محمد المنى (أبوظبي)

تشهد موريتانيا، اليوم السبت، انتخابات رئاسية تعد الأكثر أهميةً في تاريخ البلاد، إذ ستكون أول تكريس لقاعدة التناوب السلمي الديمقراطي على كرسي الحكم، حيث ينتظر أن يختار الموريتانيون عبر صناديق الاقتراع رئيساً جديداً ليحل محل رئيس انتهت ولايته الرئاسية الثانية، وقرر طواعيةً مغادرة السلطة نزولا على مقتضيات الدستور واحتراماً لموانعه.
وإن كان الموريتانيون يجمعون على الأهمية القصوى لهذه الانتخابات، كونها ستمنح بلادهم أسبقيةً بين نظيراتها العربيات ذات الأنظمة الجمهورية، في مجال التداول الديمقراطي الانتخابي، فهم مجمعون كذلك على أهميتها داخلياً، لكن من زاويتين مختلفتي: الأولى كونها (أي هذه الانتخابات) ستمثل ضماناً لاستمرار النهج الحالي وسياساته القائمة منذ عام 2008، أي منذ وصول الرئيس محمد ولد عبدالعزيز إلى كرسي الحكم، وما شهدته البلاد خلال هذه الفترة من إنجازات وتطورات ملموسة، إن في مجال البنية التحتية أو ضبط النظام الضريبي أو تضييق نطاق اختلاس الأموال العمومية أو محاربة الإرهاب.. إلخ.
أما من منظور الزاوية الثانية، والتي ينظر من خلالها معارضو الرئيس المنتهية ولايته محمد ولد عبدالعزيز، فإن أهمية الانتخابات الحالية تأتي من كونها تمثل فرصة لتغيير النهج وتحويل المسار وإرساء قطيعة مع السياسات القائمة منذ 14 عاماً، والتي يرونها خليطاً من الدعاية الشعبوية والحكم الفردي المعادي للمؤسسية!
ويتسابق في هذه الانتخابات ستة مرشحين يتنافسون على أصوات 1.544 مليون ناخب مسجل، موزعين على 3780 مكتب اقتراع (منها 45 في الخارج)، وهم يتفاوتون على المقياس الافتراضي لسلم درجات الاعتراض ومطالب التغيير، فعلى الطرف الأيمن لهذا المقياس نجد المرشح محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني، وزير الدفاع السابق والجنرال المتقاعد، بوصفه مرشح السلطة وأحزابها السياسية وممثل «استمرار النهج» الداعي للحفاظ على المكتسبات الوطنية.
وعلى أقصى الطرف الأيسر للمقياس الافتراضي نجد المرشح والناشط الحقوقي السابق والبرلماني الحالي بيرامه ولد الداه ولد عبيدي، بينما يتوزع المرشحون الأربعة الآخرون على مواقع متفاوتة بين الاثنين.. ولعل أقربهم إلى الطرف الأيمن هو المرشح الشاب الموظف الإداري الناشئ المرتجى ولد الوافي، ومن بعده الوزير الأول السابق سيدي محمد ولد بوبكر، المرشح المدعوم من قوى سياسية واجتماعية بينها حزب «تواصل» ذي الخلفية الإخوانية، ثم المرشح النائب البرلماني الحالي «كان حاميدو بابا» صاحب التوجهات الفرنكوفونية وممثل أفكار الزنوجة الأفريقية، يليه أخيراً قبل بيرامه في أقصى اليسار النائب البرلماني الحالي وزعيم حزب «اتحاد قوى التقدم» الدكتور محمد ولد مولود ذي الخلفية اليسارية التقدمية، وهو مرشح ائتلاف أحزاب قوى التغيير وضمنها حزب «تكتل القوى الديمقراطية» بقيادة الزعيم التاريخي للمعارضة الموريتانية أحمد ولد داداه الذي يمنعه الدستور من الترشح لهذه الانتخابات لبلوغه سن السبعين.

