إعداد وتقديم: عماد فؤاد

تمتاز العلاقة العجيبة التي تربط الناشر بالشَّاعر في عالمنا العربي السَّعيد بمميّزات خاصّة، لا مثيل لها في أيّ مكان آخر من العالم، الشّاعر العربيّ يكتب على الدوام منعزلًا، لا مؤسّسة تقف خلفه ولا جائزة تُرصد لما يَكْتُب. واتحادات الكُتَّاب العربية ليست نقابات للأسف لنتخيّل أنها قادرة على أن تحمي أعضاءها - إن كان هناك اليوم أصلًا من لا يزال يهتم بأن يكون عضوًا باتحاد كُتَّاب بلاده! - لذا فإنّ فصيل الشُّعراء الجدد يُعاملون اليوم من قبل (بعض) الناشرين العرب باعتبارهم «الفئة الضّالة»: هؤلاء الذين لن يأتي من ورائهم لا «مبيعات لافتة» ولا «جوائز» أو «ترجمات» إلى لغات أجنبية.
بصيغة أخرى، يكتب الشَّاعر قصائده ويُكمل مشروعه الشِّعري في الظّل على مدى سنوات، ثم تأتي اللحظة التي يسأل فيها نفسه: أين سأنشر كتابي؟ وحين يتوجّه الشّاعر للنّاشر العربيّ يجد الكيل بمكيالين واضحًا وصريحًا، واحد للرّواية وآخر للشِّعر، ومن الجائز حينها أن يسمع الشَّاعر (الذي تجرّأ على التفكير في إصدار ما كتب) عبارات من قبيل: «الشِّعر لا يبيع»، «الإقبال اليوم على الرواية»، «الجوائز هي التي تحدّد»، وغيرها من المقولات التي يردّدها العديد من ناشرينا العرب اليوم.
والنتيجة؟ يقْبَلُ الشَّاعر العربيّ بأن يُصدر له النّاشر كتابه في عدد نسخ (أقلّ) ممّا لو كان عمله روائيًا، ويقْبَلُ بالحصول على عدد (محدود) من نسخ كتابه، ويقْبَلُ بأن يشتري نسخًا من كتابه من الناشر كـ«مساهمة منه في تكاليف الطباعة»، فتصبح المعادلة كالتّالي: يكتب الشّاعر عمله، يدفع للنّاشر مبلغًا من المال لإصداره أو لا يدفع، المهم أنه سيدفع في النهاية، حين يعطيه الناشر (بعض) نسخ من كتابه، فتختفي بعد أيّام، ويجد الشَّاعر نفسه أمام الناشر وهو يقول: «أريد شراء 100 نسخة من كتابي! و100 بعد 100 يشتري الشَّاعر كتابه، ويوزِّعه على أصدقائه من الكُتَّاب والشُّعراء. والناشر رابح على الدوام، فالكتب موجودة «في المخزن»، وستباع عاجلًا أم آجلًا، المهم أن تكاليف الطباعة عادت آمنة مطمئنة إلى جيبه الدافئ. لا أعرف لماذا بدأت كلامي من هذه النقطة تحديدًا، على الرغم من أن نصوصنا اليوم بعيدة كل البعد عن هذه القضيّة، قريبة كلّ القرب منها في الآن ذاته! المهم أنّنا نقدّم اليوم نصّين شعريين لكلٍّ من «عاطف عبد العزيز» من مصر و «بتول حميد» من البحرين، ونصَّين سرديين لكل من «محمد أبي سمرا» من لبنان و «طارق إمام» من مصر.
لنقرأ أولاً، ثم دعونا نفكّر بعدها معاً يرحمكم الله: كيف لنا أن نصلح مكيالي «الرواية» و«الشِّعر» لدى ناشرينا العرب الكرام؟