أكملت كوريا الجنوبية مبارياتها في المجموعة الأولى بـ «علامة كاملة»، فهزمت الصين وتصدرت مجموعتها، دون تلقي أي هدف، أو إهدار لأي نقطة، وليس في هذه الفاعلية أي جديد، لكن الجديد خلال ترويض «التنين» الصيني، تمثل بظهور لاعب توتنهام، وما يمكن وصفه بأشهر لاعب آسيوي عالمياً هذه الأيام؛ هيونج مين سون.
سون بات قصة كروية وطنية بكافة متناقضاتها، فبعد أن كان مجبراً على المشاركة بدورة الألعاب الآسيوية في جاكرتا، وقاتل وزملاؤه من أجل مسيرتهم، ليحققوا الذهب ويتجنبوا الخدمة العسكرية طويلة الأمد، التي من شأنها ضرب مسيرتهم الاحترافية، لكنه في آسيا 2019، تم معاملته بشكل خاص، فتم الاتفاق مع توتنهام على بقائه معهم، حتى تنتهي فترة الضغط ما بين أواخر ديسمبر ومطلع يناير، ثم يلتحق ببلاده في المباراة الثالثة.
في هذا التناقض توازن جميل، فهناك قوانين واضحة تنطبق على كافة أفراد الشعب بلا تفرقة مهما كانت مهنتهم أو شهرتهم، وهناك روح القانون الذي يمكن استخدامه لمكافأة أصحاب الإنجازات، وتيسير حياة وجوه البلد الناجحين، وهذا ما تم تطبيقه في كأس آسيا، وما يمكن اعتباره درساً مهماً في التعامل الرسمي، مع مثل هذه القضايا، وأيضاً هناك وجه احترافي مشرق لهيونج مين بتعامله مع القضية الأولى، دون محاولة الضغط مستخدماً شهرته ومشجعيه.
ولعل دور الإعلام هناك كان لافتاً أيضاً، فسنحت لي فرصة الجلوس مع صحفيين كوريين من القادمين إلى الإمارات لتغطية البطولة، وسألتهما عن موقف الإعلام في الموقفين، فكان الجواب أنهم تناولوا الموضوع بهدوء وسرد متوازن لوجهات النظر، وهذا ما ساعد على سير القضيتين بسلاسة.
لو تمت مقارنة هذه الحالة مع تجارب لدينا في العالم العربي، لوجدنا اختلافاً واضحاً، فدائماً القضايا تتحول لرأي عام، والإعلام لا يتعامل معها بشكل متوازن، وحتى اللاعب قد يأخذ الأمور للتصعيد، والاتحاد الكروي تكون ردة فعله بفرض الرأي واستعراض القوة، فيختل التوازن، ويتأثر المنتخب واللاعب، وحتى أجواء كرة القدم في البلد كلها.
من هذه الأمثلة الجيدة يمكن التعلم، وليس مجرد رؤيتها وإبداء الإعجاب فيها، ويمكن استخدام مثل هذه الأمثلة لتكون جزءاً من التخطيط والفكر الإداري، فيكون الجميع مستعدين لأي قضية طارئة، فيتم احتواؤها دون توتر أو تصرفات غير مدروسة.