شارك 16 شخصاً راشداً يعانون جميعهم من زيادة الوزن في تجربة تهدف إلى معرفة مدى وجود علاقة بين حبوب البن الخضراء (قبل التحميص) والوزن، فقدموا لهم جرعات متفاوتة من منتجات مستخلصة من البن، وكانت النتيجة أن تمكنوا من إنقاص زُهاء 8 كيلوجرامات خلال 22 أسبوعاً، أي 16% من نسبة الدهون في أجسامهم. وهي نتيجة أذهلت الباحثين قبل أن تُدهش المشاركين أنفسهم، لكن مراقبين علميين أثاروا تساؤلات جدية حول النتائج التناسبية الأخرى التي قد يتسبب فيها استهلاك البن «الأخضر» مر المذاق غير التخسيس، والآثار الجانبية المحتملة لمستخلَصاته على وظيفة امتصاص المغذيات وعملية الهضم والأيض. عند تحميص حبوب البن في درجة حرارة تبلغ 475، تُصبح هذه الحبوب في تمام نضجها، سواءً من حيث اكتمال جاهزيتها للتحول إلى كوب قهوة شهي، أو من حيث نكهتها القوية ورائحتها العطرة النفاثة. لكن تناوُل القهوة وتسييلها بعد تحميصها قد لا يكون الحل الأنسب للجميع، فقد أوصت دراسة حديثة بأن يتناول من يرغبون في إنقاص أوزانهم حبوب البن دون تحميصها. وقُدمت نتائج هذه الدراسة في الاجتماع الربيعي الأخير للجمعية الكيميائية الأميركية في مدينة سان دييجو بكاليفورنيا. وطُلب في هذه الدراسة من 16 راشداً يعانون من زيادة الوزن أن يتناولوا بالتناوُب جرعات قليلة من مستخلص حبوب القهوة الخضراء، وجرعات عالية من مكمل البن غير المحمص، ثم غُفلاً لا يحتوي على أية عناصر غذائية (placebo). وبالرغم من أن هذه الدراسة تمت على نطاق ضيق من حيث عدد المشاركين فيها، فإن نتائجها كانت صادمةً للباحثين. إذ تمكن المشاركون من إنقاص قرابة 8 كيلوجرامات خلال 22 أسبوعاً، واستطاع كل واحد منهم تخفيض وزن جسمه الإجمالي بنسبة 10,5%. المُستخلص المُر لو كان مستخلَص القهوة الخضراء دواءً يحتاج إلى اعتماد من قبل هيئة الغذاء والدواء الأميركية، فلا ريب أن هذه النتائج ستُقوي حظوظه كمرشح للحصول على هذا الاعتماد. فأكثر من 35% من المشاركين تمكنوا من إنقاص أكثر من 5% من أوزان أجسامهم، والمشاركون الذين تناولوا أقراص المكملات استطاعوا تخسيس كيلوجرامات أكثر من تلك التي فقدها الأشخاص الذين تناولوا الغُفل. ولا يحتاج مُستخلَص القهوة الخضراء باعتباره مكملاً غذائياً إلى مباركة هيئة الغذاء والدواء الأميركية. فهو متوافر مسبقاً في عدد من الصيدليات والمحال، ويُستخدم كدواء طبيعي ومضاد للأكسدة. ويقول العالم الكيميائي جوو فينسون من جامعة سكرانتون والمشرف على هذه الدراسة، «نتوقع أن تُعَبد نتائج هذه الدراسة الطريق لبحوث لاحقة أوسع نطاقاً وأكثر تفصيلاً حول آثار مستخلص البن على الصحة. ونحن نُخطط في الوقت الراهن لإنجاز دراسة تشمل 60 مشاركاً». وكان فينسون يروم في بحثه إلى معرفة آثار مركبات «البوليفينول» النباتية على صحة الإنسان. وقد بدا له في هذه الدراسة أن مستخلص حبوب البُن الخضراء يمكن أن يلعب دوراً في تقليل امتصاص الدهون والجليكوز في الأمعاء، وأنه قد يُقلل أيضاً مستويات الإنسولين، ويؤدي من ثم إلى تحسين أداء عملية الأيض. كما تبين له أن تناوُل مستخلص حبوب البن الخضراء في أشكال مختلفة لم يُخلف آثاراً سلبيةً على أي من المشاركين. رهان طموح استخدمت هذه الدراسة التصميم التقاطعي للسماح لكل مشارك لخدمة مجموعة المقارنة التي ينتمي إليها. وعلى امتداد ستة أسابيع، واظب المتطوعون الذين شاركوا في الدراسة على تناوُل ثلاث كبسولات يومياً، أي ما بين 