محمد إبراهيم (الجزائر)
شاركت الشابة الجزائرية، إلهام بوخالقة (32 عاماً)، في مظاهرات الحراك الشعبي، منذ بدايتها في 22 فبراير الماضي، ومع دخول الحراك شهره الخامس، ترى إلهام أن ما تحقق كان إنجازاً كبيراً، ولكن يجب الانتباه إلى بناء الدولة في المرحلة الراهنة. إلهام، تعمل أستاذة جامعية بكلية الإعلام بجامعة حكومية، وتقول لـ «الاتحاد» إن: «لم يتخيل أحد أن يطيح الحراك بالرئيس السابق، عبدالعزيز بوتفليقة، ولا أن يزج برموز نظامه في السجن». وأضافت أن: «السعيد بوتفليقة والجنرال توفيق رئيس المخابرات السابق كانا يحكمان البلاد، دون اكتراث لرأي الشعب، وأعتقد أنهما الآن يلقيان جزاءهما عما اقترفاه». ومنذ 4 مايو الماضي، تم توقيف كل من السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس السابق، المستشار بالرئاسة، والجنرال محمد مدين المعروف باسم الجنرال توفيق، والجنرال عثمان طرطاق المعروف باسم البشير، رئيسي المخابرات السابقين، بتهمة التآمر على سلطة الدولة والجيش، وهي الاتهامات التي قد تصل عقوبتها إلى الإعدام. وقالت: «رأينا أفراد العصابة يتساقطون، وبعضهم دخل إلى السجن متهماً في قضايا فساد، والبقية تأتي في الطريق». والفريق أحمد قايد صالح، نائب وزير الدفاع رئيس الأركان الجزائري، هو صاحب مصطلح «العصابة» الذي أطلقه على الفاسدين من المسؤولين السابقين المقربين من بوتفليقة وشقيقه. ومنذ استقالة بوتفليقة، يلاحق القضاء الجزائري عدداً من رموز نظامه، أبرزهم أحمد أويحيى وعبدالمالك سلال رئيسا الوزراء السابقان وعدد من الوزراء والولاة وكبار المسؤولين السابقين والحاليين بتهمة الفساد المالي، بالاشتراك مع عدد من رجال الأعمال بذات التهم، وأُودع عدد منهم قيد الحبس المؤقت في سجن «الحراش» بالجزائر العاصمة، فيما وضع آخرون قيد الرقابة القضائية. وترى إلهام أن «الوقت حان لكي يكف الحراك عن التظاهر، وينخرط في الدعوة للحوار الوطني، التي أطلقها الفريق قايد صالح وصولاً للانتخابات الرئاسية». وكان مقرراً أن تجرى الانتخابات الرئاسية في 4 يوليو المقبل، إلا أن عدم تقدم أي مرشح لها أدى بالمجلس الدستوري (أعلى هيئة قضائية في البلاد) إلى تأجيلها إلى أجل غير مسمى، وتمديد فترة ولاية الرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح، التي كان مقرراً لها أن تنتهي في 9 يوليو المقبل، لحين إجرائها. وتنص المادة 102 من الدستور الجزائري على أن فترة ولاية الرئيس المؤقت هي 90 يوماً تجرى خلالها الانتخابات الرئاسية.
على الجانب الآخر، يرى مراد شريف (39 عاماً) أن الحراك يجب ألا يتوقف عن التظاهر، حتى تحقيق كافة مطالبه، وعلى رأسها إقالة «الباءات الثلاثة». ويطالب الحراك الشعبي بتنحّي رموز نظام بوتفليقة عن المشهد السياسي، وفي مقدمتهم الرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح، ونور الدين بدوي رئيس الحكومة، ومعاذ بوشارب رئيس المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الثانية في البرلمان)، الذين يطلق عليهم «الباءات الثلاثة»، بالإضافة إلى تأجيل الانتخابات الرئاسية، وتشكيل مجلس انتقالي يدير شؤون البلاد لمدة من 6-12 شهراً، يضم شخصيات توافقية، بالإضافة إلى محاسبة الفاسدين من مسؤولي النظام السابق.
وأما شريف الذي يعمل موظفاً في شركة بترول دولية، فقال: «الحراك يتظاهر، منذ فبراير الماضي، بسلمية تامة، ولم تقع حادثة واحدة تعكر صفو هذه السلمية التي شهد بها العالم كله، إذاً لا ضرر من استمرار التظاهر حتى تحقيق المطالب». ويتظاهر الحراك الشعبي أسبوعياً يوم الجمعة، في أغلب الولايات، ويتركز في العاصمة في ساحة البريد المركزي، بينما يتظاهر طلاب الجامعات يوم الثلاثاء من كل أسبوع. ويقول مراد: «لا نريد تكرار تجارب الدول الأخرى، التي فشلت فيها الثورة بسبب انسحاب المتظاهرين من الميادين، نريد أن نحقق أهداف ثورتنا كاملة، وفي مقدمتها مطلب يتنحُّوا جاع (يتنحون جميعاً)».
أما المحلل السياسي، علي داسة، فتوقع انفراجة قريبة في الأزمة السياسية، التي تشهدها البلاد منذ 4 أشهر، وقال لـ«الاتحاد»: «إن الفريق قايد صالح، رئيس الأركان، دعا أكثر من مرة للحوار، وأبدت الأحزاب السياسية استجابة لهذه الدعوة، وأتوقع أن يعقد الحوار قريباً». وأضاف: «لن يشارك الرئيس ابن صالح في الحوار، بسبب اعتراض الأحزاب عليه، وهو ما سيمثل مخرجاً جيداً لعقد جلسة الحوار». وتوقع أن تجرى الانتخابات الرئاسية بين شهري أكتوبر وديسمبر من العام الجاري، بعد أن يتفق المشاركون في الحوار على تقديم مرشح توافقي، قادر على قيادة البلاد في هذه الفترة الحرجة. ودعا رئيس الأركان الجزائري، أكثر من مرة، إلى حوار وطني تشارك فيه كافة الأطياف السياسية، ولاقت الدعوة ترحيباً حزبياً واسعاً، إلا أنه لم يتم تحديد موعد أو آلية أو أجندة هذا الحوار بعد.