عيسى المسكري يتحدث عن قدرة الفرد على فتح الأبواب الموصدة بعزيمته وقوته
يعترض الإنسان خلال حياته الكثير من العقبات والصعوبات، وتمنحه أيضاً الحياة الكثير من النجاحات والتفوق، فهي لا تمنح كل ما يرضي ولا تمنع كل ما يضني، ولكن يبقى الفرق بين أبواب الحياة الموصدة في وجه بعض الناس وبين تلك المفتوحة في وجه آخرين هو الإقدام والعزيمة والإصرار، ويقال: «من أصر على باب دخله ولو من حديد». فالأبواب بكل معانيها لن تفتح في وجه الناس إلا بالعزيمة والإرادة والإصرار القوي، وهذا ما يرمي له عيسى المسكري، الخبير في خدمة العملاء والتنمية البشرية، من وراء هذه السطور، حيث يقول:
كان أحد السجناء في عصر لويس الرابع عشر محكوماً عليه بالإعدام، ولم يبق على موعد إعدامه سوى ليلة واحدة، وفوجئ بباب الزنزانة يفتح، ولويس يدخل عليه مع حرسه ليقول له: أعطيك فرصة إن نجحت في استغلالها فبإمكانك أن تنجو!
هناك مخرج موجود في جناحك من دون حراسة، إن تمكنت من العثور عليه يسعك الخروج، وإن لم تتمكن فإن الحراس سيأتون غداً مع شروق الشمس لأخذك لحكم الإعدام، غادر الحراس الزنزانة مع الإمبراطور بعد أن فكوا سلاسله، وبدأت المحاولات، وبدأ يفتش في الجناح الذي سجن فيه والذي يحتوى على عده غرف وزوايا، ولاح له الأمل عندما اكتشف غطاء فتحة مغطاة بسجادة بالية على الأرض، وما إن فتحها حتى وجدها تؤدى إلى سلم ينزل إلى سرداب سفلي، ويليه درج آخر، يصعد مره أخرى، وظل يصعد إلى أن بدأ يحس بتسلل نسيم الهواء الخارجي، مما بث في نفسه الأمل إلى أن وجد نفسه في النهاية في برج القلعة الشاهق، والأرض لا يكاد يراها، عاد أدراجه حزيناً منهكاً، ولكنه واثق أن الإمبراطور لا يخدعه، وبينما هو ملقى على الأرض مهموماً ومنهكاً، ضرب بقدمه الحائط، وإذا به يحس بالحجر الذي يضع عليه قدمه يتزحزح، فقفز وبدأ يختبر الحجر، فوجد بالإمكان تحريكه، وما إن أزاحه وإذا به يجد سرداباً ضيقاً لا يكاد يتسع للزحف، فبدأ يزحف، وكلما استمر يزحف بدأ يسمع صوت خرير مياه، وأحس بالأمل لعلمه إنَّ القلعة تطل على نهر، لكنه في النهاية وجد نافذة مغلقة بالحديد أمكنه أن يرى النهر من خلالها. عاد يختبر كل حجر وبقعة في السجن ربما يجد مفتاحاً، لكن كل محاولاته ضاعت سدى، والليل يمضي، واستمر يحاول.. ويفتش.. وفي كل مرة يكتشف أملاً جديداً.. فمرة ينتهي إلى نافذة حديدية، ومرة إلى سرداب طويل ذي تعرجات لا نهاية لها ليجد السرداب أعاده للزنزانة نفسها، وهكذا ظل طوال الليل يلهث في محاولات وبوادر أمل تلوح له مرة من هنا، ومرة من هناك، وكلها توحي له بالأمل في أول الأمر لكنها في النهاية تبوء بالفشل، وأخيراً انقضت ليلة السجين كلها، ولاحت له الشمس من خلال النافذة، ووجد وجه الإمبراطور يطل عليه من الباب، ويقول له: أراك ما زلت هنا، قال السجين: كنت أتوقع أنك صادق معي أيها الإمبراطور.. قال له الإمبراطور: لقد كنت صادقاً. سأله السجين: لم أترك بقعه في الجناح لم أحاول فيها، فأين المخرج الذي قلت لي؟ قال له الإمبراطور، لقد كان باب الزنزانة مفتوحاً وغير مغلق!!
لكل باب في الحياة مفتاح، ولكل مفتاح شكله المميز يختلف عن بقية المفاتيح، تساهم بعض المعايير التي وضعت في المفتاح في سرعة فتح الأبواب، فالمفتاح الصحيح بداية الوصول، والغاية من أي مفتاح الوصول إلى الهدف من الباب الذي يوصلك إلى المراد، فالأبواب لم تُقفل إلا بالمفاتيح، ولن تُفتح إلا بالمفاتيح، تُقفل لهدف، وتُفتح لهدف، فعندما تكون الأبواب مفتوحة تكون البيوت عرضة للسرقة والنهب، فتفتح في بعض الأوقات على حسب الحاجة، وتغلق أكثر الأوقات لأهداف وغايات، منها حفظ الأعراض والأموال والأنفس. ففي المثل المنغولي:»بعد إقفال الباب يصبح كل إنسان إمبراطوراً في مملكته».
