لندن (الاتحاد)

أكد خبراء غربيون في الاقتصاد، أن الأزمة المالية التي تضرب تركيا في الوقت الراهن، أدت إلى حدوث انهيارٍ حادٍ في قطاع العقارات والقروض العقارية في هذا البلد، بنسبةٍ قاربت الثلث مع نهاية الشهر الماضي، مُقارنةً بمستواها في الفترة نفسها من عام 2018.
وقال الخبراء، إن أحدث البيانات الرسمية الصادرة في أنقرة تفيد بأن مبيعات المنازل في مختلف المدن والبلدات التركية، هوت إلى 82 ألفاً و252 وحدةً في نهاية مايو، أي بنسبة انخفاضٍ تبلغ قرابة 31%، عما كانت عليه في الشهر ذاته من العام الماضي.
وأشار الخبراء - في تقريرٍ نشره موقع «وولف ستريت» المتخصص في الشؤون الاقتصادية - إلى أن هذا التراجع الشديد، وهو الأكبر من نوعه منذ عام 2013، أعقب انخفاضاً شهده أبريل 2019 وبلغت نسبته 18%. وأبرز التقرير ما كشفت عنه البيانات نفسها، من أن حجم مبيعات الوحدات السكنية في تركيا تراجع خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري بنسبة 19% مُقارنةً بالفترة ذاتها من 2018، بعدما لم يتجاوز عدد الوحدات المُباعة بين شهري يناير ومايو 2019 مستوى 432 ألفاً و88 وحدة. وأشار تقرير «وولف ستريت» إلى أن كل هذه الأرقام تؤكد معاناة قطاع الإسكان في تركيا من حالة ركودٍ عميقٍ، في ظل تواصل انهيار العملة المحلية وتفاقم أزمة الديون التي تعانيها البلاد، وهو ما أدى إلى حدوث ارتفاعٍ كبيرٍ في معدل الفائدة على القروض العقارية، وتراجع حجم الإنفاق الاستهلاكي.
وشدد التقرير على أن ذلك الركود يبرهن على فشل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة التركية على مدار الشهور الماضية لضخ الحياة من جديد في هذا القطاع، من خلال تخفيض الضرائب والرسوم المفروضة على عمليات شراء المنازل وبيعها، وتقليص الفوائد المُستحقة على القروض الممنوحة من المصارف الحكومية، وهو ما لم يحقق أي نتائج إيجابية. واستعرض التقرير - الذي أعده دون كيخونيس - بعض المؤشرات التي تثبت فشل أنقرة الذريع في مواجهة الأزمة الحادة التي تضرب قطاع الإسكان في البلاد، وعلى رأسها تراجع عدد المنازل المُباعة خلال 2018 بنسبة 2.5%، في سابقةٍ كانت الأولى منذ ست سنوات.
بجانب ذلك، هوى عدد القروض العقارية التي تم الاتفاق عليها خلال العام نفسه بنسبة 42% بواقع ربع مليون قرض تقريباً، وهو ما يقل عن المستوى القياسي الذي وصل إليه ذلك النوع من القروض في 2017، وبلغ قرابة نصف مليون قرضٍ عقاريٍ.
وشكّل ذلك نذيراً بما حدث خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي التي شهدت انهياراً لقطاع الإقراض العقاري بدوره، إذ انخفض عدد القروض التي تم الاتفاق عليها في تلك الفترة بنسبة 65%، ليتراجع إجماليها من 154 ألف قرض إلى نحو 54 ألفاً لا أكثر.
وشدد «وولف ستريت» في تقريره على أن تفاقم الأزمة الراهنة دفع المصرفين الحكوميين الأكبر في تركيا، وهما مقربان من الرئيس رجب طيب أردوغان، إلى عرض قروضٍ عقاريةٍ بفوائد أقل من تلك السائدة في البلاد، في محاولةٍ لتشجيع المواطنين الأتراك على العودة لشراء المنازل وتنشيط القطاع العقاري. وأشار التقرير إلى أن مصارف حكوميةً انخرطت كذلك في تقديم عروضٍ للمواطنين الأتراك المُثقلين بالديون، لإعادة جدولة ديونهم المُستحقة لمصارف خاصة بأسعار فائدةٍ منخفضةٍ مدعومةٍ من الدولة، مُحذراً من أن هذا التوجه قد يكبد الميزانية التركية خسائر فادحةً، في ضوء أنه يُحَمِّل الحكومة مزيداً من الديون والمخاطر الائتمانية.
ولم يغفل الموقع المعني بالتقارير والتحليلات الاقتصادية القرار الذي اتخذته وكالة موديز للتصنيف الائتماني الدولي منتصف الشهر الجاري بتخفيض التصنيف السيادي لتركيا، وهو ما عزته الوكالة آنذاك إلى تصاعد إمكانية مواجهة هذا البلد خطر حدوث أزمةٍ في ميزان المدفوعات، وهو ما يفاقم احتمالات عجز الحكومة هناك عن سداد ديونها.
ونقل الموقع عن الوكالة قولها إن المصارف التركية تتحمل في الوقت الراهن «مخاطر غير معقولة، في ضوء تزايد حجم القروض التي منحتها» للمواطنين الأتراك، وتحذيرها من إمكانية أن يلجأ نظام أردوغان إلى تبني «إجراءاتٍ متطرفةٍ» لمواجهة الأزمة أو محاولة تخفيفها، من قبيل وضع قيودٍ على انتفاع المودعين من ودائعهم بالعملات الأجنبية.
وقال «وولف ستريت» إن الرئيس التركي لم يُبدِ حتى الآن سوى اهتمامٍ لا يُذكر، بتطبيق التدابير التي يدعو إليها المستثمرون والمُقرضون الدوليون وكذلك المصارف ووكالات الائتمان للتعامل مع الأزمة الراهنة، من قبيل طلب خطة إنقاذٍ عاجلةٍ من صندوق النقد الدولي، على غرار تلك التي أُعِدَت للأرجنتين العام الماضي، أو تقليص تدخلاته في وضع السياسات الاقتصادية والنقدية.
وبرر الموقع في تقريره عدم حماسة أردوغان للمضي على طريقٍ مثل هذا، بأنه لا يريد الإقرار بالفشل الذريع الذي مُنيت به الأداة الرئيسية التي اعتمد عليها في السابق لاكتساب شعبيةٍ بين مواطنيه، ألا وهي الاقتصاد.

أميركا: تركيا لن تحصل على «إف 35» بسبب «إس 400»
قالت مبعوثة الولايات المتحدة إلى حلف الأطلسي «الناتو»، أمس، إن تركيا ستستبعد من برنامج طائرات «إف 35» المقاتلة المتطورة فائقة التكنولوجيا إذا مضت قدماً في خطط شراء صواريخ الدفاع الجوي «إس 400» الروسية. وقالت كاي بيلي هتشيسون، سفيرة الولايات المتحدة عشية مباحثات الناتو في بروكسل: «سيكون هناك انفصال عن إف 35» إذا اشترت تركيا النظام الروسي، كما كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد تعهد. وأضافت: «لا يمكننا أن نترك برنامج (إف 35) يتأثر أو يتزعزع استقراره بأي شكل، بوجود هذا النظام الروسي». وكانت الولايات المتحدة وحلفاء آخرون في الناتو قد شكوا مراراً من صفقة الصواريخ الروسية، وقالوا إن نظام «إس 400» لا يتفق مع الأنظمة الأخرى للحلفاء، ويمثل تهديداً أمنياً.