نجاحات ونقاط قوة
لم تستحضر الحملات الانتخابية لهؤلاء المرشحين برامجهم وأفكارهم بقدر ما استحضرت خلفياتهم السياسية والمهنية، حيث ركز الخطاب الدعائي لحملة كل مرشح على تربيته ومساره المهني والسياسي وتكوينه الثقافي، وفي هذا الإطار يُبرز أنصار المرشح الأوفر حظاً في انتخابات اليوم، وهو ولد الغزواني، ما يتمتع به الرجل من نقاط قوة وتميزٍ تجعله يتقدم على منافسيه في حجم التأييد الشعبي الانتخابي، ومنها تربيته ونشأته في بيت ينتمي للطريقة الصوفية «الغظفية»، مما أكسبه أخلاق التواضع والزهد وحسن الاستماع والاستيعاب لكافة الآراء والأفكار والمشارب، علاوة على خصال الانضباط والتنظيم واحترام الترابية الوظيفية.. والتي اكتسبها من تكوينه العسكري.
وفي باب النجاحات المهنية، يذكر أنصار المرشح ولد الغزواني ذلك التقدم الذي أحرزته المؤسستان الأمنية والعسكرية تحت قيادته، حيث استطاع تجنيب البلاد وجيشها الوطني مخاطرَ كثيرة خلال تقلده رئاسة الاستخبارات العسكرية في نهاية التسعينيات، كما أعاد الطمأنينة إلى العاصمة خلال توليه إدارة الأمن الوطني بين عامي 2005 و2008، ثم بداية من ذلك العام تولى قيادة أركان الجيش ليشرع في تطوير منظومته التسليحية والتدريبية محدثاً فيها نقلةً نوعية سمحت له بخوض الحرب ضد مسلحي «القاعدة» الذين كانوا يتسللون من الجارتين مالي والجزائر لتنفيذ ضربات ضد الجيش الموريتاني في عقر داره، لكن ولد الغزواني قلَب المعادلة وحوّلها من الدفاع ضد هجمات «القاعدة» إلى مطاردتها داخل الأراضي المالية، حيث شاركت موريتانيا في مجهود عسكري إقليمي كبير نسّقته وقادته فرنسا لاستئصال الجماعات المسلحة في إقليم أزواد المالي ومنطقة الساحل والصحراء ككل.

حبر على ورق الحملة
أما المرشحون المنافسون، لاسيما ولد مولود وولد الداه وولد بوبكر، فيعِدون بتحول يضع البلاد على مسار جديد يختلف عن «نهج العشرية» السابقة ويقطع معه نهائياً، سواء في تسيير الشأن العام وإدارته، أو في موقع الرئيس وصلاحياته، أو حتى فيما يخص مكانة الجيش وأدواره في المجال العمومي.
كما يتحدثون عن ضرورة التصدي بإجراءات سريعة لمشكلات الفقر والبطالة والغلاء والجريمة وتردي الخدمات العمومية، ويعِدون بمواجهة الفساد المالي والإداري وإنهاء مظاهر اللامساواة والعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال سياسات تُعنى بالشباب والمرأة والفئات الهشة والمهمشة.
بيد أن معظم البرامج والوعود الانتخابية للمرشحين في موريتانيا تبقى مجردَ كلام في الهواء أو حبراً على ورق الحملة، سواء وصل المرشح إلى المنصب الرئاسي أم لم يصل، كما أن معظم هذه البرامج والأفكار ليس إلا تكراراً لبعضه البعض، وفقاً لما تبيّنه خبرات العقود الماضية من عمر التعددية السياسية ومواسمها الانتخابية في البلاد.

