لفت انتباهي وأنا بصدد إعداد هذا الملف عن الصين وتجربتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بمناسبة الذكرى الـ 60 لميلاد الجمهورية الشعبية، موقف شخصي رواه مايكل ويستر وهو أميركي قضى سنوات طويلة في هذه البلاد المذهلة، ما أتاح له إلماماً واسعاً بخلجاتها وعنفوانها، وإعداد وإصدار واحد من أفضل الكتيبات التعريفية بها.
كان بطلا هذا الموقف الطريف، ويستر نفسه ووالدته السبعينية التي قدمت للمرة الأولى إلى الصين مأخوذة بأشواق أمومة لا تحدها حدود إلا من محاذير ترسخت في ذهنها متصلة بالندرة بل الافتقار لأبسط ضرورات الحياة اليومية في بلاد مكبلة بقيود شيوعية يحرسها حرس قديم. روى ويستر كيف صعقته الدهشة وهو يرى أمه وهي تفرغ حقيبتها من متعلقات شخصية جلبتها من بلادها.
كانت الحقيبة معبأة بورق المراحيض ومواد صحية أخرى من مطهرات وصابون. عثرت المرأة على “قاع المدينة” ففوجئت بواقع مغاير تماماً، حيث لاقت مشقة في الاختيار بين كم هائل من كافة ضرورات الحياة يفوق ما هو متوافر في بلادها، استمتعت المرأة بمطاعم الصين بمذاقها الفريد وامتطت القطارات السريعة التي تطوي ناطحات السحاب في شنغهاي وبكين، بل إنها ذهلت بالشوارع الفسيحة التي تغص بدور الموضة وعروض الأزياء الحديثة مقارنة بالسترة التقليدية التي اشتهرت بها الصين.
موقف في غاية البساطة لكنه شديد الدلالة والتكثيف مختصر لماضي وحاضر ومستقبل الصين. إنها تجربة إنسانية غنية بالدروس والعبر بكل نجاحاتها وإخفاقاتها، ولا يمكن اختزالها في سطور، لكننا سنحاول في الحلقات التالية، الاقتراب من خطوطها العريضة بقدر الإمكان..
رسائل متشعبة في استعراض غير مسبوق في ميدان «السلام السماوي»
الصين من استيراد عود الثقاب إلى غزو الفضاء
خطفت الصين في الأول من اكتوبر الماضي، أنظار العالم بألقها ومظاهرها الاحتفالية، وحبست الأنفاس وهي تلقي بقوتها العسكرية الضاربة وإمكاناتها البشرية الهائلة وقدراتها الاقتصادية والتكنولوجية اللامحدودة، في ساحة “السلام السماوي” المعروفة بـ “تيان مين” بمناسبة الذكرى الستين لميلاد الجمهورية الشعبية من رحم الإقطاع بفضل نضالات هذا الشعب العملاق.
وكما لم يفعل من قبل، تماهى الطقس مع بكين حيث خلت السماء من الغيوم وكأنها تسترق السمع لصيحات الرئيس هو جينتاو وهو يردد رسائل للداخل والخارج في مستهل استعراض أسطوري مهللاً بنهوض الشعب الصيني المتطلع إلى العلياء والمجد وهاتفاً بحياة حزبه الشيوعي الذي يباهي بما حققه من إنجازات.
صفاء سماء بكين لم يكن مصادفة، بل شكل بالأحرى، إحدى الرسائل التكنولوجية المهمة للعالم، حيث نفذ سلاح الجو الصيني واحدة من أحدث وأكبر عملياته الاستباقية لتطويع الطقس لضمان سير كافة جزيئيات الاستعراض الساحر، بسلاسة دون ربكة بفعل الأمطار. ولهذا الغرض، شاركت 18 مقاتلة في عملية حقن بيئي صديقة، حفزت السحب الحبلى بالأمطار، على إفراغ ما في جوفها قبيل ساعات من بدء المهرجان.
وللرقم “60” دلالة خاصة عند الصينيين، فوفقاً للأعراف والتقاليد المجتمعية الصينية، تمثل كل “60” سنة اكتمال دورة حياتية من حلقات العمر بما فيها من نضج ووعي، مفسحة الباب لدورة أخرى مفعمة بعنفوان الشباب وحيويته ليجدد المجتمع نفسه من جديد. بدأت الدورة الستينية المنصرمة، بتأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949، واستكملت نضجها في الأول من أكتوبر الماضي بتجاربها المرة وتلك المحببة للنفس. بدءاً بالانكسارات والعزلة وشظف العيش، وانتهاء بالانفتاح والتنمية.
