محمد حامد (دبي)

حينما التقى منتخبنا مع نظيره الألماني قبل 29 عاماً في مونديال إيطاليا 1990 تسابق الإعلام الألماني لتسليط الضوء على الإمارات، ولم يكن الهدف تعريف الألمان بالكرة الإماراتية فحسب، بل بكل ما يتعلق بالدولة التي يمثلها «الأبيض» سواء ما يتعلق بها تاريخياً، أو جغرافياً، وكذلك من النواحي الاقتصادية وغيرها، حينها أدرك الجميع أن تأهل منتخبنا للمونديال لم يكن الخطوة الأولى والأهم في صناعة تاريخ الإمارات الكروي فحسب، بل كان جسراً ناعماً للتقارب والتعارف بين الإمارات وألمانيا.
وحينما احتفل الألماني سيباستيان فيتل بالتتويج على قمة سباقات الفورمولا-1 من أرض أبوظبي في أكثر من مناسبة، وتحديداً في أعوام 2009 و2010 و2013، لم يكن السباق بين القنوات التلفزيونية الألمانية والصحافة حول المجد الرياضي التاريخي للسائق الألماني فحسب، بل كانت التقارير أقرب ما تكون إلى نقل كافة التفاصيل التي تتعلق بأبوظبي ودولة الإمارات، كما أن الحدث يجذب الآلاف من الجماهير الألمانية للقدوم إلى أبوظبي، ما يعني أن الأحداث الرياضية تظل جسراً ناعماً للتعارف ثم تعميق التقارب بين الشعوب، وهي أداة سحرية لا مثيل لها، باعتبارها على رأس أدوات القوة الناعمة للدول والشعوب. الرياضة كانت ولايزال واحدة من أكثر قنوات التعارف والتقارب بين الإمارات وألمانيا، خاصة أن العلاقات الرياضية تتنوع بين إقامة مباريات في كرة القدم، التي بلغ عددها 3 مواجهات بين منتخبنا الأول والمانشافت الألماني، وكذلك من خلال مشاركة نجوم وأساطير الرياضة الألمانية في البطولات التي تنظمها الإمارات، وفيما يتعلق بعمل بعض الوجوه التدريبية الألمانية في دورينا، وعلى رأسهم وينفريد شايفر، وكذلك إقامة معسكرات تدريبية لأنديتنا في ألمانيا قبل انطلاقة كل موسم، حيث تشير التجارب إلى أن ألمانيا هي المكان الأمثل لهذه المعسكرات.

العالمية عبر البوابة الألمانية
لم تكن مواجهة «الأبيض» مع نظيره الألماني في مونديال إيطاليا 1990 التي أقيمت في سان سيرو بميلانو 15 يونيو من العام المذكور مجرد مباراة دولية في رصيد الكرة الإماراتية، بل كانت هي الحدث الأهم في تاريخ «الأبيض» الكروي، فهي الظهور الأول على المسرح الكروي العالمي عبر بوابته المونديالية، حيث لم يكن قد سبق للأبيض المشاركة قبل ذلك في كأس العالم، وعلى الرغم من فوز المنتخب الألماني، إلا أن الظهور المونديالي الأول للكرة الإماراتية يظل مرتبطاً بمواجهة الألمان، وشهدت المباراة تسجيل أول هدف مونديالي للأبيض عن طريق خالد إسماعيل، وانتهت المباراة بفوز المانشافت 5 - 1.

فخر ألمانيا يتألق في أبوظبي
خلال سنوات إقامة سباق جائزة الاتحاد للطيران الكبرى للفورمولا - 1 جولة أبوظبي على حلبة مرسى بداية من عام 2009، وصولاً لنسخة العام الماضي 2018، كان الحضور الألماني على المستويات كافة، سواء جماهيرياً أو إعلامياً، وكذلك على مستوى الفوز باللقب لافتاً وقوياً، فقد تدفقت وسائل الإعلام الألمانية إلى أبوظبي، لمتابعة فريق مرسيدس الألماني، وكذلك السائق الشهير سيباستيان فيتل الذي صنع الجزء الأعظم من تاريخه على أرض أبوظبي، ومعه روزبيرج، فقد فازا بجولة أبوظبي 4 مرات، منها 3 مرات لفيتل الذي توج في المواسم ذاتها بلقب بطولة العالم، وتحديداً في 2009 و2010 و2013.
وهي ذكريات تحمل رياح السعادة من أبوظبي إلى ألمانيا التي يتعلق الملايين فيها بسباقات السيارات منذ فترات تألق الأسطورة شوماخر، وطوال فترات إقامة بطولة العالم لسباقات فورمولا - 1 تتصدر أبوظبي وحلبة مرسى ياس الساحرة واجهات الصحافة الألمانية، الأمر الذي يؤكد أن الرياضة تظل أداة التعارف والتقارب الأقوى بين الشعوب.