700 إلى 1050 مليجراماً من مستخلَص حبوب البن الخضراء كل يوم، بينما تناول آخرون كبسولات غُفل خالية من أية محتويات غذائية حقيقية. وبعد أن أخذ المشاركون استراحةً دامت أسبوعين، انتقلوا إلى مرحلة أخرى من الدراسة يتبادلون فيها الأدوار. ولم يُغير المشاركون كميات السعرات الحرارية التي درجوا على استهلاكها. لكن أوزانهم ونسبة الدهون في أجسامهم كانت تنقُص كلما زادت كمية استهلاكهم لمستخلَص حبوب البن الخضراء. وكانت المحصلة النهائية أنْ أنقصوا جميعهم نسبة الدهون في أبدانهم بمعدل 16%. ولاحظ الباحثون أنه من أصل 16 متطوعاً، انتهى الأمر بستة مشاركين إلى تحقيق مؤشر كتلة جسمية نقلتهم من فئة «زائدة الوزن» إلى فئة «المتمتعين بوزن صحي طبيعي». ولعل الشيء الوحيد الذي عابه المشاركون على مستخلص حبوب البن الخضراء هو مذاقه شديد المرارة، لدرجة أنه يصعب ابتلاعه دون شُرْب الكثير من الماء. ويقول فينسون «من حسن الحظ أن مستخلص حبوب البن الخضراء متوافر مسبقاً في عدد من الصيدليات والمحال بأسعار رخيصة ويمكن الحصول عليه بوصفة ودون وصفة». وقد يؤدي هذا الأمر في حال تعزيزه وتأكيده بدراسات أخرى أوسع نطاقاً، وتبنيه من قبل أنظمة صحية معتمدة وموثوقة إلى سحب البساط من تحت أقدام صُناع أدوية التخسيس الصناعية والطبيعية المتداولة حالياً بسبب الفرق الكبير بين تكلفة هذا المستخلَص وباقي الأدوية. تخوف مشروع قُوبلت نتائج دراسة الدكتور فينسون بتخوف وتحفظ من بعض الباحثين والفاعلين في الأوساط العلمية والبحثية. فالدكتور جيرالد فايسمان، طبيب وعالم كيمياء حيوية من جامعة نيويورك، يقول «هذه الدراسة بادرة بحثية واستباقية طيبة». لكنه يُضيف بالقول إن خبراء التغذية يحتاجون إلى الحصول على ضمانات وتأكيدات أقوى تُفيد أن حبوب البن الخضراء لا تتسبب في سوء امتصاص المكونات الغذائية الضرورية داخل الأمعاء. فلو افترضنا أن هذه الحبوب تؤدي إلى إنقاص الوزن بسبب تقليلها القدرة على الاستخلاص اللازم لفوائد المكونات المغذية لما نتاوله من طعام، فذلك يعني أن إنقاص الوزن سيتصاحب مع سوء التغذية، ما قد يؤدي إلى اضطراب دقات القلب، ويُشوش على نُظُم نقل الشارة الكهربائية في عضلة القلب، والتأثير سلباً على أداء وظيفة ضخ الدم. بالإضافة إلى احتمال التسبب في مشاكل صحية أخرى بسبب نقص الفيتامينات والمعادن. ومن جهته، يعلق الدكتور أرثور جرولمان، عالم صيدلاني بجامعة «ستوني بروك» في نيويورك، «تحتوي حبوب البُن على قرابة 250 مادةً كيميائيةً مختلفةً. بعضها له آثار إيجابية على صحة الإنسان، والبعض الآخر له آثار سلبية». وعلى الرغم من أن فينسون اعتبر مركبات البوليفينول وحمض الكلوروجينيك عوامل محتملة تُساعد على تخسيس الوزن، فإن جرولمان يقول إن هذه الفرضية تحتاج إلى المزيد من التمحيص والتدقيق. ويُضيف «لا بُد من القول في الوقت نفسه إن استهلاك مُستخلَص يحتوي على المواد الكيميائية الجيدة والسيئة في تركيز مكثف هي شيء لا يُنصَح بالقيام به إلى الآن». واتفقت تعليقات عدد من الباحثين والعلماء الذين حضروا الاجتماع الذي عُرضت فيه نتائج دراسة فينسون على أن التخوف الوحيد والتحفظ المشروع على هذه الدراسة هو احتمال تأثير استهلاك حبوب البن الخضراء سلباً على امتصاص جميع المكونات الغذائية التي يحتاجها الإنسان، فالقهوة الخضراء قد تُصبح إذا ثبتت صحة هذا التخوف مضرةً أكثر منها نافعةً. هشام أحناش عن «لوس أنجلوس تايمز»