دورات الحياة في منظومة الثقافة الصينية لا تعني الانقطاع بين الأجيال، بل هي حلقات ستينية متصلة ببعض يفضي كل منها للآخر. وحرصاً من منظمي مهرجان ميدان السلام السماوي، على التركيز على فكرة الاستمرارية والتواصل، شهدت العروض دبيب أربع منصات متحركة عليها مجسمات ضخمة كان أولها للقائد المؤسس ماوتسي تونج يليه مفجر الاصلاح والانفتاح الزعيم دينج زهاو بينج، ثم مكرس عمليتي الاصلاح والانفتاح جيانج زيمين لتأتي الأخيرة وعلى متنها الرئيس الحالي جينتاو.
تمسك بخيار التطور الاشتراكي
في خطابه أمام الحشود، بعث الرئيس جينتاو برسالة لا لبس فيها للداخل والخارج مؤداها أن الصين متمسكة بنهجها الاشتراكي ولن تتزحزح عنه، الأمر الذي عززه بشدة عرض المجسمات الضخمة لقادة الحزب الشيوعي الصيني من مختلف الأجيال. وشدد الرئيس الصيني على أن تنمية وتطور الصين أكدتا بما لا يدع مجالاً للشك، أن النظام الاشتراكي هو المنقذ للبلاد وأن الاشتراكية العلمية والماركسية هما طريقا الإصلاح والانفتاح اللذان يضمنان التنمية والتطور للصين. وقال جينتاو “سنتمسك بشدة بالطريق الاشتراكي”. وأضاف: “اليوم تمضي الصين الاشتراكية قدماً في مسيرة التحديث، وأن العالم والمستقبل رهينان بما يجري في المشرق”. كما تعهد الرئيس الصيني في خطابه المختصر المكثف، ببذل كافة الجهود لاستكمال توحيد التراب الصيني مشيراً إلى التطلعات المشتركة للأمة الصينية.
وقال: “لن نتخلى أبداً عن مبادئ إعادة التوحيد بالسبل السلمية في إطار دولة واحدة بنظامين بما يحافظ على الرفاه المستدام والاستقرار في هونج كونج وماكاو، وسندفع قدماً بالتطورات السلمية في العلاقات عبر مضيق تايوان”. كما مد جينتاو يده للعالم متعهداً بالتعاون في جهود السلام والتنمية مؤكداً أن بلاده ستلعب دوراً مهماً في استقرار العالم ورفاهية البشرية جمعاء.
أنظمة مدرعات وطائرات مقاتلة
كان العرض العسكري في ساحة السلام السماوي، سيد الموقف، حيث أتيح للمراقبين والخبراء العسكريين بل والعالم بأسره، مشاهدة أفضل ما أنتجته الصناعات العسكرية الصينية من مقاتلات متطورة وصواريخ حديثة ودبابات ومركبات مدرعة لا تقل عن المنتجات الغربية. شهد العرض مشاركة 56 فرقة ممثلة بـ 8 آلاف عسكري من الجنسين، ونحو 500 دبابة إضافة إلى الصواريخ الضاربة بكافة أنواعها والمركبات و151 طائرة حربية. من المقاتلات التي حلقت في سماء بكين، المقاتلة “كونج جينج 200” المجوقلة وهي طائرة إنذار مبكر وسيطرة، والقاذفة “جي اتش -7 أي” التابعة للبحرية الصينية. كما حلقت المقاتلة “جيان -11” وهي نسخة انتقالية باتجاه مقاتلات المستقبل إضافة إلى الهليكوبتر الهجومية “زد 9 دبليو” التي تلي أحدث طراز ممثلاً بـ “زد 15”.
أما المنظومات الصاروخية التي عرضها جيش التحرير الصيني، فكان أبرزها أحدث نسخة من طراز “دونج فينج -2” المضاد للسفن وصاروخ “شانج جيان -15” كروز في أول ظهور لمنظومة توماهوك الصينية إضافة إلى نسخة من “دونج فينج -11 أي” أرض - أرض الذي تعتبره بكين سلاحاً تقليداً بيد القوات النووية. كما اشتملت عروض التكنولوجيا العسكرية على منظومة “هونج كي” بعيدة المدى وهي صواريخ اعتراضية تابعة لسلاح البحرية وصواريخ “دونج فينج-31” البالستية القادرة على حمل رؤوس نووية.
وعرض الجيش الصيني مقاتلة مجوقلة “03” وهي آلية متطورة لتعزيز العمليات المظلية، وآلية “دبليو جي 03 بي” المصممة لمهام القوات الخاصة بمكافحة الإرهاب، والدبابة البرمائية “زد بي دي - 05” متعددة الأغراض للمشاة. وشهد المهرجان أيضاً عرض الدبابة البرمائية الهجومية “زد بي دي - 05” وهي أحدث الآليات الخاصة بالبحرية الصينية، ودبابة “زد تي زد -99” الأكثر تطوراً ضمن منظومة آليات المعارك الرئيسية لدى الجيش الصيني. وفي أول ظهور علني، ركز الاستعراض العسكري على طائرة جوية بدون طيار وهي من الآليات التي تم تطويرها خلال الأعوام القليلة الماضية.
