عندما تحرّك الإنسان الرغبة الجامحة في تحقيق الهدف، لن يقف في طريقه أحد، سيل جارف يأخذ في مجراه كل ما يعترضه، وقد تتوقف مسيرة الشخص رغما عنه لظروف ما، ولكن تكون فرصة للانطلاق من جديد، ينتظر ويتأمل ليرجع أكثر قوة، هذا حال الكثيرين في الحياة، منهم مريم المنصوري، التي لم تتخلّ عن الدراسة في سن مبكرة إلا مجبرة، لكنها بعد 11 سنة من الانقطاع، تعاود الانطلاق من جديد· حمل، ولادة ومرض عن سبب انقطاعها عن الدراسة وحيتيات رجوعها لصفوف المدرسة، بعد كل هذه السنوات، تتحدث مريم المنصوري بافتخار: '' تزوجت بعد انتهائي من الصف الثاني ثانوي وأكملت دراستي الثانويه بالرغم من أني حامل بابنتي البكر، ولكن قبل الامتحانات النهائية للثانوية العامة،ئأصبت بتسمم الحمل مما أدى إلى ولادة مبكرة بعملية قيصرية، ''كنت في الشهر السادس''، هذا الأمر جعل ابنتي تبقى شهرين كاملين بالمستشفى لإكمال نموها في الحضّانه، مما حال بيني وبين إكمال دراستي في الصف الثالث ثانوي، ولكن لم أيأس، لأن حلم حياتي يكمن في إكمال دراستي، أجّلت حلمي مرغمة، وتنازلت عنه مقابل تربية أبنتي، بعد سنتين حملت بأبنتي الثانية، وظل الحلم، ولم تتغير معالمه، ومازال يراودني، ويأخذ مكاناً كبيراً في حياتي، وصارت حكاية الحمل والولادة تتكرر على مدار السنوات، بعد ذلك تسلل المرض لجسدي، أصبت بتضخم في الغدّة الدرقية، وأُجريت لي عملية لاستئصالها بالكامل، وصرت أعيش على الأدوية، وبعد مرور عدة أشهر انخفض معدل الكالسيوم في دمي، مما أدى إلى ظهور ماء أبيض في عيني، و أثّر ذلك على نظري، مما اضطرني للسفر للخارج لإجراء عملية سحب الماء الأبيض من عيني·'' سبب الرجوع إليه وتضيف: بعد مرور شهرين من العملية، كان الوقت بداية العام الدراسي، وكانت أخت زوجي '' وهي طالبة آنذاك بالصف الثالث'' تفرش كتبها على الطاولة، تحاول تجليدها، لم أكن أنظر لهذا المنظر كالباقين، فكأنها تفرش الكتب في قلبي، كنت أرقبها بعيون دامعة، حركت في قلبي ماهو ساكن ومسكوت عنه، حينها اندفعت وسألت زوجي هل يمكنني إكمال دراستي في الصف الثالث ثانوي؟ لم يرفض، لم أصدق الأمر، ومن فرط الفرحة، قدّمت أوراقي بسرعة فائقة لجمعية النهضة للمرأة الظبيانية، ودخلت في صف تعليم الكبيرات صباحا، فتخرجت من الثانوية العامة بمعدل 89,8% بالرغم من أنه مضت 11 سنة وأنا في البيت أربي أبنائي الأربعة، بعد ذلك دخلت كلية التقنية العليا بتشجيع من والدي وزوجي، تخصص تقنية المعلومات وإدارة المكاتب، وكل الدراسة كانت باللغة الإنجليزية، وهذا في حد ذاته تحدٍّ كبير جدا، وعقبة استطعت تجاوزها بعون الله تعالى، واستطعت الحصول على درجات عالية دون مساعدة من أي أحد، ولم أستعن أبدا بدروس التقوية ، درست مع طالبات صغيرات السن وكنت من بين المتفوقات، انتزعت احترام أساتذتي، وكل من تابع مسيرتي التعليمية، واليوم، وبعد أن أنهيت دراستي بكلية التقنية وفي انتظار الوظيفة، أقوم بأشغال يدوية بالبيت تلقى إعجاب الناس، ولذلك استخرجت لي بطاقة مبدعة من غرفة الصناعة والتجارة للمشاركة في المهرجانات، وقد شاركت مع زوجي في معارض للتمور في مهرجان مزاينة الرطب ففزنا بالمركز الأول لأجمل عرض في السنة الثانية للمهرجان وفي السنة الثالثة فزنا أنا وزوجي بالمركز الثالث وفي السنة الرابعة بالمركز السابع