كشفت دراسة محلية أجريت لقياس تأثيرات كأس العالم على الأسر عن ارتفاع في معدلات الطلاق خلال الفترة التي تعرض فيها المباريات، وازدياد مخاطر تعرض الأسر للخلافات والمشاجرات بنسبة وصلت إلى 47% وهو رقم ينبئ بتأثير قوي للمباريات على الحياة الزوجية. غير أنه يمكن التعامل مع المونديال بطريقة حكيمة تجعله يمر بسلام إذا ما اتبع كل من الزوج والزوجة بعض نصائح الخبراء لجعلها فترة استمتاع لا فترة مشاحنات. يرافق كأس العام، أكبر تظاهرة عالمية تشهدها الكرة الأرضية، تأثيرات أخذت ظلالا واسعة من الاهتمامات لما لها من تداعيات كبيرة على الكثير من الأسر في المجتمعات الحديثة، ويقول خليفة المحرزي، استشاري أسري أجرى دراسة محلية عن تأثير المونديال على الحياة الاجتماعية «47% من الأسر معرضة لمخاطر المشاجرات والخلافات الزوجية أثناء مباريات كأس العالم بجنوب أفريقيا». معدلات الطلاق وتشير نفس الدراسة إلى أن احتمالات ارتفاع «معدلات الطلاق»، بين الأزواج تظل قائمة بنسبة مرتفعة عن غيرها من الأيام الأخرى بسبب التوتر الناجم عن نتائج المباريات. ويضيف المحرزي «صحيح أن مدة البطولة لا تزيد عن فترة شهر من انطلاقها، لكنها تؤدي إلى كارثة زوجية عارمة، لأن الاهتمام بالمباريات ستملأ حياة الكثير من الأزواج، وستستحوذ على جل أوقاتهم ومناقشاتهم وأحاديثهم اليومية، ثم يعود الزوج إلى رشده وبيته وهدوئه المعتاد، فالانكباب على مشاهدة مباريات الكرة وما يصاحبها من حماس التشجيع والفوز والخسارة تزيد من نسبة المشاجرات الأسرية في الكثير من الأسر، فهذه الرياضة التي يفضلها الرجال تسبب غيرة الزوجات اللاتي لا يعرن لهذه الرياضية الكثير من الاهتمام بعكس الرجال الذين يكرسون جل أوقاتهم للجلوس أمام التلفاز والتنقل عبر القنوات المختلفة لمتابعة المباريات والتغطيات والتحليلات الرياضية». قصص واقعية لم تتصور أن ينقلب زوجها إلى وحش كاسر بسبب مباريات كأس العالم، فقد جعلها الشماعة التي يتنفس فيها عن غضبه من خسارة المنتخب الذي يشجعه. هذه تجربة إحدى الزوجات المطلقات أم محمد (32 سنة). إلى ذلك، تقول «كان يتعمد الشتم والإهانة إذا خسر الفريق حتى أخذ يخاصمني عدة أيام دون سبب ما، ويعتبرني السبب في خسارة الفريق». وتضيف «كانت صدمتي كبيرة وأنا أسمعه وهو يتحدى زميله ويراهن على طلاقي في حال خسر الفريق الذي يشجعه، فلم يكن بإمكاني الاستمرار ساعة واحدة مع زوج بهذا النوع لا يحترم أهله ويساوم عليهم من أجل كرة القدم، ولم يكن أمامي خيار سوى الذهاب لبيت أهلي وطلب الطلاق منه». ولأم حمد تجربة أكثر ألماً، خاضتها أثناء مونديال كأس العالم السابق. وعنها تقول «منذ أن اشترك في خدمة استقبال مباريات كأس العالم، وكل ما يفعله زوجي بعد عودته إلى المنزل من العمل أن يجلس بالساعات أمام التليفزيون لمتابعة مباريات كرة القدم». وتتابع «أصبح هذا هو ما يشغل وقته الذي يمضيه في المنزل، فلم يعد يهتم بالحديث معي، بل قل الحوار بيننا إلى درجة كبيرة، وأصبح يؤجل المناقشة أي موضوع ولو كان مهما لحين الانتهاء من مشاهدة المباراة، ما أصابني بالضيق». تقول أم سارة (28 سنة) التي طلقها زوجها لأنها فصلت التيار الكهربائي بطريق الخطأ، أثناء مشاهدته إحدى مباريات كأس العالم الماضي. وتقول «عندما كنت أكوي الثياب في منزلي، وزوجي جالس مع أصدقائه يشاهد إحدى مباريات كأس العالم الماضية والتي جرت بفرنسا، فحدث شرر كهربائي أدى إلى فصل التيار الكهربائي عن المنزل وما أن غادر زملاؤه المنزل للمقهى متذمرين، حتى رمى علي يمين الطلاق، بمنتهى السهولة ظنا منه أني فعلت هذا بقصد طردهم من المنزل». في المقابل، يلفت أبو عبدالله (39 سنة) إلى أنه مع بداية كأس العالم تبدأ المواجهات مع زوجته، ويقول «تصر زوجتي وبشكل متعمد على تغيير المحطة التي تذيع المباراة لتتابع إحدى البرامج التي لم تكن تتابعها من الأصل، المهم أن تغير المحطة بهدف القضاء على استمتاعي بمشاهدة المباريات». كل 4 سنوات يقول المحرزي إن هذه الظاهرة التي تتكرر كل 4 سنوات، لا تنحصر في المنطقة العربية فحسب، وإنما تهدد أكثر من 350 مليون أسرة في العالم أجمع، فالمؤشرات الإعلامية للقنوات