مقاتلات متطورة في أيد ناعمة أمينة
كان الاستعراض العسكري مع مفاجأة أخرى جديرة بالملاحظة، حيث تم الكشف عن مشاركة 15 طياراً من الجنس اللطيف بقيادة طائرات “كي -8” الخاصة بالتدريب العسكري في سلاح الجو الصيني. تخرجت هؤلاء الفتيات وجميعهن في مقتبل العقد الثالث، في الكلية الثالثة للطيران العسكري في أبريل الماضي مع تأكيد مصادر صينية على أنهن أحرزن أعلى الدرجات. ومكافأة لهن على هذا الاختراق، قررت الحكومة الصينية اختيار أفضل واحدة منهن لتصبح أول رائدة فضاء صينية. كما كشفت مصادر عسكرية صينية أن جيش التحرير الوطني بدأ باستقطاب طيارين من الجنس اللطيف منذ عام 1951 وتمكن من تدريب أكثر من 300 فتاة.
عرض جماهيري خرافي
مشاهد القوة العسكرية الضاربة التي عكستها أرتال الدبابات والمنصات المتحركة في ميدان تيان مين، تلاها استعراض جماهيري أسطوري لجهة التنظيم المحكم وإيقاعات حركته الشبيهة بمقطوعة موسيقية حالمة. شارك 100 ألف شاب وشابة في الاستعراض موزعين على 36 تشكيلة كانت كل واحدة منها تجسد وجهاً من أوجه التطور في الصين، وكأن المنظمين أرادوا القول إن تلك المكتسبات العسكرية والاقتصادية يحميها عنصر بشري مؤهل للمضي قدماً بتقدم وتطور البلاد. وفي دلالة رمزية مهمة لعام التحرير (1949)، انفرد 1949 شاباً وشابة برفع علم صيني ضخم يبلغ حجمه 600 متر مربع ما يجعل منه أكبر من ملعب لكرة السلة. وفي إشارة أخرى لا يخفى مغزاها، شارك لأول مرة في العرض الرسمي، أكثر من 181 أجنبيا يمثلون الولايات المتحدة وأستراليا وكوبا وكينيا والهند، وهم يرتدون “تي شيرتات” طرزت بعبارة “نحب الصين.” والتف الأجانب حول مقصورة تحمل مجسماً للكرة الأرضية عليه شعار “عالم واحد”.
ورغم مرور عقود على رحيل ماوتسي تونج، ما زال هذا الزعيم خالداً في وجدان الشعب الصيني، بيد أن لزهاو بينج حضورا جماهيريا من طابع خاص. فهذا القائد يعود له الفضل في الإقدام على مغامرة فاصلة في تاريخ الصين لفترة ما بعد التحرير، كونه استحدث سياسة الإصلاح والانفتاح التي أنقذت البلاد من انهيار محقق إثر “الثورة الثقافية” المضطربة خلال الفترة 1966 إلى 1976، دافعاً بالبلاد إلى رحاب التنمية الاقتصادية والرفاه. ويعود الفضل لزيمين في إطلاق ما يعرف بـ “اللاعبين الثلاثة” التي تعني نهوض الحزب الشيوعي باستمرار، بدور الحاضنة الراعية لتنمية وتطوير القوى البشرية الاشتراكية المنتجة في الصين، والمسيرة التقدمية للثقافة الصينية، والقضايا والمصالح الأساسية لجميع الشعوب الصينية.
أما المجسم الخاص بالرئيس جينتاو الذي نصب وسط ميدان السلام السماوي، فكان ينطلق من حوله تسجيلاً فحواه “اعملوا بجد لتحقيق انتصارات جديدة ببناء مجتمع رفاه معتدل في كافة المجالات وسطروا صفحة جديدة من الحياة السعيدة للمجتمع الصيني”. هذه الفقرة تم اقتباسها من الخطاب الرسمي في أعمال المؤتمر الـ 17 للحزب الشيوعي الصيني في أكتوبر 2007 والتي اعتمدت سياسة الرؤية العلمية للتنمية في دستور الحزب. هذه الرؤية عنيت بتأكيد الحزب الشيوعي على عزيمته في تحقيق وتعزيز التنمية المتناسقة على أساس الانسجام والتناغم المجتمعي وصيانة البيئة.
مكتسبات اقتصادية منقطعة النظير
تلا عـرض المجسمات الأربعة، مرور 19 منصة يحيط بها 43 ألف مشارك يمثلون مختلف الفعاليات والشرائح المجتمعية الصينية، وهم يحتفون بالمنجزات في مجالات الزراعة والتعليم والصناعة والرياضة والعلوم وبرامج الفضاء الصينية.
