بانكوك (أ ف ب)
اجتمع قادة رابطة دول جنوب شرق آسيا «آسيان» في بانكوك أمس، مصممين على الدفع بأكبر اتفاق تجاري في العالم قدما، وسط نزاع تجاري محتدم بين الولايات المتحدة والصين يؤثر على آفاق اقتصاداتهم التي تعتمد على التصدير.
وتنعقد قمة رابطة دول «آسيان» برئاسة تايلاند لمدة يومين، وستحتل التجارة الحيز الأكبر من المناقشات التي تتضمن أيضا تلوث البحار بالبلاستيك، إذ يحرص قادة دول الآسيان على تسريع توقيع اتفاق تجاري صاغته الصين، يشمل قرابة نصف سكان العالم.
والاتفاق المعروف باسم «الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة» يشمل كل الدول العشر في رابطة آسيان، إضافة إلى الهند واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا.
ويعتبر الاتفاق آلية للصين لوضع قواعد التجارة في منطقة آسيا - المحيط الهادئ، عقب انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة.
فبعد وقت قصير على انتخابه، انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من «اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ» الذي كان ليصبح أكبر اتفاق تجاري في العالم، بعد أن وصفه بـ«قاتل الوظائف» الأميركية.
وفيما أدى تبادل فرض رسوم جمركية بين أكبر اقتصادين في العالم إلى فرار عدد من المصنعين من الصين إلى ملاذات أكثر أماناً في دول الرابطة، يقول خبراء الاقتصاد إن الصورة الكبيرة للنمو العالمي قاتمة.
وفي هذا السياق، قال المتحدث الحكومي التايلاندي ويراشون سوكونداباتيباك للصحافيين، إن اتفاق «الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة أساسي لزيادة حجم التجارة».
من جهته، قال وزير الاتصالات الفلبيني للصحافيين مارتن إم. أندنار :«كلما تم تسريع تطبيقه كان ذلك أفضل»، وأضاف أن «التجارة الحرة هي حتما ما نريده هنا في هذه المنطقة»، لافتاً إلى أن النزاع التجاري الأميركي الصيني تسبب في جعل «العالم بأسره يواجه صعوبات».
والتقدم بشأن الاتفاق في الأشهر القليلة الماضية يراوح مكانه مع تخوف الهند من أن تُغرق السلع الصينية الرخيصة سوقها الاستهلاكي الضخم.
كما أثارت أستراليا ونيوزيلندا مخاوف بشأن نقص تدابير الحماية الخاصة بالعمل والبيئة.
وبحسب مسودة بيان للقمة، فإن الرابطة مستعدة للموافقة على إعلان «لمنع وخفض» النفايات البحرية «بدرجة كبيرة» بينها البلاستيك في أنحاء المنطقة.
ورغم أن البيان هو الأول من نوعه للمنطقة المسؤولة عن ملايين الأطنان من النفايات البلاستيكية في المحيط كل عام، يخشى النشطاء من أن النص لا يفعل ما يكفي لوقف استخدامات البلاستيك لمرة واحدة .
ويستعد القادة أيضاً لمناقشة مسألة بحر الصين الجنوبي الشائكة في اجتماعهم، ومراجعة مسودة اتفاق على «مدونة سلوك»، رغم أن المراقبين يشككون في إحراز تقدم يذكر نحو إنجاز الاتفاق.
وخيمت على النقاشات حول البحر الغني بالموارد والذي تطالب بكين بمعظم مساحته، حادثة اصطدام سفينة صينية بمركب صيد فلبيني ما تسبب بغرقه.
وأعلنت مانيلا إطلاق تحقيق مشترك في الحادثة التي قالت إنها لن تؤثر على سير محادثات «مدونة السلوك».
من جهة أخرى، أطلق مجلس أعمال دول الآسيان - الاتحاد الأوروبي «EU-ABC» أمس، تقريراً مشتركاً بعنوان «إزالة الحواجز غير التعريفية من منظور التجارة»، الذي يبحث مدى انتشار الحواجز غير الجمركية أمام التجارة في ثلاثة قطاعات صناعية رئيسة في دول الآسيان، وهي السيارات، والأغذية الزراعية، والرعاية الصحية.
واستهدف التقرير الضوء على الحاجة لاتخاذ إجراءات أسرع لإزالة الحواجز غير التعريفية في المنطقة لمساعدة دول الآسيان على تحقيق أهدافها على النحو المنصوص عليه في مشروعين لمجموعة دول رابطة الاقتصاديات الآسيوية (ASEAN)، وهما خفض تكلفة التجارة بنسبة 10% بحلول 2020 ومضاعفة التجارة بين دول الرابطة بحلول عام 2025 الذي اتفق عليه قادة دول الـ«آسيان» في عام 2017. وقدم التقرير عدداً من التوصيات إلى دول هذه المنطقة، بهدف مساعدة المنطقة على تسريع إزالة الحواجز غير التعريفية.
وتعليقاً على نتائج التقرير، قال دونالد كاناك، رئيس مجلس أعمال دول الآسيان - الاتحاد الأوروبي «حققت الآسيان تقدماً ممتازاً في إلغاء التعريفات الجمركية للتجارة داخل رابطة أمم جنوب شرق آسيا، إلا أن التدابير غير التعريفية زادت بشكل ملحوظ رغم التعهدات بخفضها».
وأضاف «يبرز هذا التقرير الصادر عن مركز التجارة الآسيوي المشكلة في 3 قطاعات داخل الآسيان»، مؤكداً أن «تخفيض الحواجز غير الجمركية سيعزز التجارة داخل رابطة دول جنوب شرق آسيا، ويزيد الابتكار، ويخفض التكاليف بالنسبة للشركات والمستهلكين. كما يجب أن يخلق فرصاً تجارية للشركات الصغيرة والمتوسطة داخل دول الآسيان».
وخلص التقرير إلى أنه «في غياب تركيز أوضح وأكثر استدامة وأكثر تشدداً على تقليل عدد ونطاق الآليات غير التعريفية الحالية والقضاء على الحواجز غير التعريفية، لن تحقق دول الآسيان أهداف 2025 ولن يكون النمو مرتفعاً كما يجب أن يكون في الدول الأعضاء في رابطة أمم جنوب شرق آسيا، وسيضيع الكثير من الوعود المتضمنة في ممارسة الرابطة».