من «البرلماني» إلى «10 يوليو»
لقد عرفت موريتانيا نظام التعددية الحزبية والانتخابات الحرة بدايةً من مطلع التسعينيات، عندما أعلن الرئيس معاوية ولد الطايع عن طرح دستور جديد يضمن التعددية السياسية ويكفل الحريات العامة ويفتح الباب لانتخابات ديمقراطية يختار الموريتانيون من خلالها ممثليهم، وجاء ذلك التحول بعد 13 عاماً على الانقلاب الذي أطاح فيه الجيش بالمختار ولد داداه، أول رئيس للبلاد بعد نيلها الاستقلال عن فرنسا عام 1960، إذ تم انتخابه رئيساً عقب اعتماد دستور 20 مايو 1961 الذي أقر النظام الرئاسي بدلا من النظام البرلماني الموروث عن المستعمر، بعد ما قررت القوى الحزبية والمجتمعية (بإيحاء من الرئيس وحكومته) أنه نظام لا يناسب مجتمعاً بدوياً ذي بنية انقسامية (عرقياً وقبلياً)، لاسيما بعد أن هجرته فرنسا ذاتها إلى النظام الرئاسي في الأربعينيات، كما فعلت جميع دول أفريقيا الفرنكفونية الأخرى في الستينيات، وسعياً لتكريس النظام الرئاسي وترسيخه أكثر فأكثر، فإن الرئيس المختار الذي أُعيد انتخابه في عام 1966 ثم في عام 1971، نجح بداية من عام 1965 في فرض «حزب الشعب» كحزب حاكم ووحيد في البلاد.
وكانت السنوات الثماني عشرة الأولى بعد الاستقلال سنوات تأسيس وبناء لكيان الدولة الوليدة التي تأسست على الرمل وفي الخيام، فشهدت كسب معركة الاعتراف الخارجي وإنهاء المطالبات الإقليمية واستيعاب نزعات الانفصال الداخلية، كما استطاعت ترسيخ مفهوم «الوطن الموريتاني» في أذهان كثير من ساكنة البلاد التي لم تعرف سلطة أخرى غير سلطة القبيلة وسلطة فرنسا، لذا لم تكن الديمقراطية والتعددية الحزبية والانتخابات الحرة أهم رهانات النخبة الحاكمة في حينه، بل كانت رهاناتها الأهم: نشر التعليم وتكوين الكادر الموريتاني الكفؤ، والحد من سطوة البنى القبلية ونفوذ الزعماء القبليين، وإيجاد بنى تحتية لربط أطراف البلاد بعضها ببعض، واضطلاع الموريتانيين باستغلال ثرواتهم الوطنية، وفرض استقلالهم المالي والنقدي عن منطقة الفرانك الأفريقي التابعة لفرنسا.. وهي رهانات نجح ولد داداه في كسبها إلى حد كبير، رغم انعدام الوسائل والموارد المالية اللازمة لذلك.
أن الثمن السياسي لتلك المكاسب والإنجازات الداخلية والسمعة الخارجية الحسنة، كان سيطرة نظام الحزب الواحد الذي جثم على الحياة العامة طوال ثلاثة عشر عاماً، لاسيما عقب نجاحه عام 1975 في استيعاب القوى اليسارية (الماركسية والماوية) التي ناوأته طوال السنوات السابقة، لكن رغم أحادية «حزب الشعب» فقد كانت مداولاته الداخلية تتم في جو ديمقراطي مفتوح وكان يتخذ قراراته وفق آلية التصويت الحر، وكثيراً ما اضطر رئيس الجمهورية ورئيس الحزب للنزول على إرادة الأغلبية.
أما التحدي الأكبر لحزب الشعب ولنظام الحكم المدني في عهده فكان حرب الصحراء التي اندلعت عقب تأسيس جبهة «البولزاريو» وإطلاقها حرب عصابات ضد موريتانيا عام 1975، إثر توقيع اتفاقية مدريد لتقاسم الصحراء الغربية بين موريتانيا والمغرب، وبعد إخفاق الجهود الدبلوماسية لولد داداه في تبريد الخلاف الجزائري المغربي.
وبالفعل فقد كانت ثلاث سنوات من الحرب كافية لإنهاك موريتانيا وسد الآفاق في وجهها وتهيئة الأجواء لقيام انقلاب عسكري كمخرج وحيد من الحرب، وهو ما حدث بالفعل، حيث قام الضباط بالاستيلاء على الحكم في 10 يوليو 1978، معلنين عدة أهداف لتحركهم يتصدرها إنهاء حرب الصحراء، وإرساء نظام حكم ديمقراطي ينهي الاستبداد ويقطع مع الممارسات الأحادية.