واهتمت التشكيلة التي تجسد المكتسبات الزراعية بعكس النجاحات التي تحققت في مجال تحسين وتطوير المحاصيل الغذائية والتي تلبي حاجة 1.3 مليار نسمة. وتفيد إحصائيات رسمية للعام 2008 أن الصين أصبحت حالياً أكبر منتج للمحاصيل والمنتجات الغذائية في العالم بحصيلة 528 مليون طن من الحبوب و128 مليون طن من الدواجن ومستخرجاتها. في تشكيلة خاصة بالتصنيع، تحكي العناصر المحمولة على المنصة الكيفية التي تحولت بها القطاعات الصناعية من حالة الاحتضار عقب الثورة الثقافية، إلى قوة جعلت من معظم أنحاء البلاد، ما يشبه ورشاً صناعية.
فالصين التي كانت قبل 60 عاماً لا تجد ما يكفي أهلها من أعواد الثقاب، أصبحت اليوم تصدر منتجات لا حصر لها بدءاً بقداحات إشعال السيكار وانتهاء بالأقمار الاصطناعية، إلى ما لا يقل عن 200 بلد.
تضمن الركب أيضاً، منصات محملة بمجسات لطائرات ومقاتلات محلية الصنع، كما جسدت تشكيلة أخرى مساعي صينية جبارة لإنتاج الطاقة النظيفة بواسطة منشآت نووية وأخرى خاصة باستخدام الرياح وأشعة الشمس. ويلاحظ أن معظم المنصات المتحركة التي استخدمت في الاستعراض، عبارة عن آليات هجين تعمل بالطاقة الكهربائية وهي تعرض للمرة الأولى لتؤكد عزم الصين على تطوير آليات وتجهيزات صديقة للبيئة.
سجل الاستعراض حضوراً للصناعات الفضائية الصينية، حيث لوح أول رائد فضاء صيني وأربعة من زملائه بأعلام حمراء من على متن منصة تحمل أيضاً مجسمات لمنصات إطلاق محلية الصنع وأقمار اصطناعية، في إشارة إلى البرنامج الفضائي الصيني الطموح.
أعقب ذلك، استعراض 31 تشكيلة تمثل الخصائص المميزة لكافة الأقاليم الـ 31 التي يتألف منها التراب الصيني، إضافة إلى هونج كونج وماكاو وتايوان. حملت المنصة الخاصة بتايوان مجسمين لطائرتين في اتجاهين متعاكسين للدلالة على تدشين الملاحة الجوية المباشرة وخدمات النقل البحري بين الأرض الأم والجزيرة المتمردة، ما يعكس التحسن في العلاقات بين الطرفين مؤخراً. ومسك الختام بهر الحشود عندما عبر عشرات الآلاف من الأطفال ساحة الميدان وهم يتحركون في انسجام يعجز الكبار عن أدائه ويطلقون البالونات الزاهية، في مشهد يوحي بأن مستقبل البلاد رهين بصياغة وصقل الأجيال المقبلة، وأسدل الستار على الاستعراض بإطلاق 60 ألف حمامة في سماء ساحة تيان مين، لتنقل رسائل للسلام داخلية وعالمية.
ما وراء الدبابات وهتافات البشر
ثمة رسائل متشعبة بعضها موجه للداخل وأخرى للخارج، يمكن استشفافها من ضخامة العرض بشقيه العسكري والمدني وقد عبر عنها ضمناً الرئيس جينتاو في خطابه لهذه الذكرى فالصين التي حققت كثيراً من النجاحات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتكنولوجية خلال مسيرة السنوات الستين الماضية، نظمت تظاهرة الأول من أكتوبر بحسابات مدروسة للغاية، مستندة إلى رصيد متميز في تنظيم الفعاليات الكبرى في ضوء تجربتها المذهلة في أولمبياد بكين عام 2008.
هاتان المظاهرتان تصبان في خانة “التمرين” استعداداً للفعالية الأكبر ممثلة بمعرض “إكسبو” - شنغهاي الدولي الذي ستستضيفه هذه المدينة العجائبية على مدى الفترة من أول مايو إلى نهاية أكتوبر 2010، أي لمدة 184 يوماً. هذا المعرض الذي يعرف في الأدبيات بـ “أولمبياد الاقتصاد والعلوم والتقانة والثقافة”، سيكون الأضخم من نوعه منذ بدايته المتواضعة في لندن عام 1851.
وفي دلالة لا تخطئها الفطنة، ينعقد إكسبو - شنغهاي الدولي للمرة الأولى في تاريخه في دولة من العالم النامي، بحسب تواضع الصين على تصنيف نفسها. وبطبيعة الحال، فالصين من البلدان ذات الاقتصادات التي قطعت شوطاً مقدراً في النمو والتطور، بيد أنها تصر على التمسك بهوية الدولة النامية، بل تستنكف تصنيفها ضمن الدول المتطورة، إذاً، فخروج إكسبو الدولي عن أراضي الدول المتطورة وانعقاده في هذه البلاد، لم يكن مصادفة، بل هو اعتراف دولي بمكانتها في الاقتصاد العالمي بعد دورها السياسي، وسيكون إعلاناً عن مرحلة جديدة في تطور الصين ونفوذها الشامل على مجريات الأمور في المسرح الدولي.
