إبراهيم الملا

يستقي «المكان» سحره ودلالاته في الفيلم الإماراتي وفي مسيرة السينما المحلية عموماً، من عنصر مهم وهو «اللغة السينمائية» التي تحتلّ فيها بيئة التصوير حيّزاً ذا ثقل وتأثير في ضخ الكادر المشهدي بدفق من الإشارات والإيحاءات والكتل الثابتة، والأخرى المتحركة في بؤرة ومنظور الكاميرا، وهي اللغة الخاصة أيضاً في السيناريو عندما يتم تحديد موقع المكان بوصفه نصّاً مرئياً محايثاً وشريكاً في تأطير اللقطة أو المشهد (خارجي/ داخلي)، لتشرع الكاميرا بعدها في البوح بمتواليات بصرية تعزّز مناخات القصة وتفرّعاتها، وتضيف للحبكة أبعاداً وزوايا، وتعمّق الشكل الواقعي للسيناريو، وتشحنه بإمكانات تعبيرية وجمالية، لا تستطيع الكلمات وحدها، ولا الوصف البنائي داخل النص في القبض عليها وامتلاكها.
يتداخل «المكان» أيضاً في الفيلم الإماراتي بتصنيفاته المختلفة، من قصير وطويل وتسجيلي، مع الحضور التفاعلي للممثلين في الأفلام الروائية، وللشخصيات والقضايا محلّ البحث والإضاءة والنقاش في الأفلام الوثائقية، ذلك أن «المكان» باعتباره بنية جمالية وتشكيلية: يشكل عصب ومرتكز وجوهر أغلب الأعمال المستندة على «الصورة» كمنطوق خالص ومكتمل، بعيداً عن المؤثرات الإضافية كالموسيقى والغرافيك والحوارات المسترسلة، التي تشكل أحياناً عبئاً على الجملة السينمائية الصافية والنقيّة.
تتميز البيئة المحلية في الإمارات بتنوّع وثراء وتعدّد مكوناتها الطبيعية وتشكيلاتها البصرية وفضاءاتها الجغرافية، الموزعة على الصحراء والبحر والجبل، كمساحات مفتوحة على النوستالجيا الفطرية الخبيئة في الذات الإنسانية، خصوصاً عند تعاطيها مع الذاكرة والطفولة والهجرات الداخلية من المنازل القديمة إلى المناطق الجديدة، فكل هذه العناصر الذاتية المنذورة للقطع والغياب صنعت ما يمكن وصفه «بالحواس المنفلتة في فراديس بعيدة»، إضافة إلى أن وجود المدن الإماراتية المعاصرة ساهم في خدمة قصص وأفلام بعينها انحازت للتعامل مع الحياة ببعدها الكوز موبوليتي المعقّد، المتضمّن قضايا جديدة ومتداخلة ومفاجئة أيضاً، في مقابل النسيج التراثي، والظواهر الفلكلورية العتيقة، واستعادة الموروث كنمط حياة سابقة تتمتع هي الأخرى بحكايات ومرويات منسية ويمكن إحياؤها في مختبر السينما، وفي تجلياتها العابرة للزمن.
هذا التنوع البيئي والجغرافي منح بدوره المخرج الإماراتي خيارات متعددة لبناء «الميزانسين» الجاهز الذي يخدم القصة المطروحة في الفيلم، أو القضية المثارة فيه، ومن دون تكبّد أعباء إنتاجية زائدة، وتكاليف إضافية عندما يتطلب السيناريو صنع بيئة تصوير يفتقر إليها المكان أساساً.

صرخة التغيير
في عام 2004 أطلق الشاعر والمخرج السينمائي الإماراتي مسعود أمر الله صرخة احتجاجية أثناء إشرافه على مسابقة «أفلام من الإمارات» بالمجمع الثقافي بأبوظبي، وجاءت هذه الصرخة في الدورة الثالثة من المسابقة، على صيغة أسئلة حارقة وهي: «لماذا صورنا لا تشبهنا؟، لماذا لهجتنا لا تشبهنا؟، لماذا ـ والأهمّ ـ نُلقّن بما لا يشبهنا».
ذلك أن الحلم السينمائي الدائم الذي طارد مسعود أمر الله وطارده، كان مرهوناً بتحقيق أفلام أكثر التصاقاً بنا، لأنها منّا، ولأنها أكثر تفهّماً لصورتنا، ويجب أن تشاغب وتشاكس الصور البديلة الأخرى المغايرة، كان مسعود أمر الله حينها يطالب بأن يصبح تنوّع القصص في الفيلم الإماراتي، نابعاً من ثراء الذاكرة الأولى والأصيلة، الذاكرة التي تشكّل هويتنا ولا تستعير غيرها لمجرّد الاستعراض والبهرجة والادعاء المفرغ من إبداع حقيقي ومؤثر، فهذا الإبداع عليه أن يكون ناطقاً بهواجسنا ومعبّراً عن روح المكان وخصوصيته وجمالياته المغرية للنص الفاره، وللصورة الملهمة، والسرد السينمائي المتواطئ مع واقعيته السحرية ولغته الشعرية الجامحة.
