خطة أميركية لتطوير «طائرات بدون طيار»
جوليان ئي. بارنيز
واشنطن
تخطط "البنتاجون" لإحداث زيادة دراماتيكية في قدرات الرصد والمراقبة لأحدث طائراته، التي تطير من دون طيار، وذلك من خلال زيادة القدرة التصويرية بحيث تتمكن طائرة التجسس التي تراقب منزلًا معينا أو سيارة من الاستمرار في مراقبة كل شيء يتحرك ليس حول هذا المنزل فحسب، وإنما في نطاق مساحة تبلغ 1.5 ميل مربع.
وفي العام الذي سيلي ذلك سوف يتم زيادة هذه القدرات التصويرية بحيث تغطي ثلاثة أميال مربعة، ويتنبأ المسؤولون العسكريون بأن تأثير ذلك على عمليات مواجهة الإرهاب في أفغانستان سوف يكون هائلًا.
ومن المعروف أن الطائرة "ريبر إم كيو ـ 9" التي تطير دون طيار، العاملة حاليًا في أفغانستان تنتج ملفاً (عبارة عن فيلم فيديو واحد) أثناء طيرانها الدائم فوق مسارات المراقبة، وتعتمد المساحة التي تستطيع تغطيتها إلى حد كبير على الارتفاع. وستؤدي التقنية الجديدة إلى زيادة عدد المُلَقِمات إلى 12 وصولا إلى65 في نهاية المطاف.
ومثل طائرة "ريبر" ومثيلتها السابقة عليها "بريداتور"، فإن برنامج التقنية الجديدة أُطلق عليه اسم مخيف وهي"نظرة جورجان"(جورجان مخلوق أسطوري له نظرة تبعث الرعب في قلوب من ينظر إليه وتحوله إلى حجر).
ويُشار إلى أن الطائرات غير المأهولة التي تستخدم لأغراض المراقبة والضربات الهجومية هي أحدث التطورات في مجال التقنية العسكرية الأميركية عبر الجيل الأخير. فهي لم تغير الطريقة التي يتم بها إجراء الحرب فحسب، ولكنها غيرت طبيعة السجال السياسي الحالي في واشنطن أيضاً.
فهذه التطويرات التقنية عززت من حجج ذلك الفريق في إدارة أوباما الذي يعارض إرسال المزيد من القوات إلى أفغانستان.
وينظر البيت الأبيض في الوقت الراهن في إمكانية زيادة استخدام طائرات"ريبر" و"بريداتور" لضرب أهداف في مناطق أفغانستان الريفية، كوسيلة لضرب "طالبان" والجماعات المسلحة الأخرى دون الحاجة إلى وضع الآلاف من القوات الإضافية في مناطق يتناثر فيها السكان على مساحة واسعة.
يوضح مسؤول عسكري أميركي كبير هذه النقطة بقوله:"هذه التقنية أتاحت لنا الفرصة لإظهار قوتنا دون التعرض للخطر... فنحن لسنا بحاجة لنشر أعداد كبيرة من الجنود، وتعريضهم للخطر، طالما أننا قادرون عن طريق التقنية المتطورة على تحقيق الأهداف المطلوبة".
ولكن بعض المسؤولين العسكريين الأميركيين يحذرون مع ذلك من الإفراط في الاعتماد على الطائرات التي تطير من دون طيار. يوضح مسؤول حكومي هذه المسألة بقوله" إن استخدام هذه الطائرات قد خلقت لدى البعض انطباعاً بأننا نستطيع أن ننفذ مهام لمكافحة التمرد دونما حاجة لوجود استراتيجية حيال هذا الأمر، لكن هذه الوسيلة لا يمكن أن تستمر، وأن تؤدي المطلوب منها، دون تحمل قدر معين من الخطر".
ويشار في هذا السياق إلى أن الهجمات عبر طائرات من دون طيار، والتي يتم توجيهها بناء على معلومات حصلت عليها، "سي.آي.إيه"، قوبلت برفض شعبي كبير في باكستان حيث يعتقد السكان أنها تتسبب في قتل المدنيين وليس المقاتلين فقط.
وفي أفغانستان تخضع الهجمات التي تتم من خلال إطلاق صواريخ من طائرات من دون طيار إلى نفس القواعد الصارمة، التي تخضع لها الضربات الجوية الأخرى، أي إلى خطوط إرشادية وتوجيهات بغية تقليل نسبة الخسائر المدنية. ولكن المسؤول الحكومي المشار إليه قال إن الولايات المتحدة، إذا ما أرادت زيادة عدد الهجمات التي تقوم بها طائرات "بريداتور" و"ريبر" فإن الأضرار الجانبية ومصرع المدنيين سيرتفعان حتماً.
على الرغم من ذلك، لا يزال هناك قبول واسع لفكرة أن التقنية الجديدة التي سيتم استخدامها في الطائرات من دون طيار ستلعب دوراً ضخماً.
ويضيف "أن المسؤولين يخططون لتخزين حصيلة أسابيع من التصوير في أجهزة الكمبيوتر الخادمة لمراجعتها من وقت لآخر، وتتبع تحركات السيارات والبشر في المنطقة التي يتم رصدها. فمن خلال تلك الصور المخزنة يمكن معرفة أين كانت تلك السيارات، وأولئك البشر، يتواجدون منذ فترة وأين هم الآن؟ ومن خلال تحليل ذلك يمكن معرفة من هم الأشخاص المهمون، وأين يعيشون، ومن أين يحصلون على الدعم، ومن هم أصدقاؤهم".
ويضيف:"هذا يمنحنا القدرة على الاختيار من بين عدة بدائل مثل القبض على بعض الأشخاص، والتحدث مع أشخاص آخرين، أو الانتظار حتى يخرج هؤلاء الأشخاص الذين كنا نريد القبض عليهم إلى مساحة خالية من الأرض حتى نستطيع استهدافهم...والمسألة لا تتعلق بعدد الصور الملتقطة، ولا بدرجة وضوحها، ولا بالإشارات، وإنما بالقدرة على دمج تشكيلة كبيرة من المعلومات، وتحليلها في الزمن الحقيقي أي في نفس الوقت الذي تحدث فيه".
ويشار إلى أن عدد الطائرات التي تطير من دون طيار المتاحة للاستخدام في مسرح العمليات قد ارتفع بدرجة كبيرة ففي عام 2006، كانت القوات الجوية الأميركية قادرة على استخدام 6 طائرات من هذا النوع في نفس الوقت أما الآن فإنها قادرة على استخدام 38 طائرة في وقت واحد، وتأمل في الوصول بهذا العدد إلى 50 بحلول العام 2011. وباستخدام تقنيات المراقبة والرصد عبر مساحات كبيرة، فإن عدد ملفات الصور التي يتم تجميعها خلال وقت محدد يتوقع له أن يزداد بشكل هائل من 38 ملفاً يوميًا في الوقت الراهن إلى 3000 بحلول العام 2013.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة
«لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»