أكّد محللو بنك كريديت سويس امس أن تقدم بنوك أبوظبي فرصاً استثمارية جذابة نظرا لتمتعها بمستويات مرتفعة من السيولة ورسملة قوية. توقّع محللو البنك أن تحقق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا معدلات نمو مستدام عالية على المديين المتوسط والبعيد، وذلك نظراً للمزايا الهيكلية والإمكانات القوية التي تتمتع بها هذه المنطقة، لاسيما في بلدان مجلس التعاون الخليجي التي يتوقع أن تشهد انتعاشا قويا في نمو ناتجها المحلي الإجمالي خلال العام الجاري. وأكدوا أن دولة قطر أصبحت سوقاً مفضلةً نتيجة نموّها الاقتصادي المرتفع، فيما تظهر مصر إمكانات اقتصادية قوية وانخفاضاً في الديون، لكنها كانت تعاني في الوقت نفسه نتيجة لتباطؤ الاستثمار الأجنبي المباشر والتقييمات القوية. وفي سياق الحديث الذي وجّهه إلى المشاركين في ندوة كريديت سويس البحثية أمس، قال كامران بوت، مدير أبحاث الأسهم ورئيس قسم أسهم الشرق الأوسط في كريديت سويس: “من وجهة نظرنا، ستكون أسعار النفط المستقرة وتحسّن الثقة بقطاع الأعمال من أهم العوامل التي ستساعد على تحقيق انتعاشٍ قوي في نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الجاري. وأضاف “مع تحسّن الأوضاع الاقتصادية في جميع أسواق المنطقة، لن تحقق دول المنطقة معدّلات متساوية من نمو الناتج المحلي الإجمالي، حيث ستحتلّ دولة قطر المرتبة الأولى في عام 2010”. وفيما يتعلق بالأسواق الإقليمية، قال محمد هوا، رئيس الأسهم الاستراتيجية والبحوث المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: “رغم حالة الركود التي نشهدها في العام الجاري حتى الآن، فقد استطاعت أسواق الأسهم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن تحقق أداءً أفضل من نظيراتها في منطقة GEM وEMEA، التي كانت تتخوف من انتقال الوضع الاقتصادي الراهن في اليونان والمجر إليها، ومن إمكانية حدوث تباطؤ اقتصادي في الصين”. وأضاف هوا: “بصورة عامة، تفوقت بنوك الشرق الأوسط في أدائها على نظرائها على المستوى العالمي منذ بداية العام، حيث حققت البنوك السعودية نمواً في عائداتها بنسبة 9.5%، ويعد هذا أفضل بكثير من التراجع الذي شهدته بنوك الأسواق الناشئة بنسبة 2% بحسب مؤشر (MSCI)”. وبهدف تقديم لمحة اقتصادية عامة حول المنطقة، توقع بوت أن تسجل قطر، وللعام الثاني على التوالي، أعلى معدلات النمو في الناتج المحلي الإجمالي بين دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2010، وتقدر نسبة النمو هذه بـ18.5% على أساس سنوي. وفي عام 2009، كانت قطر أسرع الاقتصادات نمواً، مع نمو الناتج المحلي الإجمالي بنحو 9.6% على أساس سنوي. حيث أضاف: “سيكون الدافع لهذا النمو هو زيادة إنتاج الغاز الطبيعي المسال وتوسيع القطاعات الاقتصادية الأخرى غير النفطية والغازية. وتماشياً مع توقعاتنا الاقتصادية الإيجابية لعام 2010، المدعومة بالارتفاع الكبير في أسعار الطاقة، فإننا نرجح أن تحقق الحسابات المالية والخارجية فائضاً”. وكان تأثير الأزمة المالية العالمية محدوداً في دولة قطر، بفضل اتخاذها سياسات اقتصادية كلية داعمة في الوقت المناسب وتدخلها في النظام المصرفي المحلي. وتتمثل المخاطر الرئيسية التي قد يواجهها الاقتصاد القطري على المدى المنظور في تأخّر العمليات الإنشائية بشكل غير متوقع، بالإضافة إلى إمكانية تعرض الطلب الخارجي لتراجع سلبي مفاجئ، أو انخفاض أسعار النفط والغاز والعقارات. وبالنسبة للتوقعات الاقتصادية الخاصة بالمملكة العربية السعودية، فقد توقع بوت أن تشهد المملكة نمواً كبيراً على المدى البعيد نتيجة لضخامة حجم السوق المحلية هناك. وتعتبر السعودية وجهةً استثماريةً جذابةً بفضل مميزاتها الديمغرافية ومدخراتها الكبيرة وحاجتها الملحة للإنفاق في قطاع البنية التحتية. ولا تعتمد وجهة نظر المحللين المتعلقة بالمملكة العربية السعودية على القطاع النفطي فحسب، بل على كيفية استخدام عائدات منتجات النفط والغاز في برامج إنفاق رأس المال الكفيلة بدفع المملكة إلى الأمام. وبصورة عامة، من المتوقع أن تستفيد حسابات الموازنة الحالية الخاصة بالدول المصدرة للنفط من تحسن أسعار النفط. وقد بدأ الطلب على النفط يشهد تعافياً في الأسواق الناشئة وفي الدول الصناعية التي يتوجب عليها دعم الأسعار على المدى البعيد. ومع ذلك، لا تزال عمليات خفض الديون وإزالة المخاطر تشكلان خطراً على الأسعار على المدى القريب. ووفقاً لبوت، فقد أتاحت المكانة الخارجية والمالية القوية التي حظيت بها دول مجلس التعاون الخليجي قبل الأزمة الاقتصادية العالمية بتنفيذ إجراءات للتعامل مع حالة التباطؤ الاقتصادي العالمي، لافتاً إلى أن جميع الدول الخليجية ضخت سيولة نقدية داعمة عندما تعرضت المنطقة لآثار الأزمة المالية العالمية، في الوقت الذي قامت فيه غالبية هذه الدول باتخاذ إجراءات تخفف من القيود النقدية، حيث عملت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت على ضمان الودائع. وأضاف بوت: “بقيت الهيكلية الاقتصادية في المنطقة سليمة إلى حدٍ كبير، في ظل ارتفاع مستويات إنفاق رأس المال لتعزيز التنوع الاقتصادي وتأمين وضع ديمغرافي جذاب”. وأضاف: “خلال الأزمة المالية، تأثر النموّ الحقيقي في المنطقة نتيجة للركود العالمي. وشهدت الصادرات من منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا ضعفاً وانخفاضاً ملحوظاً في الطلب العالمي عليها في عام 2009. وقد أسهمت الصادرات من دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية في أكثر من 40% من صادرات المنطقة ككل”. ولا تزال المخاطر في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا متمثلة في التضخم، ومن المرجح أن تشهد المنطقة ضغوطاً تصاعدية على حالة التضخم هذه، التي تعتبر تحت السيطرة حالياً.