شايفر وسنوات الإثارة في دورينا
استعانت أنديتنا بأكثر من مدرب ألماني، فمن المعروف أن المدرسة التدريبية الألمانية تجمع بين الانضباط التكتيكي والقوة، وهي الجوانب التي يحتاج اللاعب الإماراتي إلى صقلها، وحقق وينفريد شايفر على وجه التحديد نجاحات كبيرة فقد استعان به الأهلي «شباب الأهلي دبي حالياً» ليقوده للفوز بالدوري موسم 2005 - 2006، وانتقل شايفر فيما بعد لنادي العين ليفوز معه بـ 3 بطولات في عام 2009 وهي كأس صاحب السمو رئيس الدولة، وكأس اتصالات «الخليج العربي حالياً»، وكذلك كأس السوبر بعد الفوز على الأهلي، وصاحب وجود شايفر في دورينا حالة من الإثارة المستمرة، فقد كان يملك القدرة على الإدلاء بالتصريحات التي تجذب الإعلام والجماهير، كما أنه يتمتع في الوقت ذاته بعقلية تكتيكية جيدة، والآن عاد شرايفر من جديد لدورينا ليقود طموحات بني ياس.

جرافيتي.. هدية الدوري الألماني
تألق النجم البرازيلي جرافيتي في دورينا بين عامي 2011 و2015، بعد قدومه من الدوري الألماني، فقد توج مع فولفسبورج بلقب الدوري الألماني، وانتزع كذلك لقب هداف البطولة، ومن ثم كانت صفقة انتقاله للأهلي «شباب الأهلي دبي» واحدة من أكثر الصفقات التي شغلت الصحافة الألمانية، وأثبت جرافيتي أنه أحد أفضل الصفقات في تاريخ دورينا والنادي الأهلي، فقد سجل ما 86 هدفاً في 113 مباراة، وقاد الأهلي للحصول على 5 بطولات أهمها لقب دوري الخليج العربي عام 2014، وتسببت المنافسة الملتهبة بينه وبين نجم العين في الوقت المشار إليه في رفع وتيرة المتعة والإثارة في دوري الخليج العربي على مدار سنوات عدة.

وجهتنا المثالية للمعسكرات التدريبية
وتستأثر ألمانيا على وجه التحديد بلقب الوجهة المثالية لإقامة المعسكرات التدريبية لأنديتنا سواء أندية دوري الخليج العربي، وكذلك أندية دوري الدرجة الأولى، وسبق لغالبية أنديتنا شد الرحال إلى مدن ألمانيا صيفاً لإقامة معسكرات الإعداد للموسم الجديد، وعلى رأس هذه الأندية الوصل ولظفرة ودبا الفجيرة، وغيرها من أنديتنا في مواسم سابقة، كما أن ألمانيا تظل المكان الأكثر جذباً لأنديتنا في فترات الأعداد للموسم المقبل، وهي المعسكرات التي سوف تقام خلال الصيف الحالي.
كما أنه قد تم الاستقرار على إقامة معسكر إعداد خارجي لقضاة ملاعبنا في ألمانيا بداية من 25 يوليو المقبل، استعداداً للموسم الكروي الجديد، ويشارك فيه ما يقرب 70 حكماً، من مختلف الدرجات، على أن يتم وجيه الدعوة إلى عدد من المحاضرين الدوليين المعتمدين من الاتحاد الدولي والآسيوي والأوروبي لكرة القدم لإلقاء محاضرات متخصصة عن قانون اللعبة ومستجداته، ويعود السبب في تفضيل الأندية وكذلك الحكام لإقامة معسكرات في ألمانيا؛ لأنها تملك بنية تحتية كروية قوية، وتتوافر لديها كافة مقومات إنجاح المعسكرات.

