إسطنبول (وكالات)

للمرة الثانية خلال ثلاثة أشهر، يوجه سكان بلدية إسطنبول ضربة قاسية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه الحاكم، وذلك باختيار مرشح المعارضة، أكرم إمام أوغلو، رئيساً لبلدية إسطنبول الكبرى في جولة الإعادة على المنصب، بعد أن اختاروه في الجولة الأولى من الانتخابات التي جرت 31 مارس الماضي.
وأظهرت النتائج الأولية حصول إمام أوغلو مرشح «تحالف الأمة» المعارض (مكون من حزبي الشعب الجمهوري، والخير)، على 53.68%، بينما حصل يلدريم، مرشح «تحالف الجمهور» (مكون من العدالة والتنمية الحاكم، والحركة القومية) على 45.40%، وحقق بذلك تقدماً بأكثر من 775 ألف صوت بزيادة كبيرة مقارنة مع مارس، عندما فاز بفارق 13 ألفاً فقط.
وقد هنأ بن علي يلدريم المنتمي لحزب العدالة والتنمية التركي الحاكم، أكرم أمام أوغلو بفوزه في جولة الإعادة لانتخابات إسطنبول، معرباً عن أمله في أن يخدم المدينة جيداً، مؤكداً أن تلك الانتخابات تظهر أن الديمقراطية التركية تعمل بشكل مثالي. كما هنأ أردوغان مرشح المعارضة إمام أوغلو في تغريدة لفوزه في انتخابات إسطنبول المعادة. وكان يلدريم (63 عاماً) تعرض للهزيمة أمام أكرم إمام أوغلو (49 عاماً) المنتمي لحزب الشعب الجمهوري المعارض، في الجولة الأولى من الانتخابات في 31 مارس.
وبحسب الهيئة العليا للانتخابات، فقد تجاوز عدد الذين يحق لهم التصويت في انتخابات يوم أمس 10 ملايين ونصف المليون ناخب، أدلوا بأصواتهم في 31 ألف مركز انتخابي، ضمن 39 قضاء في ولاية إسطنبول. ولا يشكل اقتراع إسطنبول مجرد انتخابات بلدية بل أيضاً امتحاناً لشعبية أردوغان وحزبه في وقت تواجه فيه تركيا صعوبات اقتصادية كبيرة. ولم يتردد أردوغان بالقول مراراً «من يفز في إسطنبول يفز بتركيا». والرهان كان بالنسبة إليه هو الاحتفاظ بالعاصمة الاقتصادية لتركيا البالغ عدد سكانها 15 مليون نسمة، ويسيطر عليها حزبه منذ 25 عاماً. أما المعارضة، فكانت تعتبر هذه الانتخابات فرصة لتكبيد أردوغان أول هزيمة كبيرة له منذ 2003.
وتعهد أكرم إمام أوغلو، عقب فوزه برئاسة بلدية مدينة إسطنبول بفارق كبير عن أقرب منافسيه وفقاً للنتائج الأولية، ببذل مزيد من الجهود للنهوض بالمدينة، مؤكداً أن فوزه في إسطنبول يشكل «بداية جديدة» لتركيا.
وعبّر إمام أوغلو، في كلمة نقلتها وسائل الإعلام التركية عن شكره لكل من دعموه من سكان إسطنبول، مؤكداً أن الانتخابات سيكون لها وقع إيجابي على الديمقراطية في تركيا. وتابع «لدي الكثير من المشاعر التي تحتاج إلى صفحات للتعبير عنها، لكن ما يمكنني قوله الآن، شكراً للجميع، لاسيما من تحملوا عناء الوقوف في مراكز الاقتراع».
وأضاف «نحن مع الديمقراطية في تركيا على طول الخط، ولقد أغلقت صفحة اليوم في إسطنبول، لكن هذا لا يعني فتح صفحة جديدة، بل يعني بالنسبة لنا بداية جديدة».
كما تعهد المعارض التركي بنشر التسامح والعدالة في المدينة، مطالباً الأطياف السياسية كافة بالتوقف عن المشاحنات، والصدامات في عالم السياسة، والتركيز على تقديم الخدمات لهذا الشعب.
وشدد على أن «أطياف مدينة إسطنبول كافة، من المؤيدين والمعارضين، كان لهم دور بالغ في خروج الانتخابات بالشكل الذي شاهدناه اليوم، ولذلك أنا ممتن لهم جميعاً، وأريد أن أبلغهم شكري فرداً فرداً». واستطرد «كما أتقدم بالشكر لزوجتي، وأبنائي، ورئيس حزبي (الشعب الجمهوري، كمال قليجدار أوغلو)، وأمانات الشباب والمرأة بالحزب، وللجميع بلا استثناء من معارضين ومؤيدين، أتراكاً وأكراداً وأية عرقيات أخرى».
واعتبر المراقبون أن هذه الانتخابات تمثل اختباراً رئيساً لأردوغان وحزبه الحاكم (العدالة والتنمية) بعد أن خسرا بفارق طفيف السيطرة على هذه المدينة التي تعد بمثابة جائزة لكونها الأكثر سكاناً وهي العاصمة المالية للبلاد، وذلك في انتخابات 31 مارس. وأدلى أردوغان بصوته في منطقة «أسكودار» بالشطر الآسيوي من إسطنبول. وكان برفقته كل من عقيلته أمينة وابنته إسراء وزوجها وزير الخزانة والمالية براءت ألبيرق. كما أدلى بن علي يلدريم مرشح أردوغان للمنصب بصوته.
كما أدلى أكرم إمام أوغلو، مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض، بصوته في الانتخابات. وقال: «شعبنا سيتخذ القرار الأفضل اليوم من أجل ديمقراطيتنا، من أجل إسطنبول، ومن أجل شرعية جميع الانتخابات التي ستشهدها بلادنا في المستقبل».
وقال إنه يتوقع نتيجة «جيدة جداً» للانتخابات. وهتفت حشود: «كل شيء سيكون على ما يرام»، وهو شعار حملة إمام أوغلو.