ربما يتعهد مسؤولون ماليون بدعم الدول العربية في مستهل حقبة سياسية جديدة، ولكن خلف الكواليس يظلون مترددين في الانخراط في منطقة ربما يتجاهل حكامها المستقبليون نصائحهم. واجتمع وزراء مالية من عدد من الاقتصاديات الكبرى يوم الخميس الماضي مع مسؤولين من بعض الدول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمناقشة الاضطرابات في المنطقة، حيث أطاحت الاحتجاجات الشعبية برئيسي مصر وتونس، بينما يصارع زعماء آخرون من أجل البقاء في السلطة. وقالت فرنسا والولايات المتحدة نيابة عن المشاركين في الاجتماعات “ندرك أن هذه التحولات تتعلق بمنح الشعوب فرصا وحريات”. وتابعتا “نحن على استعداد لدعم هذه الدول باستجابات منسقة مع المؤسسات الدولية التي يمكنها أن تقدم موارد وخبرة هائلة وتسهم في التحولات”. ولم يقدم البيان تعهدات بزيادة المساعدات المالية ولكنه دعا “لخطة عمل مشتركة” لتطوير البنوك لتوجيه الاستثمار بشكل يدعم توفير وظائف وتحسين الحكم الرشيد والإصلاحات الاقتصادية. والصياغة الدقيقة ربما تعكس مخاوف بشأن ما سيحدث في المستقبل في دول مثل مصر، حيث يعد المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يتولى إدارة شؤون البلاد بانتخابات نزيهة يصعب التكهن بنتيجتها وفي دول مثل سوريا واليمن حيث يصارع رئيساها لاحتواء الاضطرابات الشعبية. وقال فاريبروز غدار، الخبير في الشؤون المالية للشرق الاوسط بالمركز الأميركي للدراسات الاستراتيجية والدولية، “إذا أردت حلاً فإن الحديث لن يكون كافيا”. وذكر محسن خان، المدير السابق للشرق الأوسط في صندوق النقد الدولي، أن إعلان المساعدة ترك مبهما على الأرجح لان المانحين والمقرضين لا يعرفون من سيقود هذه الدول في المستقبل ويدرسون ما يمكنهم أن يمنحونه لمنطقة لا تحتاج سيولة بقدر حاجتها للخبرة والاستثمار.وأضاف خان “من يمثلون مصر وتونس والموجودون في واشنطن حالياً ليسوا من سيتواجدون في غضون ستة أشهر. ولا تعرف كيف ستكون الاستراتيجية الاقتصادية لذا من الصعب قطع أي التزامات”. وقال مسؤول بوزارة الخزانة الأميركية إن من المتوقع تقديم بعض المساعدات الثنائية. ولكن المسؤولين الماليين ،الذين حضروا اجتماع يوم الخميس ومن بينهم مسؤولون من الولايات المتحدة وفرنسا وكندا واليابان وروسيا ومصر وتونس، اتفقوا على أن مؤسسات الإقراض العالمية في أفضل وضع لمساعدة المنطقة على الإسراع بوتيرة النمو. وأوضح المسؤول الأميركي، الذي رفض نشر اسمه، “أعتقد أن المؤسسات في وضع يحضها على تحقيق توازن” بين الاندفاع نحو تقديم المساعدات والتحرك بحذر وسط حالة من عدم اليقين. وتحدث رئيس البنك الدولي روبرت زوليك بحماس عن الحاجة لتحرك سريع لدعم المنطقة وأقر البنك بالفعل قرضاً قيمته 500 مليون دولار لتونس. وفي كلمة الأسبوع الماضي، ألمح زوليك إلى أن البنك سيبدأ العمل مباشرة مع جماعات مدنية محلية لديها معرفة وخبرة مباشرة بالوضع على أرض الواقع. وقال زوليك “الانتظار حتى يستقر الوضع يعني إهدار فرص. في اللحظات الثورية لا يحقق بقاء الأمر الواقع النصر”. ويوم السبت الماضي، قال دومينيك شتراوس - كان رئيس صندوق النقد الدولي إن الصندوق سيتيح قروضاً بقيمة 35 مليار دولار للدول المستوردة للنفط في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إذا طلب منه ذلك. كما ثمة مخاوف من تراجع قادة، يستشعرون الخطر الذي يتهددهم سياسياً في ظل وضع لا يزال متقلباً، عن إصلاحات اقتصادية أو اللجوء لإجراءات تلقى قبولاً شعبياً والتي يعتقد اقتصاديون إن من شأنها أن تضر بالنمو على المدى الطويل. وقال شتراوس - كان “تتولد مشاعر معادية للسوق في هذه الدول. افهم لماذا يتحرك المانحون بحذر شديد لأنهم لا يعرفون الدور الذي يمكنهم الاضطلاع به، إذا تخلت هذه الدول عن السياسات الحرة الغربية”. وقال غدار إن الشرق الأوسط الضعيف يحتاج “خطة مارشال عالمية” بمساعدة الدول المنتجة للنفط في المنطقة ودول آسيوية مثل الصين تعتمد على نفط الشرق الأوسط. وربما تأتي المساعدات والاستثمارات من أوروبا التي تخشى موجة من الهجرة عبر البحر المتوسط والولايات المتحدة الحريصة على تفادي ارتفاع الأسعار في أسواق النفط العالمية وضمان ألا يتيح عدم استقرار تربة خصبة للمتشددين. وحذرت مولي وليامسون الدبلوماسية الأميركية السابقة البارزة من أن الحكومات الغربية التي تكافح لحل مشكلاتها المالية الخاصة لن يمكنها على الأرجح تقديم مساعدات جديدة كبرى وقالت وليامسون “لا نملكها ونحن الأثرياء”.