تحسن الطلب على القروض العقارية في البنوك القطرية
شهدت البنوك القطرية عودة قوية للطلب على التسهيلات الائتمانية العقارية خلال الشهور الماضية في حين تراجعت القروض الشخصية- الاستهلاكية- بعد الإجراءات المشددة التي فرضتها البنوك على هذه العمليات وفقا لتعليمات وضوابط مصرف قطر المركزي، بحسب خبراء ومصرفيين.
وأرجع المصرفيون السبب في ذلك إلى استغلال الفرص الاستثمارية التي يتيحها انخفاض الأسعار في هذا القطاع في الوقت الحالي، وأشاروا إلى أن صغار وكبار المستثمرين حرصوا على الفوز بهذه الفرص على أمل ارتفاع الأسعار خلال الفترة القادمة.
يأتي ذلك وسط توقعات الخبراء بعودة الارتفاعات المغرية في القطاع العقاري القطري في ظل زيادة أعداد العمالة الوافدة والمشاريع الكبرى التي تنفذها الدولة حالياً.
وأظهرت بيانات للبنك المركزي القطري امس الأول أن القروض المصرفية في قطر بلغت في نهاية مايو 254.3 مليار ريال، فيما ارتفعت مخصصات البنوك 1.36 بالمئة على أساس شهري في مايو الماضي بعدما تراجعت اثنين بالمئة في الشهر السابق.
وبلغ اجمالي المخصصات في أكبر دولة مصدرة للغاز الطبيعي في العالم 5.96 مليار ريال (1.64 مليار دولار) في نهاية مايو ارتفاعا من 5.88 مليار في الشهر السابق. وأظهرت البيانات أن اجمالي أصول القطاع المصرفي القطري ارتفع 1.6 بالمئة إلى 487.4 مليار ريال في مايو.
التسهيلات الائتمانية
وكان آخر تقرير صدر عن مصرف قطر المركزي أكد أن التسهيلات الائتمانية التي قدمتها البنوك القطرية قد ارتفعت منذ يوليو 2009 حتى فبراير 2010- 8 أشهر – بنحو 53 مليار ريال مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
وأرجع الخبراء السبب في ذلك إلى قيام البنوك بتخفيف الإجراءات المشددة التي اتخذتها أواخر عام 2008، هذا بالإضافة إلى استمرار نمو الاقتصاد المحلي بنسب هي الأعلى في المنطقة بجانب استمرار المشاريع الحكومية والخاصة التي أعلن عنها من قبل.
وقال التقرير إن إجمالي التسهيلات الائتمانية حتى شهر فبراير الماضي بلغ نحو 286.3 مليار ريال مقابل 233.5 مليار ريال في يوليو الماضي بزيادة قدرها 53 مليار ريال، وأشار مصرف قطر المركزي في تقريره إلى أن القطاعات الإنتاجية والتجارية في قطر حصلت على النسبة الأكبر من هذه التسهيلات.
وأكد التقرير أن قيمة التسهيلات الائتمانية بلغت حوالي 16 مليار ريال خلال شهري يناير وفبراير الماضيين وهو أكبر حجم من التسهيلات في شهرين خلال السنوات الماضية.
ووفقا للنشرة الإحصائية الشهرية لشهر فبراير والصادرة عن مصرف قطر المركزي فإن القروض المقدمة إلى القطاع العام احتلت المرتبة الأولى حيث بلغت قيمتها في الفترة من يوليو 2009 إلى فبراير الماضي حوالي 42 مليار ريال ليصل إجمالي تسهيلاتها إلى حوالي 85.7 مليار ريال وذلك بهدف تمويل المشاريع الحكومية ومشاريع البنية التحتية التي قررتها الحكومة.
في حين تراجعت القروض الاستهلاكية لأول مرة منذ التوسع في القروض خلال السنوات الماضية حيث انخفضت بنحو 5 مليارات ريال خلال نفس الفترة، في المقابل بلغت قيمة القروض العقارية حوالي 10 مليارات ريال وحصل قطاع المقاولون على مليار ريال في في حين تراجعت التسهيلات الائتمانية لقطاع الخدمات بقيمة 3 مليارات ريال خلال نفس الفترة.
