حسام عبدالنبي (دبي)

تسابق دولة الإمارات الزمن للتحول إلى مجتمع خالٍ من التعاملات النقدية (الكاش) وتحقيق هدف الدولة المتمثل بإجراء المدفوعات إلكترونياً من دون استخدام النقد بحلول عام 2021، عبر استخدام المحافظ الرقمية، ويأتي هذا التوجه في ظل إبداء المستهلكين الإماراتيين مزيداً من الثقة في المدفوعات الرقمية (سواءً عبر البطاقات أو الهواتف المتحركة) بدلاً من الدفع النقدي.
وتسعى بنوك الإمارات إلى تقليل التداولات النقدية التي تتجاوز 68 مليار درهم، بنحو 50% عبر مشروع «محفظة الإمارات الرقمية»، الذي أطلقه اتحاد مصارف الإمارات وانضم إليه 16 مصرفاً إماراتياً، والذي يتوقع أن يبدأ العمل قبل نهاية العام الجاري، حيث يتم التفاوض مع عدد من الجهات الحكومية في الدولة وشركات الطيران ومنصات التجارة الإلكترونية، لإتاحة الفرصة لسداد قيمة المشتريات عبر المحفظة الرقمية.

الشمول المالي
تقدم «محفظة الإمارات الرقمية» وسيلة ملائمة وفعالة تتيح للأفراد والشركات في دولة الإمارات سداد المدفوعات واستلامها فورياً، وكذلك حفظ الأموال أو تحويلها، عبر منصة واحدة للدفع سهلة الاستخدام ومتصلة باستخدام الهواتف الذكية وغيرها من الأجهزة المحمولة. وتسعى المحفظة إلى توفير نظام مدفوعات رقمي متكامل يعزز الشمول المالي ويقلّص الاعتماد على طرق الدفع النقدي التقليدية في الدولة؛ إذ يمكن استخدام المحفظة الرقمية لمساعدة شريحة المقيمين البالغين الذين لا يتعاملون مع البنوك والبالغ عددهم 1.3 مليون نسمة بأن يتم تضمينهم بشكلٍ مناسب في القطاع المالي.
وتوقع معالي عبد العزيز الغرير رئيس اتحاد مصارف الإمارات، أن تحقق محفظة الإمارات الرقمية وفورات للاقتصاد الوطني تعادل 240 مليون درهم سنوياً تمثل نسبة 4% من إجمالي التداولات النقدية، وهي تكلفة نقل وتأمين الأموال وغير ذلك لإتمام عمليات الدفع النقدي.
ولفت إلى أن «المحفظة الرقمية الذكية» تم تصمميها لتحل محل النقد ولتكون منصة لجميع المصارف في دولة الإمارات، وتوفر آلية لفتح حسابات فورية لجميع سكان الدولة، ما يتيح لهم إجراء الدفعات وتحويل الأموال عبر أجهزة الهاتف المتحرك والأجهزة المتنقلة. وفي الإطار ذاته، عقد بنك الإمارات دبي الوطني، اتفاقية شراكة جديدة مع بوابة المدفوعات «نقودي» بهدف تمكين الشركات من إجراء المدفوعات الرقمية بمنتهى السلاسة والسهولة لدفع رسوم مجموعة واسعة من الخدمات الحكومية.
وتتيح الشراكة لعملاء بنك الإمارات دبي الوطني (من الشركات)، فرصة الاستفادة من خدمات إضافة الرصيد للمحفظة الإلكترونية والمدفوعات بوساطة القسائم الإلكترونية التي توفرها «نقودي» عبر منصة «سمارت بيزنس» التابعة للبنك، وإجراء المدفوعات الإلكترونية بسهولة لقاء الخدمات التي تقدمها الدوائر الحكومية مثل «دائرة الأراضي والأملاك في دبي» و«الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب»، و«بلدية الفجيرة» والعديد غيرها.
كما تدرس مؤسسات مالية متخصصة في مجال المدفوعات الرقمية توفير الأجهزة والآليات التي تتيح لصغار تجار التجزئة (البقالات وغيرها) تقديم خيار الدفع بالبطاقة (عبر أجهزة الدفع المتحركة) لدى توصيل المنتجات واستلام المشترين لها في منازلهم، بهدف تحويل مشتريات المتسوقين (التي عادة ما يسددون ثمنها نقداً عند التوصيل) إلى مدفوعات رقمية.
وبحسب دراسة أعدتها شركة «روبيني ثوت لاب» فإن استخدام المدفوعات الإلكترونية (الرقمية)، مثل مدفوعات البطاقات والهواتف المتحركة، يحقق منافع اقتصادية بنحو 2.2 مليار دولار (8.08 مليار درهم) سنوياً لصالح المستهلكين وقطاعي الأعمال والحكومة في دبي.
وقالت الدراسة إنه يمكن تحقيق فورات قدرها 200 مليون دولار عبر عاملين هما اختصار زمن العمليات المصرفية والمشتريات والنقل، إضافة إلى تقليص معدلات الجرائم المرتبطة بالتعاملات النقدية. وأوضحت أنه بالنسبة للشركات، يمكن تحقيق وفورات تصل حتى 1.5 مليار دولار نتيجة اختصار زمن إجراء المدفوعات الصادرة والواردة، إضافة إلى تعزيز إيرادات المبيعات الناجمة عن توسعة قاعدة العملاء، سواء عبر الإنترنت أو في المتاجر، منوهه بأن الحكومات يمكنها تحقيق وفورات تصل حتى 500 مليون دولار تشمل زيادة النمو الاقتصادي، وتقليص التكاليف نتيجة للكفاءات الإدارية وانخفاض تكاليف الدعاوى الجنائية، نتيجة تراجع معدلات الجريمة المرتبطة بالتعاملات النقدية.

نموذج الأعمال
وأكد إحسان أحمد، رئيس خدمات المعاملات الدولية في نور بنك، أن السوق الإماراتي يتحول من المنظومة النقدية إلى المعاملات اللانقدية، ولذا يحرص البنك على دعم هذا التحول من خلال مبادرات منوعة ضمن برامج البطاقات مسبقة الدفع، وتعزيز التجارة الإلكترونية، والمحافظ الرقمية عبر عقد شراكات استراتيجية ضمن سلسلة القيمة، مشيراً إلى أن التحول الرقمي يعتبر جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية البنك لتقديم تجربة تعامل متميزة للمتعاملين معه.
ولفت إلى أن البنك أعاد تشكيل نموذج الأعمال في مجال الدفعات ليكون مرناً من خلال الشراكة مع أبرز اللاعبين في قطاع التكنولوجيا المالية.

النزاعات الرقمية
وتوقع أحمد الزعابي، مدير إدارة حماية المستهلك في اقتصادية دبي، تزايد ثقة المستهلكين وشعورهم بالأمان حيال التسوق عبر الإنترنت خلال السنوات القادمة، بفضل تزايد وتيرة تبني المحافظ الرقمية ووجود تقنيات أمان جديدة محسنة وتطور منصات التجارة الإلكترونية.
وأكد حرص اقتصادية دبي على تطبيق الحيادية والشفافية في حل النزاعات القطاع الرقمي، من أجل الخروج بحلول مرضية لكل من التاجر والمستهلك.