الزراعة على جدول أعمال محادثات كوبنهاجن
يضع مفاوضو الأمم المتحدة الشهر المقبل الزراعة على جدول أعمال القواعد التنظيمية الخاصة بالمناخ للمرة الأولى، لكن الحكومات تواجه جماعات ضغط قوية وفجوات في الإجراءات العلمية التي تثبت حجم الانبعاثات الزراعية.
والزراعة ضحية محتملة للتغيرات المناخية بما يصحبها من جفاف وفيضانات، كما أنها من أسباب هذه التغيرات من خلال انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري من الأسمدة والماشية. كما أن لذلك القطاع تأثيراً كبيراً من خلال أسلوب إدارة التربة. وينصب جل الاهتمام العام على إنقاذ غابات العالم لإبطاء وتيرة التغير المناخي، لكن التربة تختزن من الكربون ما يزيد ثلاث مرات عما تختزنه جميع النباتات في العالم، مما يسلط الضوء على دور إدارة المزارع في انخفاض أو زيادة انبعاثات الكربون الناجمة عن النشاط الإنساني.
ويمكن للمزارعين حبس الكربون في التربة بعدم الإفراط في حرثها وبزيادة خصوبة الأرض بأن يضيفوا على سبيل المثال مواد عضوية منها الروث ومخلفات المحاصيل. وربما يطلق اجتماع الامم المتحدة بشأن المناخ في كوبنهاجن برنامجاً بحثياً لاختبار محفزات منخفضة الكربون ستتوفر اعتباراً من عام 2013 بموجب اتفاقية جديدة للتغير المناخي، في خطوة ربما تستهدف ملياري فقير يعيشون على ما تنتجه المزارع الصغيرة.
وفي الدول الصناعية، ستحد قواعد جديدة أو ستراقب على الأقل الكربون المنبعث من المزارع في وقت مبكر ربما عام 2012 في الولايات المتحدة وأوروبا، وعام 2015 في استراليا ونيوزيلندا. ويقول روبرت جودلاند، الذي سبق له العمل في البنك الدولي وشارك في إعداد تقرير أحدث ضجة الشهر الماضي عندما قدر أن حيوانات المزارع تساهم بما يصل إلى 51 في المئة من الغازات المسببة للاحتباس الحراري على مستوى العالم، “هم محظوظون لأنهم أفلتوا به (القطاع الزراعي) حتى الآن... كان يجب أن يدرج في مشروع قانون أميركي عن المناخ وفي كوبنهاجن”.
ويشمل ذلك التقدير انبعاثات الكربون الناجمة عن أنشطة منها حرق الاشجار وتجهيز الأرض للماشية وتنفس الأبقار، بالإضافة إلى تجشؤها الغني بغاز الميثان، مع الأخذ في الحسبان نتائج أبحاث جديدة تشير إلى أن الميثان يسبب الاحتباس الحراري بدرجة أكبر مما كان يعتقد في السابق.
وتشير تقديرات أخرى إلى أن الزراعة مسؤولة عن نحو 14 في المئة من الغازات المسببة للاحتباس الحراري على مستوى العالم، وترتفع النسبة إلى الثلث إذا أضيفت الانبعاثات الناجمة عن إزالة أشجار الغابات.
والحسابات غير المؤكدة عقبة حاسمة أمام تسخير إمكانات القطاع الزراعي، وخاصة التربة، والتي يمكن من الناحية النظرية أن تخفض الانبعاثات السنوية للغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة تصل إلى عشرة في المئة من المستويات الحالية بحلول 2030.
ويقول سيزار ازورالدي، عالم التربة بالمختبر القومي الأميركي لشمال غرب المحيط الهادي، “نعرف أن لإدارة المزارع تأثيراً كبيراً جداً على كمية الكربون في التربة، أعتقد أن مجتمع الأبحاث ستكون لديه أدوات جاهزة في العامين أو الثلاثة المقبلة”.
واقترحت ورقة جديدة للأمم المتحدة الجمعة الماضي في محادثات المناخ ببرشلونة “برنامج عمل” لإضافة الأبحاث الزراعية إلى اتفاق المناخ الذي ستسعى محادثات كوبنهاجن للتوصل إليه، الأمر الذي قد يمهد الطريق أمام دعم الحوافز للحد من انبعاث الكربون في الدول النامية.
ويعطي صندوق الكربون الحيوي الذي أنشأه البنك الدولي، ملمحاً عن كيفية تطور هذا البرنامج، وذلك بمتابعة مشروعين في كينيا لحبس الكربون في التربة والحصول على تعويضات من خلال بيع هذه الحصة لكبار الملوثين في العالم المتقدم. وفي العالم المتقدم يتعين على الحكومات أن تقرر بنفسها كيف ستحد الانبعاثات الزراعية. وتحذر جماعات الضغط من خطوات إدراج القطاع الزراعي في سياسات تغير المناخ.
ولدى نيوزيلندا واستراليا خطط للحد من الانبعاثات الزراعية بموجب نظام الانبعاثات التجارية القائم على الحد من الانبعاثات والحصول على حوافز اقتصادية في المقابل. ويعتزم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة التركيز على المكافآت من خلال التعويض عن الحد من انبعاثات الكربون أو تقديم مدفوعات مباشرة.
المصدر: لندن