صلاح الحفناوي :
شد البطن طوق النجاة؟·· كيف ولماذا؟·· هل يستحق بعض الترهل في جلد البطن كل هذا القدر من الألم والمعاناة·· هل يفجر كل هذا القدر من مشاعر الإحباط؟·· تساؤلات عديدة فرضت نفسها عبر رسالة طويلة جدا من قارئة وصفت نفسها بالمعذبة·· وبـ 'أم العيال' والكثير من الصفات الأخرى· رسالة القارئة ذكرتني بعبارة ترددت على لسان كل جراحي التجميل الذين التقيتهم طوال ما يقرب من ثلاثة عقود: جراحة التجميل بمعناها الحرفي الضيق جدا ليست ترفا·· بل هي بالنسبة للبعض مرادفا للحياة نفسها·· حتى ولو كانت المشكلة تكمن في أنف أفطس أو شفاه غليظة أو صدر صغير أو جلد متجعد أو بطن مترهل· المشكلة تكمن في التأثير النفسي الذي قد يكون مدمرا· وبالنسبة لصاحبة الرسالة فإن بطنها المترهل كان هو الجحيم بعينه·· ولذلك قصة تستحق التأمل·
تقول المعذبة في رسالتها: أنا سيدة في الثلاثين من العمر·· تزوجت قبل 8 سنوات·· وتأخر حملي أربع سنوات عرفت خلالها أنني وزوجي نحتاج إلى العلاج بأسلوب أطفال الأنابيب حتى نرزق بأطفال·· وبالفعل تم ذلك، وبعد عدة محاولات أنجبت طفلي الأول·· ثم من الله سبحانه وتعالى علي بطفلتين توأمتين في الحمل الثاني·· ومن هنا بدأت متاعبي·· كان الحمل صعبا·· وبسبب الأدوية الكثيرة التي كنت أتناولها لتثبيت الحمل انتفخ بطني بشكل هائل حتى أن من كانوا يروني خلال الشهر الثاني من الحمل يعتقدون أنني في الشهر التاسع·· وعندما وصلت إلى الشهر الثامن أصبح بطني كبالون عملاق يوشك على الانفجار بسبب الزيادة غير العادية في السائل الجنيني كما قال لي الطبيب وهو ما اضطره إلى توليدي بجراحة قيصرية قبل اكتمال الحمل· وبعد الولادة لم يعد جلد البطن إلى حالته الطبيعية·· أصبحت مشوهة تماما·· الجلد المترهل يتدلى أسفل البطن بشكل مخيف ويسبب التهابات مستمرة وقرح متكررة خصوصا في مكان الندب الناتجة عن الجراحة القيصرية·· والبقع الحمراء الناتجة عن تشقق الجلد ضاعفت من التشوه·· وفي البداية استسلمت للأمر الواقع باعتبار أن ذلك ثمن بسيط لنعمة هائلة من الله بها علي·· ولكني بدأت اشعر بأن زوجي ينفر مني·· وبدأت مشاعر الغيرة تتسلل إلى نفسي وتعكر صفو حياتي·· وبالتدريج تحولت إلى الجحيم بعينه· كنت كلما نظرت إلى نفسي في المرآة أشعر بالغثيان والتمس العذر لزوجي فتشتعل نيران الغيرة في أعماقي·· أصبحت حياتنا لا تطاق وأصبحت اشعر بالاكتئاب حتى أنني ـ وصدقوني هذا غصب عني ـ أصبحت اكره طفلتي لأنهما سبب كل ما أنا فيه من معاناة· نصحتني بعض الصديقات بإجراء علمية شفط دهون·· قالت صديقة أخرى إنني في حاجة إلى عملية شد بطن·· وقالت ثانية إن هذه العملية خطيرة وتسبب تشوهات جراحية والأهم من ذلك تمنع الحمل· أعرف أن مشكلتي قد تبدو لك تافهة ولا تستحق الاهتمام·· ولكنها بالنسبة لي أصعب ما واجهت في حياتي·· بل هي ما يهدد حياتي· المشكلة الأكبر هي أنني لم استشر أي جراح تجميل بسبب شكوكي التي جعلتني اعتقد أن الجراح قد ينصحني بما لا يناسبني لمجرد إجراء الجراحة والحصول على الأتعاب·· وهي كبيرة جدا في مثل هذا النوع من الجراحات كما علمت·
