الفيفي يقرأ علاقة القصة القصيرة جداً بقصيدة النثر العربية
نظم بيت الشعر في مركز زايد للبحوث والدراسات التابع لنادي تراث الإمارات أمس الأول في مقره بأبوظبي محاضرة نقدية للباحث السعودي الدكتور عبدالله بن أحمد الفيفي تحت عنوان “القصة القصيرة جداً وقصيدة النثر القصيرة جداً.. مقاربة في التباس الجنس الأدبي”، وحضر الأمسية عدد من الباحثين والأدباء والمهتمين بقصيدة النثر.
وفي تقديمه للمحاضر، قال الباحث الدكتور راشد المزروعي عضو الهيئة الإدارية لبيت الشعر في أبوظبي “يعتبر الدكتور الفيفي الأستاذ بجامعة الملك سعود في السعودية وعضو مجلس الشورى السعودي أحد أعلام الأدب والشعر والنقد في السعودية عبر مساهماته الفاعلة في ميدان البحث الأدبي الجاد”.
وتحدث الفيفي عن مفهوم الشعرية، حيث اعتبره نظرياً مفهوماً لا يتعلق بالشعر فقط، بل يتعلق بما يتوافر عليه أي نص سواء أكان شعراً أو غير شعر من خصائص جمالية ترقى به إلى الإبداع، ولهذا نطلق اصطلاحاً فنقول “شعرية الرواية” و”شعرية القصة” و”شعرية اللوحة”.
ووقف الباحث على شكل جديد تلفت إليه نصوص من قصيدة النثر، يتمثل في أبنية إيقاعية، لكنها غير منضبطة على التفعيلة، ولا تخلو أيضاً من الاحتفاء بالتقفية، ومن ثم فهي لون جديد يقع بين بين، أي بين قصيدة النثر وقصيدة التفعيلة، وأطلق عليه مصطلح “النثريلة” أي النثر تفعيلة.
وتناول الفيفي بعض من كتبوا القصيدة بذلك الشكل المزدوج، في السعودية خاصة، وأكد أن بعض التجارب النصوصية لا تقف عند حد استخدام التفعيلة كيفما اتفق، بل إنها لتبتكر تشكيلات منتظمة، وكأنها تصطنع بحوراً وزنية، كثيراً ما يردفها ترجيع القوافي.
وأشار الفيفي إلى أن دراسته تقف على نماذج من “القصة القصيرة جداً”، تبدو أحياناً قصائد نثر وإن سميت قصصاً قصيرة جداً، والتزاوج بين هذين النوعين هو من الدقة، بحيث يتبدى الفارق بينهما شفافاً جداً، حتى لا يكاد يميز القصة القصيرة جداً سوى التزامها حكائية ما، في حين لا يلزم ذلك قصيدة النثر بالضرورة، وحلل الباحث بعضاً من نماذج القصة القصيرة جداً للقاصة السعودية هيام مفلح التي يتضح بها توالج نصوص من القصة القصيرة جداً مع قصيدة النثر، إلى درجة التماهي .. بل إن بعض تلك النصوص لتبدو - بما تتوافر عليه من خصائص شعرية - أشعر من كثير مما يسمى بقصيدة نثر بحسب الفيفي.
وقال الفيفي “ولما كان الجو الشعري حاضراً في القصة القصيرة جداً، فإن الإيقاع يحضر أحياناً على غرار ما يحدث في بعض نماذج قصيدة النثر، من حيث إن الشعر يستدعي بنية إيقاعية ما، تستتبع صنعة الشعر البلاغية، من كثافة تقديم وتأخير وتشبيه واستعارة ونحوها متمخضة الانحرافات الأسلوبية تلك عن إيقاعات صوتية وأخرى دلالية”.
وأضاف” فكما انزاح بعض الشعر صوب النثر عبر نافذة قصيدة النثر، فإن النثر قد ينزاح صوب الشعر عبر القصة القصيرة جداً، إذ يبدو أنه على غرار تشبث قصيدة النثر بالشعرية يأتي تشبث بعض أنماط من القصة بالقصصية، فيما القصصية في بعضها واهية، أو حتى مفقودة، وهذان الشكلان شكلان خارجان على القانون في جنسي الشعر والقصة، وجمالهما يكمن في خروجهما، فلا غرابة أن يقع فيهما - وبينهما - ما يقع من تداخل”.
وخلص الفيفي إلى أن دراسته تخوض في عملية استكشافية في ثنايا نماذج من النصوص الحديثة، ملتبسة البنى، مضطربة الهوية، من أجل إعادة النظر في بعض التصنيفات الأجناسية، التي لا تقوم في كثير من الأحيان على سبر الخصائص الفنية لما ينضوي تحتها.
المصدر: أبوظبي