«ليس مغرماً بك إلى هذا الحد»
لن تجد النساء فيلماً “أقدر” من هذا على مواجهتهن بالحقيقة التي يعرفنها تماماً لكنهن لسن متأكدات “يقيناً” بأن القدر سيجعلهن جزءاً منها.
تستنفد المرأة جل عمرها بحثاً عن الرجل “الكامل” الذي يستحق أن تمنحه قلبها، وحين تعثر عليه تستنفد ما تبقى من العمر لإبقائه معها.
هذه المسافة بين البداية والنهاية يحشرها الفيلم الأميركي “ليس مغرماً بك إلى هذا الحد” داخل إطار صغير من دون أن يفقد الصورة شيئاً من ملامحها الحقيقية..إنه فقط يحاول جمع أكبر عدد ممكن من التقاطيع والتقاطعات وجعلها متاحة للمشاهدة.
فمنذ كان عمر - جيجي - (جينيفر غودين) خمسة أعوام وهي تعرف قاعدة واحدة عن الرجال “إن انتقدوك بحدة فهذا يعني أنه حدثت في قلوبهم هزات كثيرة، لم يستطيعوا إخفاءها إلا بإنكار حالة الغرام التي حصلت فجأة”، لذا أفنت جل سنيها بحثاً عن رجل تصيبه ذات الاهتزازات، ويمنحها الإنكار الذي تريد، لكن لا اهتزازات تحدث، وكل الذين تلتقيهم، لا يفتحون الباب ثانية ترحيباً بعودتها، فتنتقل من رجل إلى آخر غير آبهة بالنصائح وخطط التريث المقدمة لها من صديقتها - جانين - (جينفر كونلي)، التي تصدم بخيانة زوجها - بن - (برادلي كوبر) مع امرأة لا تعرفها، فتترك له بطاقة صغيرة على طاولة في غرفة الملابس تنشد فيها أمراً يسيراً “تختصر به العذاب كله، وتمنح نفسها بعض الرحمة التي تحتاجها”، فيما الصديقة التي جرّته إلى بركة الخيانة، تنسحب من العلاقة برمتها بعد أن تأكدت أنها مجرد “سيدة مشتهاة” وليست حباً في طور النمو، إذ سمعت - آنا - (سكارليت جوهانسون) الحديث الذي دار بين - بن - ووزوجته فيما كانت تختبئ من فعلتها “المشينة” في غرفة ضيقة ملحقة بمكتبه، وما أن فرغا من حديثهما الجاد وغادرت الزوجة المغدورة، حتى خرجت من مخبئها، وصرخت في وجهه “أنت رجل مقرف، وتصرفك مهين”، معلنة الرحيل بلا نية رجوع.
لكن ماذا عن امرأة ورجل تجمعهما صداقة حميمة منذ سبعة أعوام ولم يتزوجا؟!...وسط هذا البحر المتلاطم من التناقضات وقصص الخيانة المباغتة تنتبه - بيت - (جينيفر انستون) أن صديقها - نيل - (بن أفليك) ربما يتلاشى من بين يديها ليظهر في أحضان “مراهقة” تعطية الطاقة التي يفتقدها، فيما يتجعد وجهها وهي تقوم بدور “الأشبينة” من زواج إلى آخر، لذا تضعه بين خيارين: إما الزواج، أو قطع دابر الصداقة، فيختار هو الصمت، وتختار هي العودة إلى بيت أهلها، وهناك تكتشف أن الزواج ليس حتماً النهاية السعيدة لحب متقد، فتقرر التراجع عن قرارها، ويقرر التراجع عن صمته، ويتحدث طالباً يدها للزواج..متبادلاً الأدوار مع صديقه بن الذي ترك عش الزوجية بالجمل وما حمل، فيما دخله هو بالجمل فقط.
في هذا الفيلم (هادئ الإيقاع) رسالة صغيرة، يدسها في جيب كل مشاهد، كتب فيها: “الحياة أطول من أن نعيشها، وأقصر من أن ننتظرها”.
alfaheed@hotmail.com