الفضائية توضح أن هناك أكثر من 3 مليارات مشاهد تلفزيوني على الأقل لهذا التظاهرة العالمية من خلال القنوات وشاشات التلفاز خلال 33 يوما من المباريات، ويوجد منهم مليار شخص متزوج، والإحصائيات السابقة تؤكد أن 33% منهم قد تعرضوا للخلافات والمشكلات أثناء المونديال السابق، بمعنى أن 350 مليون أسرة ستعيش في دائرة من القلق والتوتر أثناء تلك الفترة، كما تؤكد الدراسات والأبحاث التي قام بها العديد من الباحثين والمختصين في المجال الأسري والخبراء في العلاقات الزوجية كجامعة اكسفورد البريطانية وجامعة هارفارد وبعض الجامعات المصرية. لكن مباريات كأس العالم هذه السنة تحمل الكثير من البهجة، إلى ذلك، يشرح المحرزي «مباريات كأس العالم التي ستجرى بجنوب أفريقيا تحمل الكثير من المتعة والترفيه لشريحة كبيرة من الأزواج والشباب، لكنها في نفس الوقت قد تؤدي إلى نشوب حرب الخلافات والمشاكل داخل البيوت لما لها من تأثيرات سلبية على نفسية كلا الزوجين، فالوضع الراهن في الساحة الخليجية لا يتحمل المزيد من الأسباب المؤدية للطلاق». معطيات البحث بحسب معطيات البحث الذي أجري أثناء «الدورة السابقة لكأس العالم»، وفي الشهرين اللذين تليا كأس العالم يؤكد المحرزي أنه سجل ارتفاعا بنسبة 23% في عدد الحالات اللواتي توجهن إلى المكتب الاستشاري بطلب البدء بإجراءات الانفصال، فالدراسة التي قام بها نتيجة بحث ميداني على 300 زوج وزوجة، وأكدوا أن 84% من الأزواج يتابعون مباريات كأس العالم بشيء من الاهتمام، كما أقرت 67% من الزوجات بتخوفهن من الحالات المزاجية والعصبية التي تنتاب الرجال أثناء مشاهدتهم المباريات، وأن 11% منهن يؤكدن وقوع مشادات كلامية مع الطرف الآخر يتبادل خلالها الطرفان الكلمات النابية والجارحة، في حين أجابت 12% من الزوجات أن المباريات لا تشكل خطرا على حياتهن الزوجية، بينما 70% من الزوجات ليس لديهن الاهتمام بمتابعة المباريات مع أزواجهن في حين أجابت 20.5% من الزوجات أنهن يتابعن المباريات إلى جانب أزواجهن. تغيرات ومتغيرات يذكر المحرزي أهم المتغيرات التي تطرأ على الحياة الزوجية أثناء انطلاق مونديال كأس العالم، فيقول «اتضح من الدراسة أن نسبة حالات الطلاق والتفكك الأسري وضرب الأبناء والزوجات لا تتم إلا خلال تلك الفترة، فنحو 43% من الزوجات يشتكين من تأخر الأزواج إلى ما بعد منتصف الليل خارج المنزل، في حين اشتكت 39% من الزوجات على العصبية والتوتر والانزعاج الذي يسود الأزواج أثناء وبعد المباريات، خاصة إذا تعرض الفريق المفضل الذي يشجعه الزوج للخسارة، فيبقى الزوج منفعلا لفترة ليست بالقصيرة، بينما أشارت 7% من الزوجات إلى لجوء الزوج إلى الصمت وعدم الحديث مع الزوجة فور انتهاء المباراة». نصائح مفيدة يطرح المحرزي بعض الحلول لتفادي تلك الظاهرة مع حلول مباريات كأس العالم، ذاكرا تلك النصائح بنوع من التفصيل «على الزوج الاستعداد والتهيئة النفسية لتوزيع جدول أوقاته اليومية على البيت والزوجة والمباريات، بالاتفاق مع شريكة الحياة على عدم الاقتراب منه أو الخوض في حديث يتعلق بالمنزل أو مشاكل الأبناء عند انطلاق المباراة أو خلالها حتى ينتهي موعد المباراة، وعلى الزوجة ألا تظهر أي تذمر خلال الإعادة التلفزيونية للأهداف لما تمثله من أهمية لزوجها، حتى وإن شاهد الهدف أكثر من 100 مرة. فيما على الزوج أن يتعهد بعدم تفريغ الشحنات الانفعالية وعدم ممارسة الضجر وضيق النفس التي قد تتولد بعد المباراة، في المنزل أو أمام زوجته لفترة من الوقت، وعلى الزوجة توفير بعض المكسرات والعصائر وبعض الوجبات الخفيفة للزوج قبل انطلاق المباراة، وتوفير جو من الهدوء والسكينة في المنزل وخاصة مع إزعاج الأبناء، فهي من أفضل الوسائل التي تحافظ على أعصابه وتحريك عضلات جسده لتخفيف الضغط عليه، في حال تعرض فريق الزوج للخسارة، ويجب على الزوجة أن تتجنب القول لزوجها «إنها مجرد لعبة. أو لا عليك. أو سيفوزون في المرة المقبلة». لأن هذا يزيد من غضبه ويقلل من حبه لها، ورحمة بأفراد الأسرة على الزوج الذي لا يتحكم في أعصابه لا ننصحه بمتابعة المباراة في المنزل بل يذهب لأحد الأصدقاء رأفة بزوجته وأبنائه».