تأكيد جينتاو في خطاب الأول من أكتوبر، على دور الصين في رفاهية البشرية جمعاء وإرساء السلام والاستقرار العالميين، يحمل في ثناياه رسالة واضحة الى الذين يتهمون بكين بالتواطؤ مع الشرائح الحاكمة في البلدان الموبوءة بالفساد والصراعات الداخلية، من خلال إغداق الرشاوي المالية والسياسية من أجل الظفر بالاستثمارات في الصفقات دون فرض شروط تسلم في إفشاء العدالة الاجتماعية والحكم الرشيد.
كشف الصين ولأول مرة عن تقنيات عسكرية متطورة جداً وبهذا الكم الضخم يستجيب لمخاوف الغرب من عدم شفافيتها في الموازنات العسكرية المتنامية، وهناك رسالة مبطنة للأساطيل وحاملات الطائرات الأميركية التي تلامس المياه الإقليمية الصينية وتدخل في احتكاكات مباشرة في بعض الأحيان، وثمة رسائل أخرى للهند واليابان والدول الداعمة لتايوان رغم تأكيد الرئيس جينتاو على الخيار السلمي في إعادة التوحيد.
تعرض بكين بضاعتها من تقنيات عسكرية وتكنولوجية وعلمية على دول العالم النامي في إطار التعاون “جنوب - جنوب” ولا تتدخل في الشؤون الداخلية لتلك الدول على غرار ما يفعل الغرب، بل هي تعرض أنموذجاً بتجربتها في المزاوجة بين النظامين الاشتراكي والرأسمالي، خاصة في ظل الأزمة المالية الحالية التي هزت قناعات راسخة في نجاعة أطروحات الغرب. هناك تحديات داخلية جمة والصين أكثر ادراكاً ووعياً بها، لعل أبرزها الفساد واتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء والنزاعات الانفصالية في أكثر من إقليم والحاجة إلى إعادة هيكلة الاقتصاد بما يكسبه زخماً جديداً للمحافظة على نموه على نحو مستدام وبالمعدل الذي تم تحقيقه على مدى سنوات (لا يقل عن 8?) إضافة إلى القضايا البيئية وعلى رأسها مشكلة الانبعاثات، هذه القضايا محل اعتراف من قبل المسؤولين الصينيين، بل تخضع لتشخيص عميق مع مبادرات مستمرة لإيجاد الحلول المثلى لها.
بكين.. روح الثقافة الصينية وحاضنة «صناعة الإبداع»
بكين هي القلب النابض بالسياسة والثقافة في الصين على مدى أكثر من 500 ألف عام ما ينعكس في قصورها الضخمة الفاخرة ومعابدها المجسدة لكافة الديانات وحدائقها المورقة بكل زهر جميل، بل بميدانِها المعروف بساحة “السلام السماوي” التي تعطي المدينة هوية متميزة ببوابتها المؤدية إلى المدينة المحرمة - عبق التاريخ لم يأسر المدينة في ماضيها التليد، بل كان ملهماً لها في استكناه التطور وتطويعه وفق مزاجها الخاص، مستلهمة معطيات مختلف العصور. بكين اليوم عاصمة عالمية نابضة بالحياة باقتصادها المزدهر وحركتها التي لا تسكن أبداً وبسكانها المسرعين للحاق بقطارات المستقبل، إنها مدينة العجائب والمفارقات بشوارعها الفسيحة المضاءة بفوانيس النيون وأزقتها التي تفوح منها رائحة الطعام، بمبانيها الحديثة الشاهقة المرصعة بالتيتانيوم والزجاج لتعانق القصور عتيقة الطراز، بمزيجها السكاني العجيب، حيث تغص الشوارع بأناس شاحبين يعرضون الطيور المغردة والقردة، ويسامرون آخرين إلى جوارهم يُعالجون الأرقام والبيانات بالكمبيوتر المحمول.
وكعادتها الراسخة عبر العصور في المزاوجة بين القديم والحديث، لم تتخلف المدينة عما تشهده البلاد من زخم اقتصادي، متمسكة بالتميز والتفرد لتجد ضالتها في الصناعات المرتبطة بالثقافة والفنون والخلق والإبداع، ومنذ اكتساب عود الصناعات الصينية حيوية ومنعة أواخر التسعينات من القرن المنصرم، ومروراً بانضمام البلاد إلى عضوية منظمة التجارة العالمية، استشعرت بكين الحاجة لحقن منتجاتها الصناعية المحلية، بجرعات ابتكارية إبداعية، تعزز النوعية وترتقي بالقدرة التنافسية للبلاد.
