فوكوكا (وكالات)
قال كبار المسؤولين الماليين لمجموعة العشرين أمس: إن التوترات التجارية والجيوسياسية «تفاقمت» إلا أنهم لم يعبروا عن حاجة ملحة لحلها في بيان ختامي صدر أمس، تضمن تحسين قواعد الضرائب العالمية على عمالقة التكنولوجيا.
وقال البيان: إن «النمو العالمي يستقر فيما يبدو، ويتوقع بشكل عام أن ينتعش النمو بصورة طفيفة في وقت لاحق خلال العام الجاري وفي 2020». وأضاف: «إلا أن النمو مازال منخفضاً، ولا تزال المخاطر تميل إلى الاتجاه النزولي، والأهم أن التوترات التجارية والجيوسياسية تفاقمت واشتدت، وسنواصل التصدي لتلك المخاطر على أهبة الاستعداد لاتخاذ مزيد من الإجراءات».
وقال وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير أمس: إن المفاوضات «نجحت في تجنب وقوع قطيعة» بين الصين وأميركا، موضحاً أنه رغم الاتفاق على ضرورة إصلاح منظمة التجارة العالمية، إلا أنه فيما يتعلق بقضايا مثل تحديث إجراء تسوية المنازعات الخاصة بالمنظمة، فإن التوصل إلى «حل كامل» في هذا الشأن لم يكن ممكناً.
الحمائية تضر النمو
من جانبه، حذر وزير المالية الصيني، ليو كون من أن الحمائية ستضر بالنمو العالمي، داعياً الأطراف كلها إلى التعامل بشكل متكافئ ومنطقي في الصراعات التجارية، مؤكداً أن الحكومة ستتخذ إجراءات مهمة في سياستها للإصلاح والانفتاح لتعزيز الاقتصاد الصيني، الذي ينمو بشكل واسع هذا العام.
وأكد مشاركون أن الاجتماع شهد «مناقشات معقدة» خلال صياغة النص الختامي بسبب خلافات بين الولايات المتحدة والدول الأخرى الأعضاء في المجموعة، كادت تجهض إصدار البيان الختامي، وأدت إلى حذف فقرة مقترحة من الصيغة النهائية للبيان عن «الاعتراف بالحاجة الملحة لحل التوترات التجارية»، أدرجت في مسودة سابقة تمت مناقشتها السبت. ويظهر حذف الفقرة، الذي قالت المصادر إنه جاء بإصرار من الولايات المتحدة، رغبة واشنطن في تجنب أي عوائق بينما تزيد الرسوم الجمركية على السلع الصينية.
أميركا لن تتأثر
وقال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين أمس الأول: إن النزاع التجاري لن يؤثر على النمو الأميركي، وإن الحكومة ستتخذ إجراءات لحماية المستهلكين من زيادة الرسوم الجمركية. وأضاف أنه من المقرر أن يلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنظيره الصيني شي جين بينغ في أوساكا باليابان يومي 28 و29 يونيو.
ووصف منوتشين القمة المزمعة بأنها تحمل أوجه شبه مع اجتماع عقده الرئيسان في الأول من ديسمبر في بوينس آيرس، عندما كان ترامب بصدد زيادة الرسوم على سلع صينية قيمتها 200 مليار دولار.
وكان اجتماع بوينس آيرس في 2018 أطلق هدنة تجارية مدتها 5 أشهر بين الولايات المتحدة والصين لإتاحة الفرصة لمفاوضات بين البلدين لإنهاء الحرب التجارية المتصاعدة. إلا أن تلك المحادثات واجهت مأزقاً الشهر الماضي، ما دفع الجانبين إلى تبادل فرض مزيد من الرسوم الجمركية على السلع مع اقتراب النزاع من نهاية عامه الأول.
وفي اجتماع بوينس آيرس، وصف زعماء مجموعة الـ20 التجارة والاستثمار الدوليين بأنهما «قاطرتان مهمتان للنمو والإنتاج والابتكار وتوفير الوظائف والتنمية، ونقر بالإسهام الذي قدمه النظام التجاري المتعدد الأطراف (للوفاء) لهذه الغاية».
كما تعهد وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية في دول مجموعة العشرين أمس بـ«مضاعفة الجهود لسد الثغرات التي استغلتها شركات التكنولوجيا العملاقة مثل فيسبوك وجوجل لخفض مدفوعاتهم من ضرائب الشركات». واتفق كبار مسؤولي المالية بمجموعة العشرين على وضع قواعد مشتركة في هذا الصدد بحلول 2020، بحسب البيان النهائي لقمة المجموعة. وهي خطوة قد تتحقق بسبب تغير موقف الولايات المتحدة التي عرقلت المفاوضات بهذا الخصوص لسنوات.
وقال المسؤولون: «تتعهد المجموعة بمواصلة التعاون من أجل نظام ضرائب عالمي نزيه، ومستدام وعصري». وأضاف: «نرحب بالإنجازات التي تمت مؤخراً فيما يتعلق بالشفافية بشأن الضرائب، بما في ذلك التقدم في التبادل التلقائي لمعلومات الحسابات المالية من أجل أهداف تتعلق بالضرائب».
وجاءت محادثات وزراء المالية وحكام المصارف المركزية في دول مجموعة العشرين أمس لتمهيد الطريق أمام قمة قادة دول مجموعة العشرين في أوساكا أواخر يونيو.
لاجارد تدعو لإعطاء الأولوية إلى حل الخلافات التجارية
حذرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاجارد، أمس، من أن الخلافات التجارية تشكل «الخطر الرئيس» على الاقتصاد العالمي، مشددة أن حرب الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والصين قد تضر بأي انتعاش اقتصادي، ودعت مجموعة العشرين للاقتصادات الرئيسية إلى إعطاء الأولوية لحل النزاعات التجارية لتخفيف المخاطر التي تهدد النمو العالمي.
وقالت لاجارد التي شاركت في اجتماع المسؤولين الماليين لمجموعة العشرين، إن «الخطر الرئيسي ناجم عن الخلافات التجارية المتواصلة». وأضافت: «لتخفيف تلك المخاطر، فإن حل النزاعات التجارية الحالية يجب أن يأتي في مقدمة الأولويات، بما في ذلك إلغاء الرسوم القائمة وتفادي رسوم جديدة»، مؤكدة ضرورة العمل أيضاً على تحديث نظام التجارة الدولية. وأكدت: «سيكون ذلك أفضل طريق أمام صناع السياسات لإضفاء مزيد من اليقين والثقة على اقتصاداتهم، ولمساعدة النمو العالمي، لا عرقلته».
وكان صندوق النقد الدولي حذر الأسبوع الماضي من أن الخلاف التجاري سيقلص النمو العالمي في العام المقبل، وشهدت الأسواق المالية موجة بيع كبيرة مع توتر العلاقات الأميركية الصينية.