كان لهذه الصرخة مفعولها الملموس، المتمثّل في ظهور أفلام روائية وتسجيلية كثيرة تصدى لها مخرجون إماراتيون شباب وواعدون ركّزوا في مواضيعهم السينمائية على استثمار الذاكرة والخيال والحدس الفني، لتحويل الأفكار والحكايات النابعة من الأرض إلى نمط تعبيري متحرك ومشاهد على الشاشة الكبيرة، وكان لهذه الأسماء والتجارب دور في صياغة حالة سينمائية متوثبّة ومتواصلة وأهّلت عدداً من الأفلام البارزة للمشاركة وبقوة في مهرجانات محلية وعربية ودولية، فصنعت هذه الأفلام الفارق المطلوب عند مقارنتها بأفلام الدول المجاورة لنا في المنطقة، فكانت الأفلام الإماراتية هي الأعلى كعباً، والأبهى حضوراً والأكثر جذباً للنقاد والمراقبين والجمهور، ذلك أنها أفلام حققت المعادلة الذهبية الجامعة بين السينما التي تشبهنا، وبين تلبية الشروط القياسية لإنتاج شريط مرئي مدهش وملفت ومتفرّد.
الهويّة السينمائية
وفي كل هذه الأعمال البصرية اللافتة كان «المكان» هو المعبر والمنفذ الأهم للخروج من هيمنة الدراما التلفزيونية ومن سيادة مفهوم «الريبورتاج» والتقارير الآنيّة المرتبطة بتغطية حدث طارئ أو مناسبة عابرة، وبالتالي الإخلاص لتقاليد الأفلام الروائية والتسجيلية، الممتلكة لأدواتها التقنية، والحرفية، بضوابطها ولغتها التعبيرية التي تمنحها العمق والقابلية التأملية والتحليلية، وإثارة الأسئلة بدلاً عن استهلاك الإجابات وإعادة تدويرها.
ظهرت في بدايات تكوين الهوية السينمائية الإماراتية أسماء ومواهب امتلكت البصيرة الثاقبة والرؤية الواضحة لاستثمار «ديكورات الطبيعة» أو بيئة التصوير لصنع أفلام روائية وتسجيلية تحتفي بالمكان باعتباره صدى لتشكّل الوعي الفني، والزخم المعرفي، والمحتوى الجمالي، ونذكر من هذه الأسماء: نجوم الغانم، وليد الشحي، هاني الشيباني، عبدالله حسن أحمد، خالد المحمود، ناصر اليعقوبي، أحمد زين، جمعة السهلي، نواف الجناحي، سعيد سالمين المري، عبدالله الجنيبي، علي مصطفى، عبدالله الكعبي، وأحمد حسن أحمد الذي قدم فيلماً واعداً مؤخراً بعنوان: «وضوء» في أول مهمة له كمخرج سينمائي.
وقبل ظهور هذه الأسماء كانت هناك عدة تجارب سينمائية انحازت لحماس مخرجيها الفردي، نظراً لغياب المشروع الثقافي والشكل التنظيمي المؤسسي الذي يكفل الاستمرارية لهذه التجارب ويضعها في المسار الصحيح لاستكمال التحدي وتشكيل حراك سينمائي متواصل وذي بعد استراتيجي في خطة تطوير السينما وتأصيلها ونشرها على أوسع نطاق كحالة ثقافية مطلوبة لترسيخ قيم التسامح والتعايش وتكريس الإبداع النوعي في الإمارات.
حمل فيلم «عابر سبيل» للمخرج الإماراتي علي العبدول عبئاً فنياً مضاعفاً عندما انطلقت أول عروضه المحلية في عام 1988، نشأ هذا العبء في الأساس من إشكالية التصنيف أو الصيغة الأسلوبية التي حاول الفيلم أن يعزلها عن الشكل التلفزيوني، ويقفز بها إلى حقل بصري جديد ذي مواصفات ورؤى ومعالجات مستقلة عن الفضاء الدرامي الشائع في المشهدين الثقافي والفني بالإمارات، منذ الستينيات في الإذاعة والشاشة الصغيرة وعلى خشبة المسرح أيضاً.