وقد تم إيقاف الحرب تلقائياً وتنازلت موريتانيا عن «ولاية تيرس الغربية» (إقليم وادي الذهب)، لكن الهدف الثاني (إقامة نظام حكم ديمقراطي) لم يتحقق، إذ ما أن عاد الجيش من جبهات الحرب الساخنة وبدأ يدير شؤون البلاد، حتى أخذت الخلافات والصراعات تقسّم الضباط فيما بينهم، فعرفت البلاد كثيراً من الانقلابات الناجحة والفاشلة، كان أحدها انقلاب 12 ديسمبر 1984 الذي أطاح فيه العقيد معاوية ولد الطايع برفيق سلاحه الرئيس المقدم محمد خونه ولد هيداله. بعدئذ سرعان ما بدأ ولد الطايع يتخلص من رفاقه الضباط واحداً تلو الآخر، ليوطد حكمه ويزيل أي مخاطر قد تهدده.

ديمقراطية «لابول»
لكن بداية من نهاية الثمانينيات بدأت رياح الديمقراطية تهب على العالم انطلاقاً من دول شرق أوروبا، وهو ما استشعرته فرنسا لتطالب حلفاءها من الرؤساء في مستعمراتها الأفريقية السابقة بالتأهب لمرحلة جديدة تكون فيها السيادة لصندوق الاقتراع الحر وليس للبندقية أو نظام الحزب الوحد، وهي ما عبّر عنها الرئيس فرانسوا ميتران صراحةً خلال القمة الفرنسية الأفريقية بمدينة لابول الفرنسية، في يونيو 1990، حين قال للقادة الأفارقة إن باريس لن تستطيع الاستمرار في دعم نظم حكمهم ما لم يفسحوا الطريق أمام الانتقال الديمقراطي في بلدانهم.
وهي المطالب والضغوط الخارجية التي تمت ترجمتها في موريتانيا عبر «دستور 21 يوليو 1991» الذي تضمّن التعددية الحزبية وضمان الحريات الأساسية وفصل السلطات وإقامة مؤسسات ديمقراطية.. وفي العام التالي شهدت البلاد أول انتخابات رئاسية تعددية في تاريخها، وقد فاز بها الرئيس ولد الطايع على منافسه أحمد ولد داداه، وفقاً للنتائج الرسمية التي قيل إنها جاءت مخالفةً للواقع، ومنذ ذلك الوقت لم تسلم أي انتخابات رئاسية (ولا برلمانية أو بلدية) من شبهات التزوير والتلاعب بالنتائج، حيث فاز معاوية في الشوط الأول وبفارق كبير عن أقرب منافسيه، في انتخابات 1997 ثم في انتخابات 2003، ولعل شبهات التلاعب والتزوير الانتخابي ظلت على الدوام تنتقص من شرعية «الرئيس المنتخب»، لذلك لم تحل ترسانة «الديكور الديمقراطي» دون قيام انقلاب عسكري آخر أطاح فيه الجيش عام 2005 بالرئيس معاوية ولد الطايع الذي كان قد خلع بدلته العسكرية قبل أربعة عشر عاماً من ذلك الوقت.
أما في انتخابات 2007، والتي جرت في ظل مرحلة انتقالية تحت قيادة «المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية» الذي التزم بعدم ترشيح أي من أعضائه، فلم يستطع المرشح المدعوم من جانب المجلس، وهو سيدي ولد الشيخ عبدالله، حسم الانتخابات في شوطها الأول، واضطر لخوض شوط ثان في مواجهة أحمد ولد داداه.. لكن بعد إطاحة ولد الشيخ عبدالله في انقلاب عسكري آخرَ عام 2008 على يدي قائد الحرس الرئاسي الجنرال محمد ولد عبدالعزيز، استطاع الأخير حسم انتخابات الرئاسة عام 2009 في شوطها الأول لصالحه، ثم كررها في عام 2014، لكنه لم يستطع الترشح لانتخابات 2019 الحالية، حيث يمنعه الدستور من التقدم لولاية رئاسية ثالثة، ليترشح بدلاً عنه زميلُه ورفيق سلاحه السابق الجنرال المتقاعد محمد ولد الغزواني.