الخيول ترسم لوحة الأصالة والتراث
رسمت حوافر الخيول العربية لوحة فنية رائعة في مضامير ألمانيا بإقامة العديد من السباقات أبرزها سلسلة كأس صاحب السمو رئيس الدولة للخيول العربية الأصيلة، دعماً لرؤية ونهج المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لإعلاء الخيل العربي الأصيل، وترسيخ مكانته العريقة وأصالته في كافة المضامير العربية والعالمية، بالتزامن مع عام التسامح، وتستضيف ألمانيا مطلع سبتمبر الجولة التاسعة من سلسلة سباقات كأس رئيس الإمارات للخيول العربية الأصيلة في النسخة الـ26. واستضافت مدينة فرانكفورت كأس راشد بن حمدان آل مكتوم على شرف الصداقة والشراكة بين مدينتي دبي وفرانكفورت التي انطلقت عام 2004، وتجمع الشعبين الإماراتي والألماني القيم المشتركة المتمثلة في حب الفروسية والانفتاح على الشعوب الأخرى، والاهتمام بالعادات والتقاليد الأمر الذي عزز كثيراً أواصر الصداقة بينهما في مختلف المجالات. وشهد مضمار كولون سباقات جائزة حمدان بن راشد آل مكتوم للخيول العربية الأصيلة الذي يستضيف أكبر تجمع للسباقات العربية في يوم واحد، حيث تم تنظيم ثلاثة سباقات رئيسية للخيول العربية الأصيلة.
وتضم السباقات جائزة آل مكتوم الأوروبية، كأس شادويل، وكأس جمعية الإمارات لمربي الخيول العربية، ومن خلال تنظيم خمسة سباقات للخيول العربية خلال أسبوع واحد، فإن سباقات الجائزة بالساحة الألمانية تكون قد قطعت شوطاً بعيداً في استكمال برامجها المطروحة التي تشمل الجولات الثلاث من بطولة التحدي الثلاثي على كأس سموه فضلاً عن سباقات متفرقة للخيول الوطنية في كل من مانهايم، مولهايم، هاسلوخ، ودوسلدورف.
واستضافت برلين المؤتمر العالمي الثالث 2012 لسباقات الخيول العربية الأصيلة برعاية مهرجان سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان العالمي للخيول العربية الأصيلة، وجرى إلى جانب المؤتمر العالمي سباقان هما سباق المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وسباق بطولة العالم لسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك للسيدات. وناقشت جلسات المؤتمر مستقبل سباقات الخيول العربية في العالم والاعتناء بالخيول العربية وتغذيتها، وتوليد الخيول العربية، وتقديم أفضل الخدمات البيطرية لها في العالم، ويهدف المؤتمر إلى دعم مربي الخيول العربية في مختلف دول العالم، ودعوة المزيد من محبي الخيول على تربية خيول السلالات العربية ومساعدتهم على الوصول لأفضل خدمات التربية والتغذية والتدريب. وتنظم الإمارات عبر مهرجان منصور بن زايد العالمي للخيول، المؤتمر كل عام في دولة أوروبية للوصول إلى مربي وملاك الخيول العربية وتحفيزهم على مواصلة تربية هذه السلالة والاعتناء بها، ويرعى المهرجان هذا الموسم سباقان لكأس مزرعة الوثبة ستاليونز في كل من كولون وهامبورج، والتي تدعم صغار المربين.

الهجن تركض في ألمانيا
أولى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كل الدعم للرياضات التراثية، ومنها سباقات الهجن العربية الأصيلة والسباقات البحرية التراثية والفروسية، كما بدأت هذه الرياضة تحظى باهتمام كبير في عدد من الدول الأوروبية، حيث تم تنظيم ثلاثة سباقات ناجحة خلال عامي 1998 و 1999 في كل من ألمانيا وأستراليا برعاية اتحاد سباقات الهجن.