التفتت بكين إلى إرثها في الصناعات الثقافية الإبداعية، ساعية لإنتاج سلع بماركات محلية أصيلة على غرار ما يجري في مدن بالبلدان المتطورة الأخرى، مستفيدة من تعاظم أهمية المنتجات الصينية في الداخل والخارج منذ بداية القرن الحالي، هذه الجهود الخلاقة بدأت تأتي أُكلها في العاصمة بكين بصفة خاصة، وفي أنحاء عديدة بالصين، ويستفاد من إحصائيات رسمية أوردتها مجلة الأعمال التجارية في بكين، أن قطاع صناعات الثقافة والخلق والإبداع التابع للمدينة، ينتج حالياً سلعاً بقيم مضافة تساهم بنسبة أكبر من موارد قطاعات تجارة الجملة والتجزئة والعقارات والخدمات والنقل والاتصالات، في اقتصاد بلدية بكين، وتؤكد الإحصائيات أيضاً، أن الاستثمارات الضخمة التي ضختها بكين في هذا القطاع، حفزت الصناعات المرتبطة بالثقافة والخلق والإبداع ما جعل منها من الموارد الاستراتيجية في كافة خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلدية المدينة والأقاليم.
ومنذ مطلع القرن الحالي، ركزت بلدية بكين على إنشاء مالا يقل عن 21 مجموعة متخصصة في صناعات متصلة بالثقافة والفنون والإبداع، تعاظم دور هذه الصناعات جعل منها عنصر جذب لعدد كبير من الأعمال التجارية المساندة، ما أهلها لتنتج ما قيمته 14.71 مليار دولار من القيمة المضافة للعام 2008 بما يعادل 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلدية. وما يشهد على النمو المطرد لهذه الصناعات، تسجيلها 4.2 مليار دولار من القيمة المضافة خلال الربع الأول من 2009. ويتوقع الخبراء نمواً متصاعداً لقطاع الصناعات الثقافية والإبداعية في بكين في ضوء توسع السوق الاستهلاكية واتساع شرائح الطبقة الوسطى، بفضل الإجراءات الاحترازية التي اعتمدتها الصين للحد من آثار الأزمة المالية الاقتصادية العالمية الحالية، ما يجعل منها رافداً مهماً للاقتصاد الوطني المتعاظم.
بحلول 2005 زاد معدل دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بالعاصمة بكين، عن 5 آلاف دولار (أكثر من 15 مليون نسمة)، ما يعني أن اقتصاد المدينة تطور إلى مرحلة جديدة من مراحل النمو، ويرى خبراء الاقتصاد أن تنمية القطاعات الصناعية الثقافية الإبداعية، أصبحت خياراً استراتيجياً، لترقية وتطوير القطاعات المعنية، بغرض إحداث تحول جذري في أنماط النمو الاقتصادي على مستوى المنطقة والبلاد.
بحلول ديسمبر 2006، نظمت بكين معرضها الدولي الأول للصناعات الثقافية والإبداعية وأعلنت خلال فعالياته إنشاء 10 مجمعات صناعية متخصصة في هذا المجال، شكل هذا الإعلان الخطوة العملية الأولى باتجاه تحقيق خطط بكين التي تهدف لجعل هذه المدينة عاصمة عالمية للصناعات المرتبطة بالثقافة والخلق والإبداع، ولدى اقتراب موعد الألعاب الأولمبية في الصين عام 2008، تم إطلاق 11 مجموعة جديدة أخرى ما رفع العدد الإجمالي للمجموعات الصناعية إلى 21 مؤسسة ضخمة.
ومن ضمن المجموعات الصناعية الضخمة في هذا المجال، مركز إدارة الصناعات الخلاقة الذي ترفده إمكانات علمية وأكاديمية قوية ويستند إلى قاعدة معرفية متطورة، ما يجعل منه قوة دفع رئيسية في حفز وتنمية البنيات التحتية لكافة المجمعات الصناعية الأخرى ذات الصلة بصناعات الثقافة والخلق والإبداع التابعة للعاصمة بكين، يوازيه مركز بكين لصناعة الترفيه الرقمية ومنطقة بكين لتنمية وتطوير مكونات الإعلامية الحديثة ومنطقة الصين للصناعات السينمائية والتلفزيونية.
هناك أيضاً منطقة بكين “798” للفنون وهي معنية بابتكار وتطوير عدد كبير من المنتجات الفنية ومستلزمات الفنون، وتتميز بفضاءات كبيرة مرتبطة بالثقافة والإبداع، وهي تعمل بجد ومثابرة لتتحول إلى منطقة صناعية عالمية تنتج ماركات صينية خالصة في مجالات تخصصها.
أما مؤسسة الابتكارات في التصميم الصناعي، فهي مجموعة ضخمة أيضاً تُعنى بالتقنيات النوعية وتصميم المشاريع وتضم حاضنات لتفريخ التصميم وأدواته إضافة إلى منتجاتها من تقنيات عرض واتصالات وخدمات تدريب وأبحاث ورعاية وتشذيب المؤسسات.