مفتاح هدفك أمامك
أهمية المفاتيح ليست في كثرتها، فمفتاح واحد أفضل من ملايين المفاتيح إذا تَصَدّر في فتح الباب، وهناك بعض المفاتيح تقدر بالملايين فتحفظ وتوضع في أماكن آمنة وصناديق مقفلة لأهميتها ودورها في حفظ الأشياء الثمينة، قال تعالى: وَآتَيْنَاهُ مِنْ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّة.ِ القصص 76
قال ابن عباس (رضي الله عنهما): إن مفاتيح خزائنه كان حملها أربعون رجلاً من الأقوياء.
ولكن ما أكثر المفاتيح التي ترمى في سلة المهملات، لأنها فقدت دورها ووظيفتها، وما أكثر المفاتيح التي توضع في الخزانات بلا هدف ولا غاية، وإذا أردت أن تتأكد من ذلك فسوف تجد المفتاح الصحيح غالباً ما يختفي من بين المفاتيح القديمة أو المفاتيح التي أكل عليها الدهر، يقول جيمس وايتكومب:»المفتاح الأخير في حلقة المفاتيح هو في الغالب الذي يفتح الباب».
قانون التحدي:
في حياتنا قوانين ويتصدر قانون التحدي بعبارة رائعة: مهما كانت الأبواب مقفلة، فهناك من يتفنن في فتحها.
قانون الإصرار:
قد يكون لديك في بعض الأوقات مجموعة من المفاتيح لفتح بابٍ مقفل، فتحاول فتحه بالتجربة والإصرار وتكرار المحاولة تِلْو المحاولة، فإذا لم تجد المفتاح الصحيح، بدأت تفكر في حلول أخرى تمكنك من فتح الباب، إنه مشهد متكرر، ولكن لماذا لا نطبقه في واقع حياتنا، فأبواب النجاح كما نعلم لا تفتح إلا بعزيمة ومحاولة وإصرار.
ولا تتحسر أبداً من باب مقفل، فهناك أكثر من باب قد يوصلك إلى الهدف، ولا تكن كالذي تحسّر بألم بعد ما شعر بعجزٍ من عدم قدرته في فتح الباب، بل كن كغيره، مسح دموع العجز، وبدأ بعزيمة متجددة باحثاً عن المفاتيح الصحيحة، وما أكثرها لمن بحث عنها، فالبحث عن مفتاح يفتح الباب، أو التفكر في كيفية فتح الباب أفضل ألف مرة من دموع اليائسين، وبكاء العاجزين.
قانون الإنجاز:
لو جلست مكانك تتمنى فتح الباب، فسيبقى الباب مقفلاً إلى الأبد، إلا إذا قمت من مكانك، وأمسكت بمقبض الباب، وحركته إلى الأسفل، ثم سحبته في اتجاهك، ولا تنسى أن هناك قانوناً لـ»فتح الباب» وهو اختيار المفتاح الصحيح، واستعماله بطريقة صحيحة، أي تحريك المفتاح بعد ما أدخلته في ثقب الباب باتجاه عقارب الساعة، وتأكد أن المفتاح الصحيح لا يفتح الباب إلا بالمبادرة والإقدام، وأعلم بأن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة، ولكن هناك من يعيش سنوات متوالية في سجن الهموم والأحزان وبين يده مفاتيح صحيحة لثلاثة أبواب مقفلة، اعتقد بأن المفاتيح كلها لا تفتح الأبواب.
قال الشاعر:
إذا ما أتيت الأمر من غير بابه
ظللت وإن تقصد الباب تهتدِ
فكم من يحاول أن يصل إلى الباب الصحيح ولكن لا يتوقف في ذلك وما أجمل أن ندرك حقيقة قد نغفل عنها، «إذا أغلقت على وجهك الأبواب، فتح الله لمن قصد بابه ألف باب».
كن مفتاح خير وليس مفتاح شر
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر، وإن من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير. فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه». رواه ابن ماجة وحسنه الألباني رحمه الله في صحيح سنن ابن ماجه، وقد جاء في كتاب «فيض القدير»: فالخير مرضاة الله والشر سخطه، فإذا رضي الله عن عبد فعلامة رضاه أن يجعله مفتاحاً للخير، فإن رئي ذكر الخير برؤيته، وإن حضر حضر الخير معه، وإن نطق ينطق بخير، وعليه من الله سمات ظاهرة، لأنه يتقلب في الخير بعمل الخير، وينطق بخير، ويفكر في خير، ويضمر خيراً، فهو مفتاح الخير حسبما حضر، وسبب الخير لكل من صحبه، والآخر يتقلب في شر، ويعمل شراً، وينطق بشر، ويفكر في شر، ويضمر شراً، فهو مفتاح الشر، فصحبة الأول دواء، والثاني داء.
قال ولين آرثورد: إن أبواب الفرص تفتح أمام المتفائل، وبوابات الإنجازات تتسع لذلك الشخص الذي يرى في الأشياء التافهة إمكانات غير محدودة.
المصدر: الاتحاد