خاض «عابر سبيل» المغامرة وبجرأة نادرة، ولم تكن مقاييس النجاح أو الفشل هي المهمة أو المعنية بالرصد هنا، ولكن الفعل ذاته كان استثنائياً وجامحاً، بل مؤسس لحساسية إبداعية مغايرة تفتقر لها الساحة السينمائية المحلية قبل ظهور هذا الفيلم تحديداً، ساهم «عابر سبيل» في ظهور محاولات سينمائية مخلصة بعد ذلك، قدمها كل من المخرجين جاسم جابر في فيلمه «الطين الأخير» (1990) ومحمد نجيب في فيلم «مكان في القلب» (1996)، وهذه المحاولات الجادة رغم ضعف الإمكانات الإنتاجية المتاحة حينها ما زالت مغيّبة عن الأجيال الجديدة من المخرجين، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالبحث في أرشيفات الماضي، والتواصل مع نتاجات الجيل الأول الذي أسس لملامح ومعالم تشكّل الفن السينمائي في الإمارات.
استطاع «عابر سبيل» وقبل 31 عاماً من الآن، أن يوغل في الميثولوجيا المحلية انطلاقاً من المكان المصاغ كديكور خارجي لبيئة شعبية تقع على تخوم الصحراء، ونجح الفيلم في عبور حاجز التردد واللامبالاة فيما يخص الإنتاج السينمائي، وساهم في اكتشاف نمط روائي وتعبيري مختلف في حقل صعب ومتأرجح بين سقف عال من الطموح وآخر منخفض من الإمكانات المتوافرة.

مصائد الحنين
وعلينا أن نذكر هنا أن مسعود أمر الله من خلال فيلمه: «الرمرام» (1994) كان أول من دشّن استخدام التجريب السينمائي داخل القالب التراثي للمكان الذي فرضه المحيط الزمني للقصة، وكان الفيلم محفزاً لتجارب سينمائية كثيرة لاحقة، وحقّق النقلة النوعية التي أحدثت الفارق في الوعي بصناعة فيلم بمواصفات إبداعية عالية، حيث استطاع أمر الله أن يخلخل النسق الفلكلوري المعتاد لحكايات متصلة ظاهرياً مع الماضي، وجعل من الكاميرا معبراً ومنفذاً إلى روح المكان، لا إلى سمته الخارجي فقط، فتحولت البيوتات القديمة المرممة في منطقة المريجة بالشارقة إلى كتل حية ونابضة داخل الكادر السينمائي، وإلى مصائد فارهة للحنين، هذا الحنين الذي صدّرته حكاية الفيلم بين ضفتي الخوف والرجاء، والذي نجح مسعود أمر الله أن يبلغ به مرحلة التماهي والاشتباك بين «الذات» و«الموضوع» فكانت النوافذ والأبواب والجدران العتيقة والدروب الرملية والتفاصيل الأنثوية لبطلة الفيلم، هي أصل وقوام المخيلة الشعبية في انتمائها الأقصى للريبة والرجفة والعذابات المسكوت عنها.
نقل أمر الله المكان التراثي في فيلم «الرمرام» إلى منطقة بصرية مغايرة تماماً لما سبق إنتاجه من أفلام إماراتية، مستخدماً الكاميرا المحمولة ورمزية المكان وإيحاءاته، لاختراق حاجز الاغتراب العميق الذي عاشته بطلة الفيلم، اغتراب جعل من غرفتها مثلاً مسكناً لأطياف وأشباح عصيّة على الترويض، وطقساً لاستعادة حيوات معطّلة في برزخ الانتظار الأبدي، ومن هنا أيضاً أصبح «المكان» في فيلم «الرمرام» جرحاً في الذاكرة، ونزفاً مستمراً لأنوثة مصادرة ومنتهكة ومستلبة حتى الحدود القصوى للصورة، ولما يقبع خلفها من آلام وآهات وصرخات مكبوتة، وعمل الفيلم على استثمار المكان ليكون جزءاً عضوياً وديناميكياً داخل مسار القصة وتشعباتها، في عملية أشبه باشتقاق النعمة من اللعنة، والفضيلة من الدنَس، والبَرَكة من الشُؤْم، والانبعاث من الخسف.

مشهديات باذخة
أما في الأفلام اللاحقة التي ظهرت في الألفية الجديدة وخصوصاً تلك التي تصدت لها المخرجة نجوم الغانم في حقل الفيلم التسجيلي، ووليد الشحي، وعبدالله حسن أحمد، وخالد المحمود في حقل الفيلم الروائي بشقيه القصير والطويل، فإن حضور المكان من جانبه الحنيني والشعبي وحتى الأسطوري، كان مقترناً باشتغال جاد أيضاً على مستوى المواضيع المطروحة في الأفلام وطريقة تنفيذها بشكل يلامس النسق الاحترافي، ففي فيلم مثل «صوت البحر» تستلهم نجوم الغانم حضور الأزرق الكبير في الذاكرة المحلية الإماراتية لتعيد توليف السيرة المهددة بالخفوت لأيقونات الخيال الشعبي، استناداً إلى قلق توثيقي مغلف بنبل شعري ربما، أو بسبب دافع جمالي مقترن بالغيرة المشروعة من أجل ترميم الشواهد البعيدة الآيلة للتحطم والتلف، وهو الدافع الذي بدا جلياً في أفلامها الوثائقية السابقة مثل «بين ضفتين» و«المريد» و«حمامة»، وكأن ثمة إغواءات ونداءات داخلية عميقة، تضع نجوم الغانم وسط تلك المسافة المستحيلة المتأرجحة بين وداعة الماضي، وحدّة الحاضر، أو بين اللحظات الفالتة من قبضة الصورة، والأخرى المتاحة للرصد وإن كانت مشرفة على حوافّها الأخيرة.
