عملاء يطالبون بضوابط لمواجهة تأخر تسليم المشروعات العقارية
طالب مشترو عقارات شركات التطوير العاملة بالدولة بوضع حد لأزمة تأخر تسليم وحداتهم السكنية، مشيرين إلى تحملهم خسائر مالية نتيجة تراكم الفوائد البنكية.
ولكن مطورين ألمحوا إلى “مبالغة” المشترين في جانب التأخير الذي لم يمتد في حالات معينة لفترات زمنية طويلة، لاسيما بأبوظبي.
وقال خبراء ومسؤولون بالقطاع العقاري إن تأخر تسليم بعض المشاريع العقارية غالبا ما ينتج عن سوء تقدير وتخطيط المطور، مشيرين إلى أن كثيرا من المطورين غالبا ما يعلنون عن مواعيد التسليم، بناء على إنجاز المقاول لأعمال البناء، دون التأكد من جاهزية البيئة المحيطة بالمشروع وأعمال البنية التحتية.
وأوضح هؤلاء أن عملية التسليم نفسها غالبا ما تمر بمراحل تستغرق بعض الوقت، مشددين على أهمية الشفافية في إعلان مواعيد التسليم النهائية، وضرورة إخبار العملاء عند حدوث أي تطورات في هذه المواعيد، للحفاظ على ثقة العملاء في الشركات، وفي السوق العقارية بوجه عام.
ومن جانبهم، رأى مقاولون أن تأخر التسليم لا يرجع في المقام الأول إلى المقاولين، موضحين أن شركات المقاولات لا تواجه أية ضغوط في حجم الأعمال يمكن أن تدفعها لتأخر التسليم مثلما كان يحدث وقت الطفرة العقارية قبل نحو عامين.
وقال هؤلاء إن المقاولين يلتزمون بالإنجاز طالما تتوافر بقية الشروط، وأهمها التزام المطور بسداد الدفعات المستحقة عليه للمقاول في الوقت المحدد، مشيرين إلى أن بعض حالات التأخير تحدث كنتيجة طبيعة لتأخر المقاول في تحصيل أمواله لمواصلة أعمال البناء.
شكاوى مشترين
المستثمرون من جانبهم طالبوا بتدخل أي من الجهات المسؤولة لمساعدتهم في حل أزماتهم الناتجة عن تأخر التسليم.
وقال صالح محمد صالح “اشتريت شقة سكنية منذ شهر مايو 2006 بسعر 1.3 مليون درهم، وكان من المقرر تسليم الشقة خلال شهر أبريل 2009، وبناء على ذلك تم تحصيل المبلغ من البنك، وأتحمل الفوائد منذ شهر يونيو من العام الماضي”.
وتابع صالح “سددت منذ شهر يونيو الماضي نحو 300 ألف درهم كفوائد للبنك، ولم أتسلم مفاتيح الشقة حتى الآن، ولم تبد الشركة أسبابا للتأخير”.
وقال “تأخير الشقة يضاعف خسائري، حيث يحول ذلك دون استفادتي منها سواء بالسكن فيها وبالتالي توفير سعر الإيجار الذي أدفعه في سكني الحالي، أو من خلال عرض الشقة للتأجير أو البيع مباشرة”.
وأكد صالح أن الشركة ترفض مجرد زيارته للعقار لرؤيته على أرض الواقع، مطالبا بتدخل الجهات الرسمية لتنظيم العلاقة بين الشركات والعملاء ووضع ضوابط محددة تضمن حقوق الطرفين.
وقال محمد الحمادي “اشتريت فيلا في أحد المشاريع العقارية خلال شهر أغسطس 2009، على أن يتم التسليم خلال شهر مارس 2010، إلا أنني فوجئت بتأخير التسليم حتى يونيو ثم بعد ذلك حتى ديسمبر، في الوقت الذي بدأ فيه البنك باحتساب فوائد على القرض منذ توقيع العقد، ودون استفادتي من الوحدة حتى الآن”.
وقالت ياسمين حكمت “قررت شراء شقة في أحد المشروعات بإحدى الإمارات الشمالية خلال شهر يونيو 2008، وذلك بسعر 450 ألف درهم، حيث وعدتنا الشركة ببدء البناء خلال شهر سبتمبر 2008، ولكن حتى اليوم لم نشهد أي تطور في البناء، مما يعني ضرورة تأخر تسليم الوحدة المقرر خلال العام الحالي”.
وتابعت “عندما طالبت الشركة برد المبلغ الذي سددته والذي يقدر بنحو 150 ألف درهم، رفضت ذلك”.
التزام بالتسليم
ومن جانبه، أكد غسان اليوسف رئيس الجودة التنفيذي ومستشار شركة “بروفايل العقارية” أن الشركة ملتزمة بتسليم وحدات مشروع “مارينا هايتس” بمنطقة المارينا سكوير في جزيرة الريم، في الوقت المحدد، وفور تسلم الوحدات من المطور الرئيسي للمشروع “شركة طموح العقارية”.
وأوضح اليوسف أن بعض الأمور التي تتعلق بأعمال البنية التحتية والكهرباء والغاز، ربما أسهمت في تأجيل التسليم لعدة أسابيع.
وكان طارق حاتم سلطان الرئيس التنفيذي لشركة بنية مطور البنية التحتية الرئيسية في جزيرة الريم أكد لـ “الاتحاد” في وقت سابق أهمية إنجاز جميع الأعمال قبل سكن المشترين بالأبراج المنجزة حالياً في جزيرة الريم.
