، وهو الفوز الذي منح الولايات المتحدة بطاقة التأهل إلى الدور الثاني في سيناريو أقرب إلى الخيال، وقالت الصحيفة الأميركية إن المحاولات المستمرة على المرمى الجزائري طوال 90 دقيقية لم تسفر عن إحراز أي هدف على الرغم من كثرة الفرص المهدرة، إلا أن المعجزة تحققت في 12 ثانية فقط بعد تعثر دام 90 دقيقة، وبدأت الـ 12 ثانية من يد الحارس هوارد وانتهت بمتابعة دونوفان الهداف التاريخي للمنتخب الأميركي. واكتفت الصحيفة بعنوان يقول “كل شيء حدث بسرعة مذهلة.. 12 ثانية تكفي لصنع المعجزة” من جانبها قالت صحيفة نيويورك تايمز في عنوانها الذي رصد المباراة وما رافقها من أحداث وتلاها من تبعات :”اللعبة الغريبة حصلت على الجنسية الأميركية”، في إشارة إلى أن التفاعل الكبير في الشارع الأميركي مع الانتصار على المنتخب الجزائري بهدف نظيف في توقيت قاتل والتأهل الإعجازي إلى الدور الثاني هو ما جعل الجميع يتعلقون بكرة القدم، وعلى الرغم من أن توقيت بث المباراة لم يكن مناسباً لغالبية سكان الولايات المتحدة، إلا أن ردود الأفعال الكبيرة بعد الفوز والتأهل إلى دور الستة عشر أثبتت أن كرة القدم التي كانت غريبة في أميركا بالأمس القريب أصبحت لعبة “أكثر شعبية” على حد وصف الصحيفة. وكان من أبرز التعليقات التي نقلتها “نيويورك تايمز” ما قاله الحارس الأميركي تيم هوارد الذي أكد أن بعض أحداث المباراة مع الجزائر كانت توحي له بأن العشق الأميركي لألعاب القوى، وتميز عناصر المنتخب الأميركي باللياقة العالية كان له دور حاسم في الفوز على المنتخب الجزائري، فقد اتضح الفارق اللياقي في الشوط الثاني، ويكفي أن هدف المباراة الوحيد جاء في الوقت المحتسب بدلاً من الوقت الضائع بطريقة تؤكد ارتفاع اللياقة البدنية الأميركية، وحفاظ اللاعبين على عنصر السرعة والانطلاق حتى في الدقيقة 91 من المباراة. أميركا ما زالت هناك صحيفة نيويورك بوست عنونت: “أميركا ما زالت هناك” في إشارة إلى استمرار الحلم الذي كان هدف دونوفان هو الإشارة الرسمية لاستمراره بعد أن كان الجميع قد فقدوا الأمل، حيث كانت النتائج حتى الدقيقة 90 تشير إلى تأهل إنجلترا وسلوفينيا إلى الدور الثاني للمونديال، إلا أن السيناريو الدراماتيكي حدث في الدقيقة 91 وتأهلت أميركا على قمة المجموعة، وهي المرة الأولى في تاريخ مشاركاتها في المونديال التي تتأهل إلى الدور الثاني وهي متصدرة المجموعة. وجاء في عنوان صحيفة “يو اس ايه توداي” الذي رصد المباراة :”أميركا صنعت التاريخ في الوقت بدل الضائع”، وفي التفاصيل قالت إن القدر ابتسم أخيراً للفريق الأفضل والذي دانت له السيطرة على غالبية أوقات المباراة، ولم يكن ضياع الفرصة تلو الأخرى إلا مؤشراً على أن الهدف قادم، وقد أكد قائد ونجم المنتخب الأميركي دونوفان على ذلك بقوله: “إنها الروح الأميركية، وهو درس لنا ولغيرنا، فالإصرار على تحقيق الهدف هو أهم مقومات النجاح، حيث لم نشعر باليأس ولم نستسلم لسوء الحظ الغريب الذي صادفنا طوال المباراة، إلا أن جاء الهدف في الوقت القاتل”. وأجمعت الصحف الأميركية على أن الفوز التاريخي (بالنظر إلى توقيت الهدف) على المنتخب الجزائري والتأهل إلى دور الستة عشر هو أهم لحظة في تاريخ كرة القدم بالولايات المتحدة نظراً للإثارة الكبيرة في أحداث المباراة، وعلى الرغم من امتلاك الولايات المتحدة لتاريخ كروي لا بأس به وخاصة على مستوى عدد مرات الترشح إلى نهائيات كأس العالم والتي بلغ عددها 9 مرات من 19 مرة، وعلى الرغم من الصعود من قبل إلى دور الستة عشر في نسخة 1994، والتأهل إلى ربع النهائي في 2002 ، إلا أن سيناريو التأهل في 2010 كان له وقع مختلف، وجعل الملايين في الولايات المتحدة يتعلقون بكرة القدم، كما أشارت الصحف الأميركية إلى أن أهم دروس المونديال الحالي هي الرسالة التي وجهها منتخبها إلى العالم، والتي تقول :”أميركا ليست أمة يستهان بها في كرة القدم”. يذكر أن الولايات المتحدة شاركت في المونديال 9 مرات من أصل 19 مرة أقيمت خلالها البطولة، وكان الحضور الأول في مونديال 1930 (المونديال الأول في التاريخ)، وطوال مسيرتها المونديالية خاضت أميركا 28 مباراة، حققت الفوز في 7 مباريات والتعادل في 5، وتلقت 16 هزيمة، وتمكن هجومها من تسجيل 31 هدفاً، ودخل مرماها 54 هدفاً، ويعد دونوفان هو الرمز الجديد للكرة الأميركية وهو الهداف التاريخي للمنتخب، فقد أحرز حتى الآن 44 هدفاً في 126 مباراة دولية.