وكانت التسهيلات الائتمانية التي قدمتها البنوك قد تراجعت منذ منتصف 2008 وحتى منتصف 2009 بسبب الإجراءات المشددة التي اتخذتها البنوك.
تخفيف السياسات
وقال مصدر في مصرف قطر المركزي إن الإجراءات البنكية بشكل عام يجب أن تكون معتدلة وتتناسب مع الظروف التي تمر بها قطاعات الاقتصاد المختلفة سواء الإنتاجية أو التجارية أو الخدمية، وأضاف أن البنوك اتجهت إلى سياسات أكثر تخفيفا على العملاء خاصة في فيما يتعلق بقروض شراء العقارات والسيارات من خلال منح المزيد من التسهيلات الائتمانية وإعادة النظر في الإجراءات التي نفذتها من قبل وأدت إلى تراجع حجم الائتمان، وأشار إلى ان البنوك توسعت في الائتمان بشروط أهمها الجدارة المالية لكل عميل وموقفه الائتماني.
ويؤكد المصدر أن الاقتصاد القطري يتسم بالاستقرار والثبات النسبي مؤكدا عدم وجود حالات إفلاس أو تعثر في الديون بين الشركات على مستوى القطاعات المختلفة كما أن أغلب المقيمين يعملون في الجهاز الحكومي وبالتالي فإن الرواتب مضمونة طالما أن الفرد مستمر في عمله هذا بالإضافة إلى استمرار معدل تنفيذ المشاريع الحكومية كما هو مخطط لها، مؤكدا أن هذه كلها عوامل تدعم عمل البنوك ودورها في الاقتصاد الوطني.
ويؤكد المصدر أن مصرف قطر المركزي يبذل جهود كبيرة للمحافظة على نوع من التوازن بين احتياجات التنمية الاقتصادية للدولة في هذه المرحلة وبين متطلبات الاستقرار في النظام المالي، مشيرا إلى أن هذه الإجراءات تهدف إلى حماية حقوق المودعين وتعزيز الاستقرار في الجهاز المصرفي ككل بالدرجة الأولى؛ هذا بالإضافة إلى دورها في مكافحة الضغوط التضخمية وتهيئة المناخ المناسب للاستقرار المالي واستقرار الاقتصاد الكلي.
وأوضح أن البنوك التجارية ملزمة بتشكيل لجان لتقييم حسابات العملاء الائتمانية وتصنيفها مرة واحدة كل سنة وفقا للمعايير الدولية الموضوعة في هذا الخصوص.
أسباب
ومن جانبه أرجع الخبير المصرفي عبدالرحمن المير أسباب ارتفاع القروض العقارية خلال الشهور الثمانية الماضية إلى عدم رضا بعض المستثمرين عن مستوى العائد على الودائع بالبنوك المحلية مما أدى إلى توجههم للفرص الاستثمارية البديلة وأبرزها الاستثمار العقاري، مشيرا إلى أن هناك اعتقادا لدى نسبة كبيرة من عملاء البنوك أن أسعار العقارات حالياً منخفضة ومشجعة للاستثمار وبالتالي هذه فرصة يمكن انتهازها.
وأكد أن تراجع حجم الشخصية بنحو 5 مليارات ريال خلال الأشهر الثمانية الماضية يعتبر طبيعيا في ظل الأوضاع الحالية بالسوق المحلية والأجنبية خصوصا مع التشدد الذي أبدته البنوك في العامين الماضيين طبقا لتعليمات وضوابط مصرف قطر المركزي وتماشيا مع الأوضاع المالية للعملاء التي تأثرت بالأزمة المالية التي يمر بها العالم حاليا.
ويضيف المير أن تحول الأفراد إلى القروض العقارية يؤكد الانخفاض الواضح في أسعار العقارات خلال العامين الماضيين ورغبة عدد كبير من الأفراد سواء من المواطنين أو المقيمين في تملك العقارات في الوقت الحالي باعتبارها فرصا استثمارية بديلة عن انخفاض العائد على الودائع البنكية التي تراجعت إلى أدنى مستوى لها.
