الفستان الأسود يعتلي عرش الأزياء النسائية
تتغير الألوان حسب الفصول واتجاهات الموضة العالمية في كل موسم، فتظهر تدرجات جديدة، وتختفي أخرى قديمة، تبعاً لأهواء وأمزجة المصممين الكبار وما يرونه ملائماً في هذا المجال، ولكن يبقى اللون الأسود هو الملك المتربع على عرش الأناقة بشكل دائم، ليصنف ويعيش ضمن أهم كلاسيكيات الأزياء على مدى الأيام.
لعل وجود الفستان الأسود في خزانة كل امرأة عصرية، يعد من الضروريات الحتمية التي لابد منها، لأنه ببساطة قطعة مهمة لا يستغنى عنها، فهو المنقذ الذي يسعف المرأة ويلبي حاجتها عند الضرورة، كونه لا يخرج أبداً من خطوط الموضة العريضة، ويظل ثابتاً ومتألقاً ضمن نطاق الرقي والجمال.
ذات الرداء الأسود
تتلخص فرادة سحر اللون الأسود في كونه مناسباً دائماً، لكل الأوقات، المناسبات، والمواسم، فامتلاك فستان منه ومهما بلغت بساطته لناحية القصّة أو الموديل، يغني المرأة عن عشرات الألوان والقطع، ويوفر عليها الكثير من المال والوقت والجهد، فمن يستطيع أن ينسى اللوحة الرائعة للفنان الإيطالي الشـهير جيوفاني بولديني والتي رســم فيها السيدة ذات الرداء الأسود.
ووقتها شكلت طرازاً مغايراً وأســلوباً جديداً لملابس النســـاء، ثم جـــاءت بعده الفرنســية مدام كوكو شانيل مطلع عام 1926 لتصمم فستاناً أسود ســــاحراً، ذاع صيته وانتشــر بعد أن زيّن غلاف مجلة “فوج”، وقد كانت فكرتها تعــــتمد بالأساس على تقديم فســـــتان راق يتمـيز بالبســاطة والكلاسيكية، ليلائم كل المناســـبات والأعمار.
فستان الديمقراطيات
بعد الشهرة التي حظي بها فستان شانيل الأســود واسـتمرار نجاحه واستحواذه على ذوق الصفوة من نساء المجتمع، ونجمات السينما في هوليوود، تعددت أوصافه وتسمياته، فلقب في وسائل الإعلام آنذاك بالفستان الديمقراطي، لأنه أصبح المفضــل لدى السيدات اللواتي يطالبن بحركات التغيير والتحرر وينادين بحقوق المرأة، فارتدته بفخر أهم العضـوات في الأحزاب والحركات السياسـية والوطنية، وكل القوى الديمقراطـية في ـنهاية فترة العشـرينيات من القرن الماضي، فكن يوصــفن بالبســاطة والعملية والاختلاف بمجـرد ظهورهن بالفستان الأسود.
وسرعان ما انتقلت حمى الأسود، لتجتاح كل أوروبا وأميركا، فارتدته بالفعل أشهر النساء وأجملهن، أمثال النجمة دوريس داي، وآنا مانياني، ومادلين ديتريتش، وأودري هيبورن ورومي شنايدر، وبريجيت باردو، وصوفيا لورين وغيرهن الكثيرات، وإلى يومنا هذا، وكأنه يحمل تعويذة نادرة من السحر والغموض تضيف الجمال إلى كل من تتشح به.
سيد الألوان
يتفق مصممو الأزياء وخبراء الموضة، على أن سبب الأناقة الغامضة والمظهر الملوكي لإطلالة الفستان الأسود، يعود لكونه لوناً محايداً يتماشى مع كل النساء على اختلاف ألوان بشرتهن.
كما أنه يتميز بالمرونة والطواعية، حيث أنه يعتبر لوناً شديد الغنى والكرم، فهو يقبل ويستوعب كل ما يستجد عليه أو يضاف له، ويمكن تحديثه وتجديده بمجرد إضافة إكسسوار بسيط، كقلادة مذهبة، أو بروش كريستالي، أو حزام جلدي، أو إيشارب مطبَع، أو حتى وردة طبيعية لتزيينه، فيتحقق التغيير وبشكل جذري، وتبدو من ترتديه وكأنها بحلة جديدة وفستان جميل في كل مرة.
ومن ميزات الفستان الأسود وخصائصه المتعددة أيضا، أنه يناسب جميع الأمزجة والأفئدة، فإذا كنت واثقة من نفسك، ومقبلة على الحياة، وتنشدين الأناقة، ولفت الانتباه إلى شخصك فعليك به.
أما إذا كنت مكتئبة وبمزاج سيئ وتشعرين بالحزن، وتريدين ما يعبر عنك ويترجم عواطفك، فعليك أيضاً به، وتأكدي أنك بالفستان الأسود ستظهرين وفي كل حالاتك جذابة وآسرة، وفي منتهى الأناقة والرقي لأنك ببساطة متشحة بسيد الألوان.
المصدر: الشارقة