تستخدم الجدات والأمهات في الإمارات “البرقع” كأحد أغطية الوجه، حتى أن مفردة المبرقعة في المعاجم تعني: غرة الفرس إذا أخفت وجهها. وعلى الرغم من انحسار استخدام البرقع لدى الفئة العمرية الشابة، واعتمادها على “الشيلة” وغطاء الوجه الحريري، لاتزال صناعة البراقع رائجة محلياً، بخاصة في المركز النسائي في “نادي تراث الإمارات” الذي يقدم لبنات الدولة طالبات المدارس المشاركات في ملتقى السمالية 2010 دورات في خياطة البراقع بإشراف استشاريات في التراث، واختصاصيات في صناعة البراقع وحياكتها. وتشرف على دورات الفتيات في الملتقىالفروع النسائية في النادي، تحقيقاً لأحد أهداف “نادي تراث الإمارات” المتمثلة في إحياء تراث الجدات والمحافظة عليه ونشره لدى الفتيات. تقول في ذلك الوالدة فاطمة محمد -استشارية التراث: “تهدف دورات “المهن الشعبية” التي يطلقها ملتقى السمالية للفتيات إلى تعريفهن بالمهن والحرف الشعبية التي كانت سائدة قديماً والاطلاع على بعض ملامح حياة الجدات من حيث تقاليد الملبس والمأكل وغير ذلك من تفاصيل الحياة اليومية”. تضيف موضحة طريقة صنع أو حياكة البرقع: “نعلم الفتيات في ورشات العمل كيفية صنع البرقع من قماش “الشيل” السميك والشبيه بالورق المصقول اللامع، وهو يعد القماش الأساسي لحياكة البرقع، وتتوسطه “السِف” قطعة خشبية صغيرة تستقر على الأنف، و”الشبق” قماش قطني أحمر اللون يستخدم كرباط للبرقع، و”البطانة” قماش قطني لامتصاص العرق والحفاظ على رونق البرقع”، و”المشاخص” النجوم والحلق لتزيينه. فالبرقع يغطي معظم معالم الوجه باستثناء العينين حيث توجد فيه فتحتان كبيرتان تتيحان الرؤية تفصل بينهما “السِف” التي تربط الجزء السفلي من البرقع بالجزء العلوي المحيط بالجبهة “الشبق” .ويحاك البرقع بخيوط حرير ذهبية أو فضية، ويصقل البرقع بعد خياطته بمحارة أو حجر خاص. فيما يمكن أن يغالى في خياطة بعض البراقع بحيث تدخل في تصميمها سلاسل ذهبية اللون وهذا النوع خاص بالأعراس”. فيما تشير شيخة الجابري- باحثة في التراث، قائلة: “ثمة اختلافات واضحة بين أغطية وجوه النساء بين بلد عربي وآخر مثلما تتبدل أشكالها مع مرور الوقت، لكنها تحافظ على الهدف الأصل منها، وهو الحشمة والستر..ففي الإمارات تتعدد البراقع وتتمايز فيما بينها، بحسب مصدر القماش وحياكته، فالبرقع الذهبي “الأحمر البرّاق” يصنع من قماش هندي، هو الأشهر والأعلى سعراً فثمة أنواع منه تباع بمئات الدراهم. وهناك البرقع “العيناوي” الذي يتميز يجبهته الدقيقة واتساع فتحتي العينين فيه. و”الأخضر” ذو الجبهة العريضة وهو أقل ثمناً من سابقيه”. من جهتهن أبدت فتيات السمالية سعادة غامرة لاكتسابهن أساسيات حرفة صناعة البراقع خاصة أنها تذكرهن بجداتهن وتبث فيهن الحنين إلى الأيام الخوالي.. تلك الأيام التي حرضت كبار شعراء العامية في الإمارات والخليج العربي لإطلاق قصائد وأغاني تثني على البرقع وتتغنى به كملمح تراثي قديم.