عرضنا الرسالة على الأستاذ الدكتور مجدي فانوس استشاري الجراحة العامة وجراحة التجميل في مستشفى النور بأبوظبي فبدأ بالتعليق على آخر ما جاء فيها·· قال إن جراح التجميل لا يمكن أن يتخذ قرارا خاطئا تحت أي مبرر لأنه في النهاية من يتحمل النتيجة من سمعته ومكانته وحتى مستقبله المهني·· بل أن الجراح في الكثير من الحالات يرفض إجراء جراحة التجميل لمريض ما لأنه مقتنع بأن ما يطلبه المريض لا يناسبه·· وشكوك صاحبة الرسالة ليس لها ما يبررها وربما ترجع إلى حالتها النفسية التي ضخمت شكوكها في كل شيء·
حمراء وبيضاء
يضيف: الحمل يؤدي إلى شد عضلات وجلد البطن بقوة خصوصا في الأسابيع الأخيرة من الحمل عندما يكتمل نمو الجنين ويصل الرحم إلى حجمه الأقصى·· وفي بعض الحالات التي تعاني فيها الحامل من ضعف في جلد البطن تحدث تشققات جلدية تظهر على شكل مناطق بيضاء أو حمراء·· وبالطبع فإن المشكلة تصبح أكثر وضوحا في حالات حمل التوائم حيث يكون الضغط الداخلي على جدار البطن مضاعفا والشد أكثر قوة وتأثيرا·· ويؤدي ذلك إلى ضعف في عضلات البطن وترهل في الجلد بحيث تأخذ شكل 'القدر' المنفوخ·· ويؤدي تكون ثنيات جلدية عميقة عند بعض السيدات بعد الولادة إلى حدوث التهابات وهو ما يضاعف من متاعبهن·
وشفط الدهون لا يفيد في علاج مثل هذه الحالات لأسباب عديدة أولها أن شفط الدهون يزيد تكرمش وترهل الجلد وليس العكس، وثانيها أن بعض السيدات اللاتي يعانين من ترهل الجلد وعضلات البطن بعد الحمل لا يعانين من البدانة أن تراكم الدهون في الجسم· والحل في مثل هذه الحالات هو الخضوع لعلاج جراحي تجميلي لشد البطن· وجراحة شد البطن من الجراحات التجميلية التي شهدت تطورا كبيرا سواء من ناحية التقنية الجراحية أو من ناحية النتائج التي تحققها وهي من الجراحات الآمنة تماما·
لحظة بلحظة
يضيف الدكتور مجدي فانوس: تجرى علمية شد البطن من خلال شق جراحي عرضي أسفل البطن وأعلى العانة يشبه الشق الجراحي في عمليات الولادة القيصرية·· ويتم عمل شق جراحي دائري حول السٌرّة بحيث تفصل على الجلد المحيط بها تماما·· ثم نقوم بتشريح أو تسليك الجلد مع الطبقة الدهنية عن العضلات، من أسفل البطن وحتى أعلى الصدر وأسفل الثديين بحيث يصبح كل الجدار الجلدي الدهني للبطن مفصولا تماما·
المرحلة التالية من العملية هي مرحلة تقوية عضلات البطن·· ويتم ذلك عن طريق تقريب العضلات من بعضها باستخدام غرز جراحية·· ومن المهم هنا أن نؤكد أننا لا نستأصل أي جزء من العضلات البطنية على عكس الاعتقاد السائد بين الكثيرين والذي يؤدي إلى مخاوف شديدة من العلمية·· كل ما نفعله هو تقريب الضفائر العضلية من بعضها دون إحداث أي شق جراحي فيها·· وهو ما يقلل فترة النقاهة بعد العملية ويقلل كذلك الآلام الجراحية·
وبعد تقوية العضلات البطنية تبدأ المرحلة التالية من العملية وفيها يتم استئصال الجزء الأسفل من جلد البطن أي الجزء من أسفل السرة وحتى أعلى العانة·· هذا الجزء من الجلد يتم استئصاله بالكامل وبالتالي تتخلص السيدة الخاضعة للجراحة من التشققات البطنية المصاحبة للحمل لأنها عادة ما تكون في الجزء الأسفل من البطن·· وبعد ذلك يتم شد الجلد المتبقي وعمل فتحة جديدة للسرة·· وفي نهاية الجراحة يتم إغلاق الشق الجراحي باستخدام الغرز التجميلية·
الغرز التجميلية
* وماذا عن فترة النقاهة؟