مجموعة صناعية أخرى تحمل اسم حديقة البرمجيات وهي من أضخم المؤسسات المتخصصة في مجال إنتاج البرمجيات بمختلف أنواعها معززة بحاضنات لإنتاج البرمجيات ومعايرتها إضافة إلى إنتاج أدوات الدعم الفني ومنصات تبادل المعلومات.
كما أنشأت بكين مجموعات للصناعات الإعلامية وحديقة المعرض الصناعي العالمية وحديقة العلوم التي تتميز باستقطابها لموارد بشرية نوعية وتتألف من فضاءات خاصة بصناعات الابتكار والأعمال التجارية الصناعية الطموحة، وتنشط حديقة العلوم العملاقة في مجالات تنمية وتطوير البرمجيات وخدمات تكنولوجيا الإعلام الحديثة، والشبكات، والتصميم، والنشر، والتوزيع، وتطوير، وإنتاج برمجيات الرسوم الهزلية، وتكنولوجيا المحاكاة، والألعاب المختلفة على الشبكة العنقودية.
ثمة مجموعات أخرى من قبيل “هوتونج اسكواير تايمز” الخاصة بالصناعات الإعلامية المطبوعة والشبكات الإخبارية وإنتاج البرامج التلفزيونية والموسيقى الكلاسيكية الصينية، ومجموعة بكين لتصميم الأزياء وأخرى للصناعات الثقافية التقليدية ومركز بكين للنشر والتوزيع ويُعنى بتصميم وتشييد المجمعات الضخمة للنشر والتوزيع والمعارض التجارية. كما تم إنشاء حديقة الوادي السعيد للثقافة البيئية وهي فضاء يهتم بمنتجات وتوفير أنشطة التسلية والترفيه والاستجمام الجسدي والذهني، ويقدر عدد زوارها سنوياً بنحو 3 ملايين زائر، وهناك أيضاً مجموعة بكين للسياحة الثقافية والتاريخية وحديقة التحف والأعمال الفنية ومجموعة الفنون الأصيلة والصناعات الكرتونية.
نظمت العاصمة الصينية ثلاث دورات من معرضها العالمي للصناعات المتعلقة بالثقافة والفنون والخلق والإبداع، وذلك بغرض الترويج لتلك القطاعات وتعزيز حضورها في السوق العالمية، كما تستعد المدينة لتنظيم الدورة الرابعة لهذا المعرض الضخم في ديسمبر المقبل. وقد تمّ مؤخراً الإعلان عن تشكيل هيئة ملحقة بهيكلية الصناعات الثقافية الإبداعية منوط بها مسؤولية الاستثمار والتمويل لإعطاء زخم جديد لهذه القطاعات في ضوء أدائها الاقتصادي المتعاظم، كما اتخذت في الآونة الأخيرة كافة الإجراءات اللوجستية والهيكلية لإنشاء صندوق حكومي يُعنى أساساً بتوفير دعم إضافي للصناعات الإبداعية.
لا شك في أن الموارد المالية والبشرية الضخمة المتوفرة لبكين، والمدعومة ببنية هيكلية متطورة وقطاعات مساعدة أخرى خاصة الخدمية، ستقفز بالدور المتعاظم للصناعات المرتبطة بالثقافة والخلق والإبداع في اقتصاد العاصمة الصينية، وقد ساهم الوجود الأجنبي بكثافة في بكين في نفاذ منتجات هذا القطاع إلى الخارج وإدماجها في الأسواق العالمية ذات الصلة، كما لعبت الجامعات والمؤسسات الأكاديمية الأخرى والمراكز البحثية دورها في توفير أفضل المدخلات لهذه الصناعات، ولا غرو أن ازداد عدد الوحدات المتخصصة في المنتجات الثقافية والإبداعية بمعدل تصاعدي حتى بلغت حالياً 8200 وحدة إنتاجية تعرض في الأسواق المحلية والعالمية العشرات من العلامات التجارية المميزة بها.
رطل من ذهب في شبر من الأرض
«ووسي» بوتقة الثقافة والتاريخ والسياحة والتكنولوجيا
ووسي مدينة يستملح الصينيون وصفها بـ“شنغهاي الصغرى” نظراً للمشاريع التنموية الصناعية الضخمة فيها وهي تمزج التاريخ والثقافة والسياحة بالصناعات التكنولوجية المتطورة.
بل هي مهد الصناعات الوطنية الصينية ومركز ثقافة “وو” التي تعود لنحو 3 آلاف عام عندما جاء أحد أبناء الأباطرة لنشر ثقافة المركز الصيني بهذه المنطقة الجنوبية والتي كانت حينئذ مستودعاً لخام القصدير - وتشير الروايات الصينية إلى أن مفردة “ووسي” نفسها مستمدة من لغة الماندرين وتعني المنطقة الغنية بالقصدير.
