أضاف باحثون أميركيون “ممارسة التأمل” إلى قائمة الوسائل والطرق الفعالة لتخفيف الآلام وطرد الأوجاع. فآثاره، حسب الدراسة التي نُشرت في العدد الأخير من مجلة “علم الأعصاب”، تفوق أثر مسكنات الألم الحسي بما فيها تلك التي تحتوي على المورفين. وقد بينت الفحوص المسحية التي أجراها الباحثون أن إشارات الألم تراجعت وخفت لدى المشاركين في البحث بعد تدربهم على ممارسة التأمل. وتتقاطع نتائج هذه الدراسة مع دراسات أخرى تفيد أن تصفية الذهن تُساعد على تقليل الآلام. لكن باحثين وعلماء أعصاب من مركز “وايك فوريست بابتيست” الطبي الذي مول الدراسة قالوا إن الوقت ما زال مبكراً للحديث عن توصيف ممارسة التأمل كبديل علاجي طبيعي لمسكنات الآلام التي يتناولها الكثير من المرضى بهدف تخفيف الآلام التي يعانون منها. وخلال البحث، قام شخص بتدريب 15 متطوعا على تقنية تسمى “تركيز الاهتمام” وتقوم على تخليص الذهن مما يشوبه من أفكار مُلهية أو مُشوشة والتركيز بدلاً عنها على التنفس بعمق. وتلقى هؤلاء المتطوعون أربع حصص تدربوا في كل حصة منها على ممارسة التأمل لمدة 20 دقيقة. وأخضع الباحثون المشاركين قبل البحث وبعده إلى أوضاع مؤلمة نسبياً لمدة خمس دقائق وخمس وخمسين ثانية، وذلك من خلال تحمية جزء من الساق الأيمن لكل مشارك بقطعة قماش تصل درجة حرارتها 49 درجة على مقياس سيلسيوس. وبعد إتمام الحصص التدريبية، بينت قياسات الألم لدى المتطوعين المشاركين أن شدة الألم خفت بنسبة 40% لدى كل متطوع مشارك، وأن درجة عدم الرضا تراجعت أيضاً بنسبة 57%. هذا، علماً أن مسكنات المورفين الشائع استخدامها لا تُقلل الألم إلا بنسبة 25%. وأظهرت مسوح الرنين المغناطيسي التي أُجريت قبل حصص التدريب على ممارسة التأمل أن مركز الألم في الدماغ كان نشيطاً، وأن إشارات الألم كادت تختفي من الجهاز الحسي الجسدي بعد حصة التدريب على التأمل. وخلُص الباحثون إلى أن الألم يخف بدرجة كبيرة بعد ممارسة التأمل، بغض النظر عن تفاوت مستواه من شخص لآخر. إذ يمكن أن يخف بنسبة تتراوح بين 11% إلى 93%. ويقول الباحثون إن اقتصار الدراسة على 15 مشاركا فقط تستدعي التريث وعدم استنتاج خلاصات عامة، ودعوا إلى إجراء دراسات أوسع تشمل أعداداً أكثر وذوي درجات ألم مختلفة. وقد كان عدد المتطوعين للمشاركة في هذا البحث 18 شخصاً، إلا أن الباحثين استبعدوا ثلاثة أشخاص، الأول بسبب عدم إحساسه بالألم من السخونة ودرجة الحرارة العالية، والثاني بسبب حساسيته المفرطة من السخونة والحرارة، والثالث بسبب نومه في جلسات التدريب على التأمل. وتجدُر الإشارة إلى أن نوع الألم الذي ركز عليه الباحثون هو ذلك الألم الحارق الذي يستغرق بضع دقائق، وليس الآلام التي يعانيها مرضى السرطان أو المصابين بالأمراض المزمنة. وأشار الباحثون في نهاية الدراسة إلى أن مثل هذه الدراسات تؤكد أهمية ممارسة التأمل ولو لفترات قصيرة وآثارها الإيجابية ليس على الصعيد النفسي والعصبي فقط، بل حتى على مستوى الشعور بالألم الحسي. وهو ما سيفيد كثيراً الأشخاص الذين يرفضون تناول مسكنات الألم عقب تعرضهم بشكل يومي إلى أنواع مختلفة من الآلام بسب طبيعة أعمالهم أو نمط عيشهم، بل وحتى الأشخاص الذين يعانون من الأعراض الجانبية للتخدير أثناء العمليات الجراحية البسيطة. ويوصي هؤلاء الباحثون بممارسة التأمل بشكل يومي، ولو لدقائق معدودة، لجني ما يُحققه من فوائد على الصحة النفسية واللياقة البدنية. عن “لوس أنجلوس تايمز”