أحمد السعداوي (أبوظبي)

لا إبداع بلا استثناء أو تميز، هكذا هو واقع الحال مع معرض «صور من الأعالي» الذي تشهده منارة السعديات ويستمر حتى 26 أغسطس المقبل، مقدماً لجمهور الفن ومتذوقيه عشرات الصور الملتقطة من أعالي السماء اقتنصتها عدسات وعيون فنانين أجانب وإماراتيين زيّنت أعمالهم جدران الساحة الكبرى بمنارة السعديات بأبوظبي. هذا المعرض الاستثنائي الذي يقام لأول مرة في أبوظبي ينظمه استوديو التصوير بمنارة السعديات، ويقدم على هامش المعرض ورش عمل وجلسات حوارية يتعرف الجمهور من خلالها على أسرار وعوالم التصوير الجوي باستخدام الطائرات من دون طيار وآليات العمل بهذا اللون الفريد من الفنون وفق قوانين الطيران المعمول بها في دولة الإمارات.

شكل المدينة
بتأمل الصور المعروضة نجد أنها جاءت من زوايا عكست رؤى فريدة لمصوريها وقدراتهم الفائقة، من ذلك أحد أعمال المصور بينو ساردزيك، من سلوفانيا، والتي تحمل اسم «الحمض النووي»، والتقطها بواسطة طائرة هليكوبتر، وتبين مجموعة كبيرة من الحاويات المتوقفة في منطقة الميناء بأبوظبي، والتي ظهرت بشكل مرتب تشبه تركيبة «الحمض النووي» بحسب رؤيته لها.
وهناك عمل مميز للفنان بشير مكرزل الذي قضى حياته بين لبنان والإمارات، يبين ساحة شارل ديجول في قلب العاصمة الفرنسية باريس، بحيث ركز المصور على شكل المدينة من أعلى وجمالياتها المعمارية والحضارية، مستخدماً طائرة من دون طيار ليتعرف المشاهد على كيفية تقسيم شوارع المدينة والأبعاد الهندسية لها بحيث لا يكون التركيز على المعلم السياحي بقدر ما يطرح على الجمهور الشكل العام للمدينة.

الخداع البصري
أما أعمال مارتن سانشيز من الأرجنتين، والمقيم في الولايات المتحدة الأميركية، فتحتل أهمية خاصة بين المعروضات، كونها تعتمد على الخداع البصري، مستخدماً حرفيته في التصوير من زوايا مختلفة فتعطي إيحاء يخالف حقيقة الصورة، فيعتقد الرائي في أحد الأعمال المعروضة والتي تحمل اسم «على الحافة» أن الصورة تظهر شخصاً واقفاً على قمة إحدى البنايات الشاهقة وهو على وشك السقوط، بينما حقيقتها أنه راقد على زاوية أرضية أحد ملاعب الكرة.
وعلى هامش المعرض سيقدم سانشيز مجموعة من ورش العمل للأجيال الجديدة من المهتمين بالتصوير من أعلى عن كيفية استخدام هذه التقنية بحرفية عالية، وفي الوقت ذاته يعكس جوانب الجمال في البيئة الإماراتية بما تتميز به من ثراء لافت في المفردات التراثية والبيئية والمشاهد الحضارية.
وسترافق ورش العمل هذه، محاضرات لمختصين من هيئة الطيران المدني بأبوظبي لتشرح للمشاركين القوانين المتبعة في الإمارات المتعلقة باستخدامات الطائرات من دون طيار.


البيئة الإماراتية والخليجية كان لها حضورها المتميز ضمن المعرض عبر أعمال فنانين من الإمارات منهم الدكتور أحمد الريس، ونورة النيادي، وخالد الحمادي، وهدى بن رضا ومن السعودية خالد السبت، ومن سلطنة عمان خليل إبراهيم الزدجالي. فتنقل أعمال الحمادي مشاهد مختلفة من أبوظبي وبناياتها الحديثة وقد امتزجت بالسحاب في أعالي السماء، وكذا التشكيلات الرملية في بادية الإمارات، بينما ركزت أعمال خالد السبت على قوافل الهجن في الصحارى العربية، مستخدماً تقنيات الظلال وانعكاساتها من خلال الزوايا التي التقط منها الصور. أما الزدجالي فتخصص في تقديم الصور المرتبطة بعالم الخيول وسباقاتها كونها مكوناً رئيساً في البيئة العربية عبر التاريخ.
وتكشف أعمال دكتور أحمد الريس عن بعض عادات وتقاليد المجتمع الإماراتي في شهر رمضان، من خلال صور علوية لموائد إفطار الصائم التي تضم أفراداً من مختلف الجنسيات والثقافات يشاركون أهل الإمارات ذات العادات والتقاليد الضاربة في عمق التاريخ.