نضب هذا المعدن مطلع القرن الأول الميلادي، لكن أهمية المدينة لم تضعف، حيث توسع النشاط الزراعي فيها فأصبحت مصدراً رئيسياً لمحصول الأرز والمنتجات الزراعية الأخرى خاصة لاستهلاك الأسر الحاكمة، نمت صناعة النسيج بشقيها الخفيف والثقيل مع مطلع القرن العشرين، لتشكل أرضية صلبة لانتقال المنطقة بأسرها لرحاب أوسع من الصناعات الحديثة المتطورة خلال العقدين الآخرين.
تقع ووسي جنوب محافظة جيانغسو وسط دلتا نهر يانجتسي أكبر أنهار الصين وتحدها جنوباً بحيرة تاي بمناظرها الخلابة، وهي على بعد 128 كيلومترا من شنغهاي.
توفر السياحة وصناعاتها موارد ضخمة لهذه المدينة الساحلية كونها واحدة من أكثر مناطق الجذب السياحي في الصين (10 ملايين زائر سنوياً) بما يميزها من سياحة ثقافية وحدائق مورقة على غرار حديقة المياه المصممة ببراعة فائقة وحدائق الزهور ومتنزهاتها الباذخة الواسعة، وتحيط بالمدينة مرتفعات جبلية مخضرة تتسلل عبر قممها السحب والضباب الخفيف مظللة بحيرة تاي ثالث أكبر بحيرة صينية لجهة مخزونها من المياه العذبة، ما يضفي على ووسي مشهداً سديمياً نادراً، وكان قدماء الصينيين يعتقدون أن بحيرة تاي تجسد “روح الطبيعة الخلابة”.
بحلول 1992، أنشأت الحكومة الصينية بالمدينة، منطقة ووسي الجديدة للتنمية على مساحة كلية تبلغ 9.45 كيلو متر مربع، بغرض تنمية الصناعات التكنولوجية المتطورة. وشهد عام 1993، تأسيس حديقة ووسي - سنغافورة الصناعية وحديقة تاي العالمية للعلوم والتكنولوجيا وحديقة المطار الصناعية وحديقتي ووسي لإدارة ومعالجة الصادرات وتطوير البرمجيات.
بنهاية 2007، جذبت منطقة ووسي الجديدة 1500 مشروع استثماري أجنبي بلغت استثماراتها 13 مليار دولار واستثمار أجنبي مباشر يفوق 10 مليارات دولار، وأصبحت المدينة حالياً، مقراً لأكثر من 500 علامة تجارية لشركات عالمية ضخمة بينها على سبيل المثال: سوني، باناسونيك، توشيبا، شارب، نيكون، جي إيه، كوداك، إل جي، سيمنز، بوش، ماكسيل، هيتاشي، ماتسوشيتا، روش، بنتا، فولفو، باير، هاينكس، ليتيل اسوان، أغفا” وغيرها.
ترتبط المدينة بشبكة نقل نهرية وجوية وأرضية، بكافة أنحاء الصين، ويوجد بها قطاع خدمي متطور جداً ومنشآت سكنية مهيأة بكافة متطلبات الحياة العصرية ومكاتب جمركية قائمة بذاتها إضافة إلى الموارد البشرية عالية التأهيل.
وتعد ووسي حالياً واحدة من أفضل 14 مدينة في الصين وفي مقدمة أفضل 40 بيئة استثمارية وتحتل مرتبة متقدمة ضمن أضخم 15 مركزا اقتصاديا في البلاد وأكثر 10 مدن جذباً للسياح.
كما أنها واحدة من أكبر المراكز الصينية للتصدير حيث يوجد بها نحو ألفي وحدة تجارية صناعية تنتج بضعة آلاف من المنتجات، التي يتم تصديرها لأكثر من 130 بلداً وإقليماً على نطاق العالم. ودعمت المنطقة مركزها التجاري المتقدم بانشاء 127 فرعاً لها في 26 بلداً بالخارج توفر فرص عمل لحوالي 1039، تنتج المنطقة ما يعادل 25 في المئة من حجم الصادرات الصينية للأسواق الخارجية ويشكل ناتجها المحلي 5 في المئة من الاقتصاد في البلاد.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن ووسي تتصدر قائمة المدن الصينية الأسرع في التنمية الاقتصادية وقد بلغ نصيب الفرد من سكانها الذين يعدون 6 ملايين نسمة، 10 آلاف دولار، وقد أدرجت في بورصة نيويورك منذ عام 2005. وتعول السلطات الصينية كثيراً علي المدينة في خطط إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني، ولا غرو أن أصبحت تعرف على نطاق واسع بـ منطقة “رطل من ذهب في شبر من الأرض”، في إشارة إلى مستقبلها الباهر.