الخرطوم، جوبا، واشنطن (الاتحاد وكالات)- وصل رئيس جنوب أفريقيا السابق ثابو مبيكي، الذي يضطلع بدور الوسيط في المحادثات بين السودان وجنوب السودان، أمس إلى جوبا للقاء رئيس جنوب السودان سيلفا كير غداة تأجيل محادثات جديدة بين البلدين المتجاورين من دون التوصل إلى اتفاق. وقال مبيكي في تصريح صحفي أدلى به في جوبا إنه سيزور الخرطوم أيضا لإعادة طرح فكرة عقد قمة بين كير ونظيره السوداني عمر البشير كانت مقررة في الثالث من أبريل لكنها ألغيت بعد المعارك الحدودية في 26 و27 مارس. وأضاف مبيكي لدى وصوله “جئنا إلى جوبا خصيصا للقاء سيادة الرئيس سيلفا كير والوقوف على رأيه حول التدابير المقبلة التي يتعين اتخاذها في شأن العلاقات بين السودان وجنوب السودان”. وأوضح “نريد أن نناقش هذه الأمور مع الرئيس كير قبل أن نزور الخرطوم في إطار الاستعدادات لهذه القمة”. ويرافقه الرئيس البوروندي السابق بيار بويويا العضو في الوساطة التي تجرى باسم الاتحاد الأفريقي. ولم يتحدد حتى الآن موعد ومكان لعقد قمة جديدة محتملة تعتبر مرحلة كبيرة في التخفيف من التوتر المستمر بين السودان وجنوب السودان منذ استقلال جنوب السودان في يوليو. وفي 26 و27 مارس، خاض جيشا جوبا والخرطوم معارك غير مسبوقة منذ تقسيم السودان، وتخللتها غارات جوية واقتحامات بالدبابات، واستخدم الطرفان المدفعية الثقيلة وتبادلا تهمة شن الهجوم واستمرار العدوان منذ ذلك الحين. وتبادلت الخرطوم وجوبا من جديد أمس الأول تهمة شن الهجوم ، فيما كانت تجرى في أديس أبابا مفاوضات أمنية أرجئت من دون التوصل إلى اتفاق رسمي. وكان مبيكي قال في مؤتمر صحفي أمس الأول بأديس أبابا إن وفد الخرطوم المفاوض طلب من الوساطة مهلة لعشرة أيام بغرض التشاور مع القيادة، بينما وافق وفد الجنوب على ورقة تقدمت بها الوساطة. واعتبر كبير مفاوضي دولة جنوب السودان باقان أموم طلب الوفد السوداني إجراء مزيد من التشاور انسحابا وقال “نحن من جانبنا قبلنا الاتفاق وأبدينا استعدادا على التوقيع وأضاف “كنا نأمل أن يوقع الطرفان ويسترجعا الروح الإيجابية التي سادت في الفترة السابقة”. ودعا وفد السودان لمفاوضات أديس في بيان لفك الارتباط، عملا وليس قولا، بين الجيش الشعبي لحكومة جنوب السودان، وبالجيش الشعبي - قطاع الشمال، ووقف كافة أشكال الدعم له للتوقيع على اتفاق وقف العدائيات. وبررت وسائل الإعلام الرسمية في الخرطوم أمس تحفظ وفد حكومة السودان على مقترحات الوساطة التوفيقية لعدم احتوائها نصا واضحا بشأن دعم الجنوب حركات تمرد دارفور وقطاع الشمال، واعتبر التوقيع على الاتفاق “تحصيل حاصل”. وقال وزير الدفاع الفريق عبد الرحيم محمد حسين للصحفيين عقب عودته من أديس أن الوفد لم يوقع على اتفاق مع الجنوب وأكد الاتجاه لإخضاع مقترحات الوساطة للدراسة، مؤكدا جاهزية الخرطوم لموعد التفاوض القادم. وأكد حسين الخلاف مع دولة الجنوب السودان في اللجنة المشتركة التي كونها لتوحيد المقترحات من الطرفين حول نقاط رئيسية أولاها: أن النقاط الحدودية حولها لم تكن واضحة، مشددا على التزام السودان بحدود الأول من يناير. وأكد الوزير رفض الجنوب الاعتراف بإيوائه أي حركة متمردة، وأكد عدم صلته بالتمرد في جنوب كردفان والنيل الأزرق أو إيوائه مسلحي دارفور. واعتبر عبد الرحيم موقف مفاوضي جوبا يعكس قدرا من عدم الصدق والوضوح، مشيرا لعدم فك الارتباط بين الجنوب و الفرقة التاسعة والعاشرة في النيل الأزرق وجنوب كردفان، وأكد أن رواتب مجنديها لا زالت تصرف من جوبا. وقطع وزير الدفاع بأن الحرب لن تحل الأزمة، وأردف “أي حرب تنتهي بجلوس ومفاوضات، وحريصون على وقف الحرب والانتقال إلى مرحلة التفاوض”. من جانب آخر، دعت الولايات المتحدة الخرطوم وجوبا إلى “وقف المعارك” واستئناف المفاوضات. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية مارك تونر للصحفيين “إننا قلقون جدا” حيال الأزمة الجارية بين السودان وجنوب السودان، داعيا البلدين إلى “ضبط النفس”. وأضاف “نناشد الطرفين وقف المعارك وضمان سلامة المدنيين أولا، ثم حل خلافاتهما برعاية الاتحاد الأفريقي”. من جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون السودان وجنوب السودان إلى سحب القوات العسكرية والشرطة من إقليم أبيي المتنازع عليه وسط مخاوف دولية من أن تتحول الاشتباكات الحدودية المتكررة بين البلدين إلى حرب. وقال بان في تقرير لمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة بشأن الموقف في أبيي على مدار الشهرين الماضيين “استمرار وجود قوات الأمن غير المسموح لها في منطقة أبيي يتناقض أساسا مع روح الحوار البناء والتفاهم”. وقال في تقريره “أود مرة أخرى أن أدعو حكومة السودان وحكومة جنوب السودان إلى سحب قواتهما المسلحة وشرطتهما من منطقة أبيي”. وانفصل جنوب السودان عن السودان في يوليو تموز بعد ستة اشهر من استفتاء اتفق عليه في إطار معاهدة السلام الشامل عام 2005، والتي أنهت عقودا من الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب التي راح ضحيتها اكثر من مليوني شخص. وكان استفتاء مثل هذا مقررا لأبيي لكنه لم يجر حيث لم يتفق الجانبان على من يكون له حق المشاركة في الاستفتاء. ويوجد في أبيي 3800 جندي من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بعد أن سمح مجلس الأمن الدولي بنشرهم في يونيو من العام الماضي. وتعقد الموقف الأمني الهش في أبيي خلال الشهرين الماضيين بهجرة اكثر من 110 آلاف شخص من قبيلة المسيرية العربية ومعهم اكثر من مليوني بقرة و 112 ألفاً من رؤوس الأغنام والماعز. وقال بان إن عدم القدرة على الوصول إلى مصادر المياه والمراعي أدى إلى التوتر بين الرعاة وشرطة جنوب السودان، وعلى صعيد منفصل بين الرعاة العرب وأهالي الدينكا العائدين لكن الاشتباكات أسفرت عن مقتل 11 بقرة تملكها المسيرية.