ليس بعيداً الحل في ليبيا، إذا توفر حسن النية في العبور إلى هذا الحل سياسياً لا عسكرياً، وتُرك للشعب الليبي قرار المضي في طريق السلام، دون تدخل، أو ارتهان، أو تغليب مصلحة على أخرى.
في مؤتمر برلين، المشاركون تعهدوا بعدم التدخل في الشؤون الداخلية الليبية، واحترام القرار الأممي بحظر توريد الأسلحة، وتشكيل لجنة متابعة دولية، وطالبوا بنزع سلاح الميليشيات وفرض عقوبات على الجهة التي تخرق الهدنة، والعودة إلى العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، وعقد اجتماع بعد أسبوعين لمتابعة جهود إرساء السلام.
لكن هل تصمد الهدنة، وهناك من يصر على تحويلها رهينة لمصالحه. وإلا كيف يمكن تفسير كلام تركيا بـ«أنها أصبحت مفتاح السلام في ليبيا»، وأنها لا تسلم إلا بشرعية حكومة فايز السراج، ولا تعترف بالجيش الوطني بقيادة خليفة حفتر. وبأي منطق توافق تركيا على ما ورد في البيان بشأن عدم التدخل، بينما يؤكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أنها دفعت بـ2400 مجند سوري إلى طرابلس وتسعى لزيادة العدد إلى 6000 لدعم حكومة السراج.
خريطة برلين واضحة. والمطلوب ببساطة، آلية حازمة توقف التدخلات الخارجية، وهذا يعني بالتأكيد إنهاء التدخل العسكري التركي تحت أي مبرر، وإلغاء الاتفاق المشبوه بين أنقرة وحكومة السراج، وأي اتفاقات مشابهة، إلى حين التوصل إلى حل سياسي شامل يرضي جميع الأطراف ويحدد ملامح المستقبل دون أي تدخل سوى لخدمة ما يتفق عليه ممثلو الشعب الليبي. وإلا فإن التحذير الأميركي من «سوريا ثانية» في ليبيا، يبدو أكثر واقعية لاسيما وأن تركيا مسؤولة عن دمار «سوريا الأولى».
"الاتحاد"