السوق الكبير تحفة معمارية تراثية سجلت ماضي دبي التجاري
نقف على أعتاب السوق الكبير المترامي الأطراف المزدحم بالمارة والمتسوقين تأخذنا أقدامنا رغبة وشوقا للولوج إلى الماضي والسير بين ثناياه لنطل على ماضي دبي التجاري. ونتذوق جماليات الأسواق القديمة التي تعد تحفة ما زالت تنبض بالحركة والتعاملات التجارية، فكل سوق له من الأهمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ما يجعله مقصدا للناس من مناطق بعيدة وهذا التواصل والحركة إنما أثرى المكان ولفت أنظار التجار والمتسوقين لها فكانت بمثابة قبلة السياح لهذه الأرض، لو تتبعنا أهمية السوق الكبير المشيد عام1850 المستلقي على خور دبي فهو يعد الشريان الذي يغذي المدينة في تلك الحقبة الزمنية، فكانت نقطة جذب للتجار القادمين من المناطق الأخرى من الدولة، ومحطة هامة للمقايضة وتبادل البضائع وبيعها بين التجار، في ساحة تسمي العرصة. وأنت تسير بين جنبات هذا السوق يطالعك الملاقف الهوائية التي شيدت على أسطح هذه الأسواق لتكون كتحفة تراثية تحاكي الماضي بحلتها القديمة ولكنها تضم في طياتها مفرداتها من البضائع المتنوعة بين القديم والحديث، أهمها سوق الذهب وسوق التوابل والبهارات، سوق التمر، سوق العطاريين والأعشاب الطبية، وسوق الحبال والدعون، سوق المعدن ويباع فيه الأدوات المنزلية المصنوعة من المعدن والنحاس، وسوق المطارح جمع مطرح وهو الفراش الذي يتخذ للنوم والمتكآت والمخدات القطنية وسوق السمك والخضروات، وسوق البشوت المتخصصة في الملابس والعباءة الرجالية.
والمحلات في الأسواق القديمة متراصة متلاحمة في صفوف متتالية متسلسلة في خط بصري. و تشكل الأبواب الكبيرة المصنوعة من خشب الصاج جانبا من شخصية المكان، وأغلب الدكاكين ذات طابق واحد فيما عدا بعض الدكاكين التي لها طابقا علويا، ويمر الطريق عبر سوق مغطى باستخدام الكمرات الخشبية والدعون (سعف النخيل المشدودة بالحبال) مما يضفي لمسات جمالية على المكان والتي توقع بظلالها عليه. وقد وزعت في الممر الذي يخترق السوق مجموعة من المقاعد الخشبية كي يجلس الزوار بين أطراف المكان، ويستمتعوا بموجات الهواء العليل المنحدرة من فتحات البار جيل.
المصدر: دبي