تقتنص نجوم الغانم هذه المديات الإنسانية الشاردة، لتحفظها كوثيقة سينمائية لا تتوسل الشكل الأرشيفي، بقدر إخلاصها للتأثير النوستالجي الغائر في هذه الأرواح الكبيرة، والتي تناغمت سيرتها مع سيرة المكان نفسه، فصار لزاماً للضمير الثقافي هنا، أن يعيدها للضوء وأن يبعثها من مرقدها المسكون بالوحشة والصمت وبرودة النسيان.
يتناول فيلم «صوت البحر» خمس شخصيات محلية في إمارة أم القيوين الهادئة والنائية بنفسها عن ضجيج الحداثة العمرانية وزحامها الفائض، بحيث تتحرك هذه الشخصيات أمام المشهدية الباذخة للبحر في لعبة تجاذبات وانتقالات سردية يكون محورها (سيف الزبادي) البحّار العتيق وصاحب الحنجرة التي روضت ولعقود طويلة هياج البحر المتلاطم على امتداد سواحل وجزر إمارة أم القيوين.
استطاع فيلم «صوت البحر» أن يلم شتات هذه الذاكرات المقرونة بموسيقى الموج، وأن يلتقط تفاصيل غائبة وعصية على القبض، تتعلق بقصص وحالات وانفعالات ومشاهد لا يمكن سوى للعين الداخلية والشعرية أن تنقلها بهذه الطزاجة والنفاذية والتودّد، وبهذا التداخل الحميمي مع «المكان» ومع كائناته السحرية التي تصل بين الماء والسماء، وتخاطب في لقطات مقربة شغب القواقع وقناديل البحر والطيور السارحة وسط هذه الخيوط والشباك والمصائد الشفافة التي أحيت نجوم الغانم بكاميرتها المرهفة كل أناشيدها الممتدة بداية من صوت أسطورة الغناء البحري الإماراتي (سيف الزبادي)، وحتى آخر نهمة مشعّة في عتمة الغيب.

صهيل الكاميرا
وبالنسبة للمخرج وليد الشحي فإن ثيمة «المكان» في أفلامه كانت هي الثيمة الأكثر اشتباكاً بشعرية الطرح خارج حدود الكادر البصري، أو التأطير المشهدي، ذلك أن ثيمة المكان في أفلام وليد الشحي تتزحزح من منطقتها الثابتة، ومن قوامها الصامت، لتتحول إلى أطياف وذاكرات تتحرك في هيولي من الأحلام، والتكوينات السوريالية، والنداءات الصوفية، المتمردة على التعيين وعلى النسق الانطباعي الجامد، ففي فيلم له بعنوان «باب» للسيناريست: أحمد سالمين، يرتحل الشحي بكاميرته إلى عالم يموج بالمرئيات والشواهد السارحة في براري اللاوعي، كي تجرف معها الذاكرات والمباهج وحتى الكوابيس إلى تلك الأرض الثاوية على الصمت والفقدان، أرض تتراكض فيها الحمى والأحلام والهلوسات الأنيقة، أرض عصية على الإنوجاد والتحقق ولكنها رغم ذلك تقاوم الوهن واليباس واللاجدوى، وتقول للزائرين إن البيوت التي حطمها النسيان وجرف الزمن أبوابها ونوافذها، هي أيضاً البيوت المحروسة بأرواح ساكنيها، وهي المنازل المشرعة دوماً على الانتظارات والوعود الذهبية.
يصر وليد الشحي في هذا الفيلم كما في أفلامه السابقة («عناوين الموتى»، «طوي عشبة»، «حارسة الماء») على تكريس البصمة الأسلوبية لمخرج ينظر للسينما كتجمع احتفالي يحتشد بالمسرح والشعر والتشكيل والصياغات الفلسفية المهمومة بترتيب العالم، والنظر إليه من خلال عدسة رائية وانتقائية، ومن هنا أيضاً يراهن الشحي على الاقتراحات الجمالية والارتجال البصري عندما يطلق صهيل كاميرته في أحراش الغياب والأزمنة المنسية، وعندما يحمل مختبره السينمائي إلى طفولة المكان وإلى أسراره الدفينة والغائرة.