وأشار المير إلى أن المحفظة العقارية للبنوك شهدت زيادة كبيرة خلال الفترة الماضية ومن المنتظر ارتفاعها خلال العام الحالي نتيجة استمرار الطلب على العقار حيث إن هناك توقعات بارتفاع الأسعار خلال الفترة القادمة وبالتالي الاستفادة من هذه الزيادة المتوقعة.
ويؤكد المير أن المشاريع الحكومية مازالت هي المحفز الرئيسي للتنمية لذلك اتجه القطاع العام إلى الحصول على احتياجاته الائتمانية من البنوك المحلية لتمويل مشاريع البنية التحتية ومشاريع التنمية التي تنفذها الدولة.
القروض الاستهلاكية
وقال المير إن القروض الاستهلاكية التي كانت تمنحها البنوك للأفراد أصبحت عليها قيود كبيرة خاصة أن رفع نسبة الحد الأدنى للراتب أجبرت البنوك والأفراد على الحد من التوسع في القروض الشخصية، مشيرا إلى زيادة الوعي لدى شريحة كبيرة من المواطنين بتقليل الاعتماد على القروض في الإنفاق على الاحتياجات الاستهلاكية.
دور حيوي
أكد عبد الله الأسدي المدير التنفيذي لإدارة علاقات العملاء والخدمات المصرفية الخاصة في بنك الدوحة أن البنوك العاملة في قطر لا تزال تقوم بدورها الحيوي في المساهمة بدفع التنمية الاقتصادية في الدولة من خلال الخدمات والمنتجات التي تطرحها في السوق المصرفية.
وأضاف خلال الفترة الماضية وضع مصرف قطر المركزي عددا من الضوابط أدت إلى تراجع حجم القروض الشخصية بعد أن تم تحديد الحد الأقصى لقيمة الأقساط الشهرية بنسبة 50 % من الراتب وعدم السماح للبنوك بتجاوز هذه النسبة وبالتالي تم استبعاد الشريحة التي تزيد قيمة أقساطها على 50 % من منح قروض جديدة مع إلزام البنوك بتعديل أوضاعها خلال عامين وفقا لهذه الشروط هذا بالإضافة إلى شروط نقل الراتب من بنك إلى بنك إلا بعد التأكد من عدم وجود مديونية على العميل.
ويضيف الأسدي أن البنوك رغم تراجعها عن القروض الشخصية فإنها قدمت منتجات شخصية أخرى تدخل ضمنيا مع القروض الشخصية مثل البطاقات الائتمانية بجانب العروض الترويجية لتمويل شراء السيارات.
وقال إن التوسع في التسهيلات الائتمانية لقطاع العقارات خلال الفترة الماضية يأتي مناسبا مع التراجع في حجم القروض الشخصية لأن البنوك هدفها تنويع وتوسيع أعمالها في كافة القطاعات، وحول ما إذا كانت زيادة التسهيلات الممنوحة للقطاع العام قد جاءت على حساب القطاع الخاص أكد الأسدي أن الاقتصاد القطري يتسم بالحيوية والمرونة بفضل قوته وتحقيقه لمعدلات نمو هي الأعلى في المنطقة إضافة إلى أن الإجراءات الحكومية التي اتخذتها الدولة خلال الفترة الماضية دفعت المشاريع الحكومية الضخمة نحو الاستمرار رغم تداعيات الأزمة المالية التي أثرت بالسلب على العديد من الاقتصاديات العالمية والعالمية.
وقال المدير التنفيذي لإدارة علاقات العملاء في بنك الدوحة وفقا لهذه المعطيات فإن القطاع العام المحلي اتجه إلى البنوك لتمويل مشاريع التنمية بدلاً من الاعتماد على البنوك الأجنبية خاصة مشاريع البنية التحتية، مؤكدا أن الفترة القادمة ستشهد توسعاً في تمويل البنوك للمشاريع الكبرى مع التوسع في الميزانية العامة للدولة وزيادة مشاريع التنمية.
المصدر: الدوحة