خيار استمرار النهج
ويحظى ولد الغزواني بتأييد كبير داخل المنظومة الرسمية والشعبية معاً، فهو مرشح مدعوم من الرئيس المنتهية ولايته ومن أغلبيته البرلمانية، وائتلاف الأحزاب الرئاسية الموالية، وفي مقدمتها «حزب الاتحاد من أجل الجمهورية» الحاكم، ومن جميع المجالس الجهوية والأغلبية الكاسحة من عمد البلديات على امتداد التراب الوطني، فضلا عن شيوخ القبائل ورجال الأعمال وكثير من الفاعلين المحليي، كما التحقت به شخصيات وأحزاب وأجنحة وازنة من قوى المعارضة الوطنية، وقد رأت أن انتخابه يمثل الضمانَ الأمثل للأمن والاستقرار الوطنيين.
وحظي ولد الغزواني باحترام وتقدير الكثيرين، لكن خطاب إعلان الترشح لانتخابات الرئاسة، في مارس الماضي، أي بعد أسابيع على تقاعده ومغادرته المنصب الرسمي كوزير للدفاع، جلب له تأييداً إضافياً أوسع، لاسيما بسبب النظرة التصالحية التي عبّر عنها الخطاب، وتأكيده ضرورة إشراك سائر القوى المجتمعية والسياسية في إدارة الشأن العام، وإلحاحه على ضرورة استحضار البعد الأخلاقي في الممارسات والقرارات الرسمية. ومنذئذ بدأت مبادرات التأييد ذات الطابع الحزبي والنقابي والشخصي والقبلي.. تتقاطر عليه داعمة ومساندةً لانتخابه رئيساً، يتسلّم الشعلة من رفيق سلاحه الرئيس المنتهية ولايته، كي يسير بالبلاد وفق ذات النهج وليحافظ على ما حققته من منجزات ومكتسبات، سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية، خلال 14 عاماً الماضية.

ديمقراطية السؤال الحائر
تعد انتخابات اليوم حدثاً فارقاً في التاريخ السياسي الموريتاني المعاصر، ليس فقط لكونها أول انتخابات يتم بموجبها انتقال السلطة عبر صناديق الاقتراع، ولكن أيضاً لأنها تمثل رهاناً بين خيارين متنافسين بقوة، خيار الاستمرار وخيار القطيعة.
ولعله مما يضفي على هذه الانتخابات طابعاً «ديمقراطيا» تفتقده شبيهاتها في كثير من بلدان العالم العربي، أنه لا شيء فيما يتعلق بنتائجها يبدو يقينياً حتى كتابة هذا التقرير، لاسيما بعد تغير الأوزان والأحجام الانتخابية خلال الأيام القليلة الماضية، بعد ما بدأت الصورة الذهنية لبعض المرشحين تتبدل وتتغير، مما ترتبت عليه حركة غير عادية في عدة اتجاهات، الأمر الذي غيّر الخارطة الانتخابية وغير معها موازين القوة بشكل مفاجئ وغير متوقع. حدث في المدن الكبرى دون أن تكون له تأثيرات واضحة في الدواخل والأعماق البعيدة، حيث تواظب سلطة المجتمع التقليدي على ولائها «المخزني» الثابت والمعروف. وفي انتظار انتهاء علميات التصويت هذا المساء، ثم فرز النتائج على مستوى مكاتب التصويت، يبقى السؤال الحائر يبحث عن إجابته: ما الذي ستقوله صناديق الاقتراع الموريتانية، وهي الحكَم في الرهان المحتدم بين خياري الاستمرار والقطيعة؟!