وقال “من الأفضل إنهاء جميع الأعمال الخارجية الخاصة بالتشجير والزراعة والنظافة وتمهيد الشوارع لضمان عدم إزعاج السكان المقيمين بالجزيرة”.
إجراءات
من جانبه، أكد أسامة غنوم المدير التنفيذي للتسويق في شركة “الدار العقارية” أنه “لا يمكن الحديث عن حدوث تأخر في تسليم الوحدات السكنية قبل مرور فترة زمنية طويلة تصل إلى 6 أشهر أو عام على الأقل”.
وأوضح أنه فيما يتعلق بجميع مشروعات “الدار” فإنها لم تشهد أي تأخير، حيث أعلنت الشركة تسليم وحدات “البندر” خلال شهر يونيو الجاري، مشيرا إلى البدء بالفعل في تسليم الوحدات للمشترين.
وأكد التزام الشركة بافتتاح مدينة عالم فيراري أبوظبي الترفيهية بجزيرة ياس خلال شهر أكتوبر المقبل.
وفيما يتعلق بسوق أبوظبي العقارية، قال إنها لا تعاني أزمات سيولة، موضحا أن أغلب حالات التأخير الطفيفة التي تحدث بالسوق، تكون نتيجة إنهاء الإجراءات المتعلقة بالتسليم والتي قد تستغرق بعض الوقت.
وطالب غنوم الشركات العقارية بالالتزام بالشفافية في الإعلان عن التأخير عند حدوثه، وإطلاع العملاء على أسباب التأخير، بما يحافظ على ثقتهم، مشيرا إلى موقف شركة “الدار” في إطلاع العملاء عند حدوث تأخير في تسليم بعض وحدات مشروع “السوق المركزي” بقلب مدينة أبوظبي، وتفهم العملاء ذلك الأمر.
من جانبه، أكد علي بن سليم الرئيس التنفيذي لشركة هيدرا العقارية ضرورة مراعاة حدوث تأخير في التسليم لأسباب خارجة عن إرادة المطور أحيانا، سواء نتيجة تأخر إجراءات التراخيص أو أعمال البنية التحتية التي تقوم بها أحيانا جهات حكومية أو المطورون الرئيسون كما في جزيرة الريم بأبوظبي.
وشدد ابن سليم على التزام “هيدرا” بإطلاع العملاء على تطور الأعمال بالمشاريع العقارية الجاري تنفيذها، ومواعيد تسليمها، مشيرا إلى لجوء الشركة خلال الفترة الأخيرة، كما حدث بمعرض سيتي سكيب أبوظبي خلال شهر أبريل الماضي، بعرض صور تطور الأعمال بالمشاريع جنبا إلى جنب مع المجسمات التي تظهر المشروع في صورته النهائية.
وتابع ابن سليم “نركز خلال هذه الفترة على الإنجاز والتسليم”، مشيرا إلى اهتمام الشركة بخلق علاقة تقوم على الثقة المتبادلة مع العملاء.
سوء التقدير
ورأى الدكتور فلاح حسن مصطفى المدير التنفيذي لشركة الإمارات والنصر للمباني والإنشاءات أهمية التعاون بين جميع أطراف السوق العقارية لمواجهة أزمة تأخر تسليم المشروعات.
وأرجع الدكتور فلاح تأخر التسليم إلى التخطيط غير السليم وسوء تقدير الإدارة في المقام الأول، موضحا أن كثيرا من المطورين يتعاملون مع التسليم بناء على موعد انجاز أعمال البناء، دون اعتبار لبقية العوامل الأخرى المرتبطة بالبيئة المحيطة وأعمال البنية التحتية بالمنطقة والطرق المؤدية للمشروع.
وقال “على سبيل المثال قد يتم انجاز برج في جزيرة الريم، ولكن عدم افتتاح الطريق المؤدي للمشروع يحول دون سكن المشترين به”.
وأشار الدكتور فلاح إلى تسرع بعض المسؤولين بالشركات أحيانا في الإعلان عن مواعيد للتسليم عبر وسائل الإعلام، دون التأكد من جميع التفاصيل التي يمكن أن تعوق السكن بالمشروع.
مسؤولية المقاول
ولفت الدكتور فلاح إلى تحمل المقاولين أحيانا جزءا من مسؤولية التأخير، مشيرا إلى وجود تقصير أحيانا من بعض المقاولين، الذين يلجأون إلى نقل بعض المواد أو العمالة من مشروع لآخر.
بيد أنه أكد أن ذلك غالبا ما يرجع إلى تأخر المطور في تسليم الدفعات المستحقة للمقاول.
وأضاف أن أغلب العقود ينص على السداد إما خلال 30 يوما أو 60 يوما على الأكثر، إلا أن بعض المطورين يتأخرون أحيانا في السداد لمدد تصل إلى 90 يوما.
وأشار إلياس عبده رئيس مجلس إدارة شركة ويبكو للمقاولات إلى صعوبة تحميل المقاول مسؤولية تأخر التسليم خلال هذه الفترة، حيث لا تواجه شركات المقاولات ضغوطات في حجم الأعمال يمكن أن تدفعها لتأخر التسليم مثلما كان يحدث وقت الطفرة العقارية.
وأكد عبده أن المقاولين يلتزمون بالإنجاز طالما تتوافر بقية الشروط، وأهمها سداد الدفعات المستحقة على المطور.
المصدر: أبوظبي