* * يقول الدكتور مجدي فانوس: الغرز الجراحية تستمر لمدة 12 يوما ترفع بعدها·· وتستطيع السيدة التي أجريت لها جراحة شد البطن أن تعود إلى حياتها الطبيعية بعد أسبوعين من الجراحة·· وتنصح باستخدام مشد البطن أو ما يعرف بالكورسيه بعد العملية ولمدة أسبوعين·· ومن شأن ذلك بالإضافة إلى فوائده الأخرى أن يقلل من الشعور بالألم·· في بعض الحالات لا تكون هناك حاجة إلى سحب الغرز الجراحية حيث نستخدم خيوطا جراحية تجميلية من مادة معينة لا تتفاعل مع الجسم ويمتصها الجسم خلال شهر ونصف·· والغرز الجراحية التجميلية تعرف بالغرز السحرية حيث أنها تتم من داخل الجلد ولا تترك أي اثر يذكر·
* وهل تترك هذه الجراحة أي أثر أو تشوه؟·
* * المفروض أن جراحة شد البطن هي جراحة تجميلية في المقام الأول ومن غير المنطقي أن تتحول جراحة التجميل إلى مصدر للتشوه·· وعلى سبيل المثال فإننا نختار منطقة ثنية جلدية طبيعية أسفل البطن لعمل الشق الجراحي·· ومع استخدام الغرز التجميلية فإن الجراحة لا ينتج عنها أي تشوه من أي نوع·· بل على العكس فإنها تعيد جدار البطن إلى مرحلة ما قبل الحمل والإنجاب وتنهي أي ترهل أو تهدل فيه·· وحتى الخط الرفيع الناجم عن الشق الجراحي والمخفي في ثنية طبيعية يختفي تماما خلال سنة ويصبح من الصعب اكتشافه حتى مع التدقيق في جدار البطن·
تأخير الحمل
* وهل صحيح أن عملية شد البطن تحرم المرأة من الحمل والإنجاب؟·
يقول الدكتور مجدي فانوس: نحن كجراحي تجميل نفضل أن تجرى عملية شد البطن بعد أن تكون المرأة قد توصلت إلى قناعة بأنها أصبح لديها العدد المناسب من الأطفال ولا تفكر في الحمل مرة ثانية·· وسبب ذلك ليس لان جراحة شد البطن تمنع الحمل والإنجاب نهائيا أو تتعارض معه·· ولكن لأنه ليس من المعقول بعد إجراء هذه الجراحة الدقيقة تكرر تجربة الحمل والتي ستؤدي إلى تكرار مشاكل الترهل والتشقق لتصبح في حاجة إلى علمية أخرى·· ولكن إذا كانت لدى السيدة التي تجرى لها عملية شد البطن الرغبة في الحمل والإنجاب فإننا ننصح بألا يتم ذلك إلا بعد مرور عامين على إجراء العلمية·
* وإذا كانت السيدة التي تجرى لها علمية شد البطن تعاني أيضا من تجمعات دهنية في البطن وتحتاج إلى شفط دهون·· هل تجرى العمليتان معا؟·
* * بالطبع إذا كانت منطقة العملية تحتوي على تجمعات دهنية يتم استئصالها أثناء جراحة شد البطن·· لان تأجيل ذلك لعلمية أخرى يعني أن السيدة ستتعرض لترهل بسيط في جدار البطن عند شفط الدهون·· ولأننا نفضل تقليل الإجراءات الجراحية التجميلية بشكل عام كلما أمكن ذلك باستثناء الحالات المركبة التي تحتاج بطبيعتها إلى أكثر من جراحة كما في بعض أنواع الجراحات التكميلية أو الترميمية·
* وهل تقتصر علميات شد البطن على السيدات الحوامل اللاتي يعانين من الترهلات والتشققات في جلد البطن؟·
* * هذه الجراحة تجرى لكل من يعاني من ترهل شديد في جلد وعضلات البطن أيا كانت أسباب ذلك·· وهي ليست جراحة نسائية·· فالمشاكل الناجمة عن الترهل والثنيات الجلدية يعاني منها الذكور والإناث على حد سواء·
وعلى سبيل المثال فإن بعض الأشخاص الذين يعانون من البدانة المفرطة جدا والذين يخضعون لنظم علاجية سواء طبيعية أو جراحية لإنقاص الوزن بسرعة ومعدلات كبيرة تزيد في بعض الحالات على 40 أو 50 كيلوجراما يعانون من ترهل شديد في جلد وعضلات البطن وبالتالي تصبح هذه الجراحة الحل المثالي لهم·
شد البطن·· لعلاج تشوهات الحمل


المصدر: 0